من خلال تتبع جمعية بييزاج لانتشار ظواهر طبيعية عدة، فقد كشفت المؤشرات والأرقام الأخيرة أن الكوارث الطبيعية آخذة منحا تصاعديا وان الأعاصير والأمطار الطوفانية والفيضانات المصاحبة لها والارتفاع المهول في درجات الحرارة وانخفاضها أصبح السمة البارزة لهذا العصر، كما شكل تساقط الثلوج في فصول غير عادية ظواهر مناخية فريدة من نوعها لم يعهدها العالم منذ قبل بشهادة كبار الباحثين في علم المناخ، وكشفت الأرقام ان حدة الفيضانات تزايدت بشكل مهول في العشرية الأخيرة بالعديد من القارات بحيث لم تستثني أية منطقة مرورا من أسيا الى جنوبها وشرقها واسترالياوأمريكا الجنوبية والشمالية والشرق الأوسط والخليج العربي وأفريقيا، وكان أخرها ما عرفته أوربا مؤخرا من أمطار طوفانية صاحبتها فيضانات لم تعهدها أوربا سابقا خصوصا بدول لها تجهيزات وبنيات تحتية جد متطورة والتي تم تستطع الصمود في وجه المد الفيضاني والأمطار الطوفانية وأغرقت مدنا وقرى وبلدات عديدة وقطعت أوصلها عن بعضها البعض، ويعزي الخبراء البيئيون وعلماء المناخ هذا التحول الطارئ في المناخ الى تعاظم ظاهرة الاحتباس الحراري التي هي في تزايد مضطرد ما لم تتخذ تدابير استعجالية كفيلة بتخفيض الغازات الدفيئة المنبعثة والتي تؤثر سلبا على التوازن الايكولوجي والايكوسيستيم، وأمام هذه الحقائق الجديدة اتخذت العديد من الدول إجراءات احترازية لمواجهة الكوارث الطبيعية التي توثر سلبا على النمو وعلى السير العادي للحياة اليومية وتخلف أضرارا مادية واقتصادية كبيرة. 1- تقارير أممية ترسم صور قاتمة لحجم الأضرار على الصعيد العالمي. قدر تقرير صادر عن منظمة الأممالمتحدة، أن الخسائر الاقتصادية التي سببتها الكوارث الطبيعية منذ عام 2000 قد بلغت ما يقرب من 2.5 تريليون دولار وهو ما يعد مرتفعاً بما يزيد عن 50% عن التقديرات الدولية السابقة، وقد حذر مكتب الأممالمتحدة للحد من مخاطر الكوارث في ذات التقرير أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيضانات والجفاف ستستمر في التصاعد إذا لم تتخذ الحكومات والشركات الملوثة للهواء إجراءات وقائية من أجل الحد من التعرض لحدة تلك المخاطر. الأمين العام الأممي "بان كي مون": استعرض تأثير الخسائر التي سببتها الكوارث في 56 دولة وأتضح أن تلك الأضرار الاقتصادية تعد خارجة عن السيطرة وأنها ستنخفض فقط في حال المشاركة مع القطاع الخاص (الاحتباس الحراري). ويتوقع التقرير أن متوسط الخسائر من الفيضانات والأعاصير الأضرار الناجمة عن الرياح المدمرة فقط سيبلغ ما يقرب من 180 مليار دولار في السنة خلال القرن الحالي، و لم يقدر التقرير بشكل دقيق حجم الأضرار الناتجة عن الفيضانات، الحرائق، الانهيارات الأرضية والعواصف الثلجية والأمطار الطوفانية التي تعد مكلفة جدا، كما تخلف هذه الكوارث أحيانا أخرى في البلدان النامية أضرار بشرية كبيرة في ظرف قصير. 2- إحدى الخيارات المتاحة نتيجة أخر الأبحاث العلمية للحد من الغازات الدفيئة. وقد اهتدى العلماء والخبراء في إطار الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بالغلاف الجوي، في إطار أبحاث يرعاها الاتحاد الأوربي الى سبيل وطريقة لتجميع الغازات الدفيئة بالجو وضخها بالتالي في بباطن الأرض للتخلص منها، وأمام هذه المؤشرات والمعطيات، تبقى سبل اعتماد طاقات نظيفة كما انخرط في ذلك المغرب كرائد على المستوى العالمي، وتعزيز دور الارصاد الجوية ولجن اليقظة وتكثيف الحملات التحسيسية والوقاية من الكوارث الطبيعية إحدى الحلول الأنجع في السياسات الحكومية المتبعة عبر تخصيص صناديق لاعتمادات مالية وعتاد وموارد بشرية مؤطرة ومؤهلة للعمل في حالات الطوارئ للحد من وطأتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. 