مأساة إنسانية حقيقية تعيشها طفلة تدعى "هاجر العسريوي" بحي قصبة الطاهر بمدينة آيت ملول، بعد أن فقدت هذه الطفلة ملامح الطفولة منذ ولادتها إلى اليوم حيث تبلغ من العمر حوالي 3 سنوات، فمنذ أن فتحت عينيها وهي تعيش معاناة حقيقية يصعب تصورها نتيجة مرض يصيب الكبد يدعى BYLER مما جعلها تعيش وضعا استثنائيا يصعب تصوره، فهي مرغمة على البقاء عارية طوال اليوم لكون الألبسة تتسبب لها في "الحكة" الشديدة، بعد أن أصبح دمها ملوثا بفعل هذا المرض الخبيث. طفلة بملامح الشيخوخة كانت أولى بوادر المرض تبدو على الطفلة منذ شهرها الثالث، ولكن إدريس الأب الذي كان يقضي معظم وقته كحارس أمن بأحد الفنادق المصنفة بأكادير لم ينتبه لخطورة الوضع، ساهم في ذلك وضعيته المادية المحدودة جدا بحيث كانت أجرته لا تتعدى 1800 درهم شهريا يلتهم منها التنقل ربعها والباقي يتوزع بين مصاريف الماء والكهرباء والمعيشة. كانت الرضيعة في أشهرها الأولى تبدو غير طبيعية بكاء وعويل ونواح يصل الليل بالنهار، ورغبة في حك جسمها النحيف بدأت تكثر مع مرور الشهور، ليلاحظ الأبوين علامات غير عادية على فلذة كبدهما وخاصة حينما تختلي بنفسها وتحصل على آلة حادة سواء خشبية أو حديدية فلا تترك مكانا في جسمها آمنا بما فيها أعضاؤها التناسلية فتنهال عليها بالحك الشديد الذي ينتهي غالبا بسيلان الدم من مواضعه. وأمام هذا الوضع المزعج اضطر بعدها الأبوين لنقلها إلى طبيب متخصص حيث كان الخبر كالصاعقة: "ابنتكما تحتاج عملية جراحية خارج أرض الوطن قيمتها الاجمالية 200 مليون سنتيم وهذه العملية بخصوص زرع كبد جديدة لها، وسبب رغبتها في الحك هو تواجد ميركوبات في دمها مما يسبب لها رغبة في الحك". والدا هاجر بين مطرقة المرض الخطير وسندان ضيق ذات اليد كان هذا التقرير الطبي كافيا ليعود ادريس وزوجته إلى منزلهما والرضيعة كتلة لحم لا تهدأ عن البكاء، ويبدأ مسلسل البحث عن المحسنين، وطرق الأبواب ونشر الاعلانات، ولكن النتيجة كانت واحدة عشرات الآلاف من المرضى عبر العالم يلجؤون لمثل هذه الطرق وبالتالي فالانتظار كان السبيل. اقتنت العائلة الصغيرة أدوية قال عنها الطبيب أنها مهدئة فقط للتوتر الذي يصيب الفتاة والتي تبلغ حاليا ثلاث سنوات من عمرها، ليقف ادريس وزوجته أمام القدر المحتوم: عويل الطفلة الصغيرة يتواصل في كل لحظة، حيث عاينت ذلك "مشاهد.أنفو" أثناء تواجدها بمنزل الأسرة الصغيرة، فالطفلة لا تكاد تأخذ أنفاسها وترتاح قليلا حتى تواصل البكاء. الأم لا تعرف ما تقول في قضاء الله وقدره سوى كلمات قليلة جدا مع رفض أخذ تصريح مصور، تتبعها الكثير من الدموع فهي التي تقضي معها جل الساعات تحسبها بالدقائق والثواني المعدودات، وخاصة إذا لم تتناول ابنتها الدواء فذلك شأن مختلف حيث تهيج هاجر وتصبح مخلوقا آخر. الأب: طفلتي ترتاح بحك جلدها حتى يتقطر دما "ابنتي تعاني كثيرا، وأنا لا أتوفر على تغطية صحية، والمبلغ الذي طُلب مني أعتبره من المستحيل توفيره، فقد طرقت جميع الأبواب ولا أريد اليوم إلا من يتكفل بعلاج ابنتي. ففي بعض الاحيان أرى أن الموت أرحم لها من معاناتها ولكن الأمل في الحياة دائما يحذوني وأتمنى من كل قلب رحيم أن ينظر إلى حالها فهي لا تنام ولاتأكل وحتى إن غفلت فإن السبب واضح ونعلمه جيدا أنا وأمها يكون غالبا هو عثورها على آلة حادة أو شيء خشن لتأخده وتبدأ في حك أعضاء من جسدها به. ويضيف الأب "في بعض الأحيان نغفل عليها فنجد الدماء تنزل من المواضع التي تقوم بحكها، وهو وضع خطير جدا فحتى الملابس لايمكن لهاجر أن ترتديها بحكم أن كل شيء يلمس جلدها يتسبب لها في "الحكة"، قلوبنا تنفطر، ونلعن زماننا لكوننا عاجزين عن توفير العلاج لها". إدريس والد هاجر يتحدث وهو يتمتم كلمات تمتزج بمرارة دموع رجل في نهاية عقده الثالث يبدو عليه أن القدر أدخله دوامة لم يكن يعلم بها، دموع لا يلعم بها إلا من خرجت من أوصاله طفلة تتقطع أوصالها بالمرض الخبيث، تنطفئ شيئا فشيئا كشمعة في غياب تام للمحسنين والمتطوعين الذين قد يتكلفوا بهاجر ويهجروا بها نحو عالم آخر تستطيع العيش فيه بطمأنينة وسلام، حتي يكون من حظها أن تلعب كسائر الأطفال وتنعم بالنوم وترتاح من البكاء. قصة هاجر قد تنتهي بأمرين: محسن يتكفل بها ويخرجها من محنتها وعذابها ويمنحها الحياة، أو (..) وهو ما يخشاه والديها وعليه سيندبون حظهم طوال ما تبقى من حياتهما الزوجية.