بدأ بالتحية.. وأي تحية ؟! فقط كانت هزة رأس، كأنه يكمل بها المباركة، كأنه يؤكد برفع القبعة بأنه يعرفني، يحاول إيحائي بانني وجه مألوف، بكل بساطة تلتها آبتسامة خفيفة، بسمة خجولة لا تحمل اي دفء، بها اكتملت طلة التحية والجلوس، لم أتردد في التساؤل، من هو؟ من يكون؟ وفي نفس اللحظة سهوت أبحث، بين احداث ما طواه الزمن، وما بقي بذاكرتي مخزنا، لكني فشلت! لم أجد اي اثر لصورة هذا الرجل في ذاكرتي، انتابني الهذيان، ثم رحت اقنع نفسي بأنه صورة من زمن الطفولة، بعد وقت ليس بطويل، استدار الرجل وحاول الكلام، ثم قال انتظرت طويلا، مدة لا تقل عن سبعة عشرين سنة، تسارعت انفاسي محاولة أن أرد، اقول اي كلام! وما علاقتي بالموضوع؟ وما هي هي إلا لحظة، ونادت علي الممرضة للدخول عند الطبيب، انصرفت ولم انطق باي كلمة، سوى نظرة عطف، اختلطت بها عدة احاسيس انستني ألمي الذي اتيت من أجله عند الحكيم، طالت جلستي مع الطبيب وما بين أسئلة تشخيص مرضي وتوضيحاتي ظلت صورة الرجل أمام عيني وكانت لحظة صمت عندما انحنى الطبيب يكتب على وصفته، كنت ألتفت إلى الباب كأنني أتحسس ذالك الشخص وراءه تسلمت الوصفة من الطبيب وودعته وخرجت وكنت اتوقع لقائي مرة أخرى بالرجل فوجدته أمامي ينتظر دوره كان بنفس الابتسامة ينظر الي، يكاد يحتضنني بعينيه إلا أنه لاحظ اندهاشي وفهم ترددي حيال موقفه وجعلني أتجرأ ان أخاطبه: من تكون؟ فأنا لا أعرفك أعتذر لك. فأجاب: أنا الذي أعتذر انا لا أعرفك وانت لا تعرفينني . لكن هذه اللحظة من خلال ملامح وجهك أعادتني إلى الماضي عندما كانت لي ابنة في مثل سنك و بنفس تقاسيم وجهك وضللت انتظر عودتها بعد ان غابت، تخيلتها عندما رأيتك وأحسست لحظة ذالك اللقاء الذي سيجمعني بها، تلك اللحظة التي أنتظرها منذ زمان وسأضل أنتظرها، نظرت إليه وأحسست أنني قد عشت معه لحظة أمل .