قاع أسراس القرية الساحلية بغمارة التي تعتبر من بين النقط البحرية المعدودة على رؤوس الأصابع التي لا تزال تزخر بمخزون سمكي مهم ، حيث أصبح قطاع الصيد البحري التقليدي فيها يعيش تحت رحمة بعض التماسيح و العفاريت منذ سنوات، حتى أضحى محيطها بضفاف البحر الأبيض المتوسط معرضا للإستنزاف بعدما دق البحارة التقليديون في هذا القطاع ناقوس الخطر بخصوص ما ستسفر عنه الجرائم المرتكبة في حق الثروة السمكية . وبهذا فإن وزارة أخنوش تتعامل مع هذه الوجهة البحرية وكأنها لا تدخل في خريطة المملكة البحرية ، وذلك بعدما إتضح للجميع تواطؤها مع لوبيات لا تخدم سوى مصالحها الخاصة . ليس من قبيل المجازفة القول إن الثروة السمكية بقاع أسراس أصبحت مهددة بالانقراض . ومبعث هذا التخوف ليس جديدا، فقد سبق للمهنيين أن حذروا قبل سنوات من الآن في لقاءات تواصلية عدة من مغبة استنزاف المجال البحري لساحل غمارة . من هنا تبدو مثل هذه الدعوات ضربا من الخيال ونوعا من المزايدات، لكن اليوم لم يعد هناك مجال للتهرب من الحقيقة التي يريد المسؤولون بقطاع الصيد البحري التقليدي إخفاءها بالكثير من القوانين. القاعدة تقول إن القانون يأتي بعد أن يكون الداء قد وصل إلى مراتب متقدمة، وداء البحر إذا شئنا الدقة أكثر، وصل إلى مسام الاقتصاد بالمنطقة التي أصبحت نقطة صيد مصنفة وطنية ، وصار مع توالي الأيام يهدد المئات من العائلات بالكساد بسبب جشع أباطرة البحر الذين يفعلون كل شيء للحفاظ على امتيازاتهم كاملة . تارة يواجهون مشاريع القوانين بشراسة غير مفهومة وتارة يلتفون عليها داخل غرف الصيد البحري التقليدية والساحلية ، ويجنون من وراء ذلك الملايير من الدراهم سنويا، أما سلطات المراقبة، فلا عين رأت ولا أذن سمعت إلا من رحم ربك . ثمة ما يشبه الإجماع أن الباخرات ذات الجرار التي تصطاد في البحر قرب الشاطئ تعد العدو الأول للبحر ولبحارة بقاع أسراس ، ليس لأنها تصطاد أثمن وأغلى الأسماك، بل لأنها تدمره وتجرف كل شيء في رحلة البحث على أكبر نسبة من الربح، بدءا بقتل الأسماك الصغيرة ورميها في البحر ومرورا بالتحايل على القانون من أجل اصطياد أكبر حصة ممكنة من الأسماك ووصولا إلى احتكار حصة الأسد من الكوطا المخصصة للصيد بكل تفرعاته السمكية . في هذا الصدد ، نتوقف عند أهم الخروقات التي تطبع ملف الصيد البحري التقليدي بالمنطقة ، خاصة فيما يرتبط بالصيد في المسافة الممنوعة للصيد لهاته الباخرات ، واصطياد الأخطبوط والمافيات المتشعبة التي تتحكم في البحارة وفي المحصلة: قاع أسراس باتت قريبا جدا من فقدان مخزونها السمكي بطريقة تبعث على الكثير من الغرابة . هنا نطرح السؤال الخطير: هل سيصبح ساحل غمارة بدون ثروة سمكية ؟ كيف أصبحت الثروة السمكية بالمنطقة مهددة بالانقراض ؟هل تتورط لوبيات الصيد في استنزاف الخيرات البحرية ؟ يحدث أن يكون القانون هو نفسه من يحمي منتهكيه، تارة لأنه يترك لهم فراغات وبياضات كثيرة، يعبثون بها كما يشاؤون، وتارة يعجز عن مسايرة حيلهم وخططهم . الصيد البحري التقليدي يشغل بالمنطقة نسبة كبية تجوازت المئات بشكل مباشر وغير مباشر، تستفيد منه عدة شرائح اجتماعية ويساهم بالتالي في خلق رواج اقتصادي بالمركز . وإذا عرفنا أن هذا القطاع أكثر حرصا على المجال البيئي وكذلك الثروة السمكية، ونظرا لتخصص قوارب الصيد التقليدي في صيد أنواع معينة من الأسماك خاصة الأخطبوط فيشتكي المهنيون من انخفاض الحصة (الكوطا) المخصصة لهذا النوع، ونظرا لهيمنة لوبيات الصيد في أعالي البحار والصيد الساحلي على حصة الأسد من الثروة السمكية . فهل يا ترى تبقى الباخرات أمام أعين السلطات النقمة التي إبتلي بها ساحل غمارة ؟