تحولت أنظار الجيل الحالي من الجهاديين إلى انتقال مركز القيادة من أفغانستان إلى العراقوسوريا إن التركيز على أبي مصعب السوري، هو من أجل معرفة نتائج التحول في القيادة من أفغانستان إلى البلدان العربية وخصوصا الشام مع أبو مصعب والعراق مع أبي بكر البغدادي. ولهذا تأثيره الكبير في التحولات التي يعرفها الجهاديون. فأبو مصعب السوري هو مصطفى الرفاعي درس في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة حلب والتحق سنة 1980 بتنظيم الطليعة المقاتلة الذي أسسه مروان حديد في سورية، وهو الجناح المسلح للإخوان المسلمين . وهاجر إلى الأردن إثر انتكاسة المواجهة المسلحة مع النظام السوري. والتحق بتنظيم الإخوان المسلمين، وعمل مدربا في الجهاز العسكري للتنظيم في قواعده في الأردن، وفي معسكراته في بغداد 1980- 1982 وعرف أيامها باسم أبو العبد. وتلقى عددا من الدورات العسكرية بإشراف ضباط فارين من الجيش السوري في الأردن . كما تلقى تدريبا لدى الجيش العراقي في بغداد والنظام المصري في القاهرة . حيث كان الإخوان المسلمون قد استفادوا من صراع النظام العراقي والمصري مع النظام السوري في حينها . وتخصص في علم هندسة المتفجرات وحرب عصابات المدن والعمليات الخاصة . وأثناء معارك حماة سنة 1982 . عينت قيادة تنظيم الإخوان المسلمين المقيمة في بغداد أبو مصعب عضوا في القيادة العسكرية العليا بإمارة الشيخ سعيد حوى ونائبا للمسؤول عن منطقة شمال غرب سوريا. إثر دمار مدينة حماة وانهيار برنامج المواجهة مع النظام السوري . أعلن أبو مصعب انفصاله عن تنظيم الإخوان المسلمين احتجاجا على إبرامهم التحالف الوطني مع الأحزاب العلمانية والشيوعية والفرع العراقي لحزب البعث واحتجاجا على ما اسماه الفساد وسوء الإدارة لدى الإخوان واعتبرهم مسؤولين عن دمار حماة وفشل وإجهاض الثورة الجهادية. وسجل فيما بعد تفاصيل ذلك في كتابه المشهور والذي أرَّخ فيه لتاريخ تلك التجربة السورية ودروسها . ثم استقر في فرنسا محاولا إتمام دراسته هناك سنة 1983- 1985 ، ولكنه ما لبث أن قطع دراسته ليشارك في محاولة الشيخ عدنان عقلة إعادة بناء الجهاد في سورية. وإثر فشل تلك المحاولة واعتقال عدنان عقلة ومعظم من تبقى من الطليعة تفرغ لمحاولة تشكيل تنظيم جهادي سوري جديد سنة 1985، ثم هاجر إلى أسبانيا واستقر فيها. وقد قادته تلك المحاولة إلى أفغانستان سنة 1987 بحثا عن ساحة للإعداد ولجمع المعونات لتلك المحاولة التي لم يكتب لها النجاح. وفي باكستان تعرف على عبد الله عزام الذي أقنعه بالانضمام إلى الأفغان العرب وخلال تلك المدة تعرف أبو مصعب السوري إلى أسامة بن لادن والتحق بتنظيم القاعدة في بداية تأسيسه سنة 1988 وكان أحد المقربين من أسامة خلال مرحلة الجهاد الأفغاني 1988-1991 . وبالتالي يكون ابو مصعب السوري واسطة عقد أجيال الجهاديين، ومنهم الجهاديون المغاربة. انكب أبو مصعب السوري خلال فترة الجهاد الأفغاني على دراسة الكتب الشرعية وخاصة كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واهتم بتراث علماء السلفية وكتب أئمة الدعوة النجدية واهتم بمطالعة كتابات سيد قطب وعبد الله عزام وتأثر بهما تأثراً بالغاً في منهجه وكتاباته. وسافر إلى بريطانيا بناء على دعوة قاري سعيد الجزائري الذي عاد من أفغانستان إلى الجزائر ليشارك في تأسيس "الجماعة الإسلامية المسلحة" فمكث في لندن وعمل مع الخلية الإعلامية الداعمة للقتال الجزائري وكتب في نشرة الأنصار الجزائرية وغيرها من نشرات الجماعات الجهادية التي كانت تصدر من أوروبا خلال تلك الفترة وخاصة "الفجر" الليبية و"المجاهدون" المصرية. وعلى إثر نجاح حركة طالبان في إقامة الإمارة الإسلامية هاجر إلى أفغانستان وبايع ملا محمد عمر في قندهار وشكل مجموعة عملت ميدانياً مع الطالبان كما عمل أبو مصعب مع وزارة الإعلام وكتب في جريدة "الشريعة" الناطقة الرسمية باسم الإمارة وشارك في إعداد برامج إذاعة كابل العربية. وأسس في أفغانستان "معسكر الغرباء" في قاعدة "قرغة" العسكرية الشهيرة في كابل بتعاون مع وزارة دفاع الطالبان، وقد تعرض هذا المعسكر إلى تدمير الطائرات الأمريكية بالكامل أثناء هجومها على الإمارة الإسلامية إثر أحداث شتنبر. يعتبر أبو مصعب السوري واحد من ابرز أساتذة الجيل الرابع من الجهاديين المغاربة، الذين انتموا سواء لجبهة النصرة أو لباقي المجموعات المقاتلة، أما الذين انتموا إلى تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام فنموذجهم هو أبو بكر البغدادي، الذي ما زال شخصا غامضا ومجهولا. اعداد ادريس عدار