بعد مرحلة ظل الاشتغال مركزا ولأشهر على محاربة ضروس للسكن غير القانوني٬ تدخل مدينة أكادير في مرحلة جديدة يتم من خلالها إعادة هيكلة الأحياء العشوائية٬ باعتبارها من النقط السوداء التي تسيء بنفس القدر للمشهد الحضري ولجاذبية المدينة. ويؤكد مصدر من الوكالة الحضرية للمدينة أن مقاربة تشاركية جديدة وببعد اجتماعي توجد قيد التنفيذ للتغلب على هذه المشكلة٬ التي توجد أساسا بضواحي المدينة التي أصبحت تعاني من ضغط ديمغرافي قوي. وبتشاور كامل مع ممثلي الساكنة انتهت السلطات المحلية وعلى رأسها والي منطقة سوس ماسة درعة محمد بوسعيد والمنتخبين المحليين ومختلف الفاعلين في المجالين العام والخاص بقطاع التخطيط العمراني٬ مؤخرا من وضع تصاميم لإعادة هيكلة جماعتين متضررتين من هذه الظاهرة٬ وهي دراركة عند المدخل الجنوبي لمدينة أكادير وأورير على الطريق الساحلي المؤدي إلى مدينة الصويرة. تبسيط الإجراءات ويتعلق الأمر بجملة من الإجراءات التحفيزية والمواكبة الممنوحة خصيصا للساكنة التي قامت بالبناء بدون تصاريح على أراضي تمتلكها خارج المناطق المشمولة بوثائق التعمير . وتشدد السلطات المحلية على أن للساكنة المعنية مدة شهر واحد لتسوية وضعيتها بهذا الخصوص٬ أما بالنسبة لمن وقعوا أو من قد يقعون تحت إغراء تشييد مساكن لهم على أراضي العموم أو الأراضي الخاصة المملوكة للدولة أو أراضي الخواص٬ فإن تطبيق القانون سيكون بصرامة وحزم غير مسبوقين. وإلى جانب عمليات الهدم٬ فقد تم اتخاذ عقوبات إدارية ضد المخالفين للقانون سواء كانوا من بين المنعشين العقاريين أو الوسطاء أو وغيرهم ممن قد تسول لهم أنفسهم انتهاك قانون التعمير. وبالفعل٬ فقد نشطت ٬ خلال الأسابيع الأخيرة٬ بجماعتي درارغة وأورير وعند منطقة سفوح الجبال جرافات الهدم المصوبة ضد المباني العشوائية التي شيدت ضدا على القانون فوق أراضي الملك الغابوي أو البحري أو أراضي الغير أما حاليا فإن الاتفاقيات الموقعة تمهد الطريق لإعادة هيكلة الأحياء العشوائية التي بناها السكان على الأراضي التي يمتلكونها٬ وينبغي التذكير بأن هذا النهج ليس جديدا تماما على مدينة أكادير٬ خاصة عندما يتعلق الأمر بمعالجة ملفات التعمير الخاصة بالأحياء التي رأت النور٬ غالبا٬ في غياب التصاميم والمخططات العمرانية٬ إما بسبب الإجراءات المعقدة أو الرسوم الباهظة المفروضة للحصول على رخص البناء٬ خاصة بالنسبة للساكنة المعوزة. ولعل المعالجة التي تم اعتمادها في وقت سابق لملف التعمير الخاص بحي أغروض٬ بقلب المدينة٬ أكبر شاهد على ذلك٬ إذ تم بفضل هذا التدخل المناسب وضع الحد لوضعية جمود إداري وتوتر اجتماعي دامت لسنوات. مقاربة شمولية وحاليا٬ تفرض ذات المقاربة نفسها بقوة للحد من ويلات البناء العشوائي الآخذ في الاتساع خلال الآونة الأخيرة بهذه المدينة. وقد تم في هذا الصدد إبرام العديد من الاتفاقيات من قبل ولاية أكادير والوكالة الحضرية والمفتشية الجهوية للسكنى والتعمير٬ وبمساهمة المجلس الجهوي للمهندسين المعماريين وجمعية مكاتب الدراسات والمراقبة. وسعيا لمعالجة هذه المشكلة٬ وفي خطوة تضامنية قرر كل من المهندسين المعماريين ومكاتب الدراسات والمراقبة تقديم خدماتهم بأسعار رمزية. والهدف من ذلك هو تمكين الساكنة من الاستفادة٬ حقيقة٬ من أسعار مخفضة قصد القيام بما يلزم للحصول على رخص البناء وأيضا الامتثال لشروط السلامة التي تفرضها تصاميم إعادة الهيكلة الموضوعة حديثا. وتبلغ تكلفة التصاميم الهندسية لبناء منزل على مساحة 100 متر مربع 1400 درهم فقط. أما بالنسبة للمباني التي تتجاوز مساحتها هذا القدر فيتم تحديد 7 دراهم للمتر المربع الواحد لفائدة المهندس وأربع دراهم لكل من مكتب الدراسات ومكتب المراقبة. ولتسريع وتيرة تنفيذ الإجراءات المتصلة بالبناء٬ تم إحداث شباك وحيد على مستوى الجماعات٬ فيما تم تقليص الآجال المخصصة لتدبير هذه الإجراءات إلى الحد الأقصى . وتنبغي الإشارة٬ في هذا الصدد٬ إلى أن جهود إعادة هيكلة الجماعة القروية أورير٬ تتجسد أيضا من خلال ربطها بالماء الصالح للشرب وإنجاز شبكة لمعالجة مياه الصرف الصحي. وقد بلغت نسبة وصل الجماعة بالماء الصالح للشرب حوالي 90 في المائة٬ على أن يتم قريبا إعطاء انطلاق أشغال إنجاز محطة لمعالجة المياه والتي ستكون ذات فائدة كبير بالنسبة لمحطة مماثلة سيتم إنجازها مستقبلا بالقرب من منتجع تغازوت باعتباره أحد المشاريع السياحية المندرجة في إطار مخطط آزور. ويصر البعض على أن الأسلوب الصارم والحازم لمعالجة السكن العشوائي٬ لن تكفي لوحدها لوقف الخلل وحل المشاكل الهيكلية التي يفرضها مجال السكن بأكادير. وفي هذا السياق٬ كان الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الشرقي الضريس قد أكد٬ خلال زيارته مؤخرا لمدينة أكادير٬ التزام الدولة باتباع مقاربة شمولية تجمع بين المكافحة الصارمة والحازمة للسكن العشوائي وبين تسريع الجهود الرامية إلى تسهيل الولوج إلى الملكية. وتمنح المقاربة التشاركية٬ المعتمدة حاليا بأكادير والتي ينخرط فيها بفعالية مختلف الفاعلين العموميين والخواص وجمعيات الساكنة٬ المسار السليم لإعادة الهيكلة العمرانية والحضرية للمدينة٬ والمساهمة في ضمان السكن اللائق لشرائح كبيرة من المجتمع.