حكمت المحكمة الابتدائية بطنجة في 30 يناير المنصرم بثبوت بنوة طفلة ولدت خارج إطار الزواج والحكم على والدها البيولوجي بأداء 100 ألف درهم (10 ملايين سنتيم) كتعويضات للأم عن الضرر الذي لحقها من جراء إنجابها لطفلة من هذه العلاقة الغير شرعية. وحسب موقع ميديا 24 الذي أورد الخبر فإن هذا الحكم يعد سابقة في تاريخ القضاء المغربي حيث أن المادة 148 من مدونة الأسرة المغربية تشير إلى أنه لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية، وبالتالي فإنه لم يكن من الممكن قبل هذا الحكم الفريد من نوعه الاعتراف بنسب الأطفال المولودين خارج إطار مؤسسة الزواج. وتعود تفاصيل القضية إلى أواخر السنة الماضية عندما رفعت سيدة دعوى قضائية أمام قسم قضاء الأسرة بطنجة جاء في مضمونها أنها أنجبت طفلة من المدعى عليه، خارج إطار الزواج، ورفض الاعتراف بها، حيث التمست من المحكمة الحكم ببنوة البنت لأبيها وأدائه لنفقتها منذ تاريخ ولادتها. ولجأ المدعى عليه إلى ما تتيحه فصول مدونة الأسرة في هذا الباب، إذ أجاب بكون النسب في المدونة لا يثبت إلا بالزواج الشرعي حتى وإن أثبتت الخبرة الطبية المدلى بها في الملف أنه الأب البيولوجي للطفلة، مشيرا إلى أن حالته لا تمت بصلة لما ينطبق على العلاقات الشرعية. ولم تقف المحكمة أمام هذا المعطى، إذ تجاوزت، وبشكل جرئ، الاحتكام لمقتضيات مدونة الطفل، واعتمدت على نصوص دولية ومن دستور 2011، حيث التجأت إلى مواد من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب بتاريخ 21.6.1993، والتي توجب على القضاء تفضيل مصلحة الطفل أثناء وقوع النزاعات المتعلقة بهم، فضلا عن التنصيص على أن الطفل من حقه معرفة والديه البيولوجيين وتلقي رعايتهما. ولم تكتف المحكمة بهذا الحد بل نظرت أيضا إلى ما تقوله الاتفاقية الأوروبية بشأن حماية الطفل الموقعة بستراسبورغ بتاريخ 25.1.1996 والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 27.3.2014. إذ تنص الاتفاقية في فقرتها الأولى من المادة السادسة على قيام السلطة القضائية، في حالة الإجراءات التي تشمل الطفل، بدراسة كافة المعلومات قبل اتخاذ القرار. أما فيما يتعلق بالدستور الجديد، فقد ارتأت المحكمة الاستناد في قرارها على الفقرة 3 التي تنص على أن الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الاطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعهم العائلي. وأمام هذه المعطيات، حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا وحضوريا، بثبوت البنوة بين الطفلة وبين المدعى عليه اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية المذكورة، والتي أثبتت وجود علاقة بيولوجية بينهما. وفي حالة الأم، حكمت لصالحها بتعويض محدد في 100 ألف درهم يدفعه المدعى عليه نتيجة مساهمته في إنجاب الطفلة. غير أن المحكمة رفضت طلب الأم الحصول على النفقة وعللت ذلك بكون طلب النفقة غير مرتكز على أساس قانوني ذلك أن أسباب وجوب النفقة على الغير هي الزوجية والقرابة والالتزام طبقا للمادة 187 من مدونة الأسرة، وأن البنوة الغير الشرعية لا يترتب عليها بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية بصريح نص المادة 148 من نفس المدونة مما يتعين عليه رفض الطلب.