3- انحراف مشاريع التنمية وهشاشة التجهيزات إحدى أسباب الرئيسية ارتفاع ضحايا الكوارث يجمع جل الخبراء والمتتبعين للشأن البيئي والتنموي، ان خسائر المرتفعة للأرواح تكون ناتجة بشكل أساسي عن انعدام مشاريع وتجهيزات أساسية وانحراف التنمية بالمناطق المتضررة، التي تفتقر الى الحماية والوقاية القبيلة، وليس الى عوامل الطبيعة الاستثنائية فقط، وهو ما يضع المسؤولين وصناع القرار في مجال التنمية أمام محك حقيقي، مقارنة في ذلك حجم الكوارث بين الدول المتقدمة من جهة، والدول النامية حيث تكون نسب الخسائر البشرية مرتفعة جدا في البلدان النامية بمقارنة مع دول أخرى بأوربا او أمريكا، وذلك نظرا لنجاعة الخطط و البنية التحية والتجهيزات الأساسية حيث تقلل من حجم الأضرار البشرية والمادية نسبيا التي تكون في اغلب الحالات الكارثية متوسطة الخسائر المادية مع تسجيل حالات وفيات قليلة جدا، ويعزي الخبراء ذلك الى الفوارق الشاسعة في التنمية والبنيات التحتية التي تلعب دورا وقائيا ومستداما للحد من مضاعفات تقلبات المناخ الفجائية، والتي تثقل كاهل الدول بميزانيات غير متوقعة للطوارئ لتجاوز تلكم الخسائر وهو ما يجعلها تعاني أعباءا إضافية، وتعقد مشاريع التنمية وتغير مساراتها وتعطيل انطلاقتها، لعدم اعتماد مخططات وتصاميم مستقبلية فيما يخص حماية المدن والقرى المعرضة للكوارث خصوصا الفيضانات جراء انتشار الأودية والأنهار وضعف بنيات قنوات الصرف الصحي ومجاري المياه وخلق بنيات حماية ووقاية. وأضاف خبراء ان الأسباب المساهمة في ارتفاع عدد الضحايا ليست الكوارث الطبيعية بل ضعف التجهيزات الأساسية للسدود التلية والسدود الكبرى وقنوات الصرف الصحي مبرزا في الآن ذاته ان استرالياوأمريكا عانت مؤخرا من فيضانات طوفانية وأعاصير مدمرة، لم تحصد أرواحا بالشكل الذي يحدث بالبلدان النامية بالهند وباكستان وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا. مشكل التغيرات المناخية من منظورنا كجمعية بيئية، لاتعنى بمناطق دون أخرى وهو ما يدعونا الى أخذ العبر والاستمرار في المخططات المديرية لحماية المدن والقرى المغربية من الفيضانات والتقلبات المناخية للأمطار الغير منتظمة وحماية السواحل من أخطار موجات المد البحري نتيجة الأمطار العاصفية .نطالب السلطات العليا بالبلد الى فتح تحقيق في ما الت اليه الأوضاع بجنوب المملكة والى محاسبة كل من اخل بالتزاماته تجاه مواطنين في حالة خطر بما تقتضيه ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ندعو الى تعزيز حملات الإعلام والتحسيس بالقنوات التلفزية، والمحطات الإذاعية اثناء نشرات الأرصاد الجوية الانذارية وتعزيز دور لجن اليقظة والطوارئ بشكل استباقي، والقيام بطلعات جوية للدرك والجيش الملكي لمراقبة مسار السيول والأودية الجارفة من منابعها بالجبال ومنع حركة السير الإجبارية على السائقين لحماية ارواح المواطنين، وتعزيز دور المحطات الاذاعية الوطنية ومختلف المتدخلين للحد من الخسائر البشرية المرتفعة التي لاتشرف بلدنا. خلاصة: ومن خلال هذه المعطيات فان جمعية بييزاج للبيئة ترى للمرة الألف رغم تنبيهنا لما يزيد عن سنة ونصف لهذه المصائب والنكبات، انه قد أضحى من واجب الحكومة ومختلف ومختلف المؤسسات الاقتصادية والصناعية المغربية التفكير الجدي في إحداث صندوق باعتمادات مالية وعتاد مادي وبشري خاص بحالات الكوارث والطوارئ للوقاية منها و تخفيف حدتها الناجمة عن التحولات المناخية التي لا تستثني أية منطقة في بقاع العالم والتي يمكنها أن تضرب أية منطقة، والمغرب بحكم موقعه بين تأثيرات مناخية متقلبة معرض لهذه الكوارث والتي ظهرت بوادرها ببعض المناطق مؤخرا كما حصل بمنطقة الغرب وطنجة وسوس سابقا خصوصا الفيضانات وحرائق الغابات، كما يجب تعزيز المراقبة التقنية للسدود القديمة والطرق والقناطر، وفك إختناقات قنوات الصرف الصحي المليئة بالازبال والأتربة بالمدن الكبرى، وحماية السكان المهددين بالفيضانات بجوار الأودية الكبرى وتقوية جنبات الأودية وتعزيز دور السدود التلية لحماية المدن من الفيضانات والوقاية من الانهيارات الجبلية للصخور بالطرق السيارة وتقويتها من انجرافات التربة، كما ندعو الى تكوين ودعم قدرات المتطوعين من جمعيات المجتمع المدني والمواطنين المتطوعين في طرق وأساليب التدخل والمساعدة في حالات الطوارئ والكوارث لتقديم يد العون وتوفير الموارد البشرية الكافية لتقديم المساعدات في هكذا حالات ، ندعو المحكومة الى أخد هذه الأمور على محمل الجد فالمعطيات والمؤشرات لا تقبل الاستهانة بما يقع عبر العالم فالكوارث لا تستثني أية منطقة مادام مشكل الاحتباس الحراري ظاهرة كونية، وفي الختام نسأل الله أن يحفظ بلدنا وان يلطف بنا عند القضاء والقدر.