عاد المعارض السياسي والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى القاهرة للمشاركة في الاحتجاجات التي بدأت الثلاثاء في أنحاء متفرقة بمصر وخلفت ثمانية قتلى وعشرات الجرحى والمصابين في ثلاثة أيام. وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين لدى وصوله لمطار القاهرة الدولي قادما من فيينا، وصف البرادعي ما تشهده بلاده حاليا ب"اللحظة الحاسمة لمستقبل مصر". وقال "أود أن أؤكد اننا متجهون نحو عملية تغيير سلمي.. التغيير لا مفر منه.. ولا تراجع عنه". وقاد البرادعي منذ أكثر من عام حملة واسعة بين الشباب للمطالبة بالإصلاح السياسي في مصر التي يحكمها نظام حسني مبارك منذ 30 عاما، ونجح في الحصول على دعم لافت على الشبكات الاجتماعية يتوقع أن يترجم إلى واقع خلال الاحتجاجات التي دعت لها حركات معارضة ونشطاء وأعلن المدير السابق للوكالة الذرية أنه سيشارك فيها غدا. إلا أن هناك نشطاء وصحفيون ومن بينهم المعارض جورج إسحق وجمال فهمي عضو نقابة الصحفيين المصريين، أكدوا أن عودته للبلاد جاءت متأخرة بعد خروج الجماهير للشارع، وأنه كان دائما في الخارج كلما احتاج الناس إليه. وقال البرادعي "لقد حاولنا كل شيء على مدى عام"، وأشار إلى أن الجمعية الوطنية للتغيير التي يترأسها قاطعت انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي شابها اتهامات بالتزوير. وأضاف "النظام المصري رفض الاستماع لمطالب أحد وأن الناس اضطرت للخروج إلى الشوارع. وساستمر في تقديم الدعم للناس". وأكد البرادعي على أهمية مواصلة الاحتجاجات بصورة سلمية، وقال "المظاهرات السلمية حق لكل مصري وكل إنسان. وكنت أود ألا نخرج للشارع للضغط على النظام". ودخلت الاحتجاجات التي تطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية في مصر يومها الثالث الخميس ضد نظام الرئيس حسني مبارك الذي يقود البلاد منذ 30 عاما. واستمرت المصادمات بين الشرطة وآلاف المتظاهرين في السويس (شرق) حيث تم إضرام النار في قسم للشرطة، وسقط عشرة مصابين على الأقل، وحاولت قوات الأمن تفريق المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، بحسب ما ذكرته مصادر أمنية ل(إفي). كما أوضحت المصادر أن اشتباكات مماثلة وقعت في مدينة الإسماعيلية (شرق) أثناء محاولة مئات المتظاهرين الاقتراب من مبنى المحافظة. كما أفادت أنباء بأن بعض المناطق في القاهرة شهدت مسيرات احتجاجية اليوم رغم سيادة الهدوء الحذر على الميادين التي كانت مسرحا للتظاهرات خلال اليومين الماضيين. وشهدت الأسكندرية مظاهرة سلمية شارك فيها الآلاف اليوم كما وقعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين في شمال سيناء (شمال شرق) ومطروح والسلوم (شمال غرب)، بحسب المصادر. واعتبرت الولاياتالمتحدة أن مبارك لديه الفرصة لبدء الإصلاحات الديمقراطية التي يطالب بها المتظاهرون في مصر. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس في مؤتمر صحفي اليوم الخميس "نعتقد أن ذلك يمثل فرصة لأن يستمع مبارك لشعبه ويضع وسيلة لتوسيع الحوار السياسي واتخاذ إجراءات حول الإصلاحات السياسية". ودعا البيت الأبيض جميع الأطراف لضبط النفس وشدد على أن الحكومة والمتظاهرين عليهم "الالتزام" بعدم التورط في أعمال العنف، مشيرا إلى ضرورة أن "تجرى المظاهرات بصورة سلمية، وهذه إحدى مخاوفنا الرئيسية". وأكد أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما حث مبارك في جميع مباحثاتهما الثنائية على احترام حقوق الإنسان و"بدء حوار سياسي بصورة إيجابية". في غذون ذلك، دعا النشطاء وحركات المعارضة المواطنين للتظاهر غدا فيما وصف ب"جمعة الغضب والحرية". ودعت حركة 6 أبريل، التي تعد إحدى القوى المعارضة الرئيسية الحاضرة في الاحتجاجات، المواطنين إلى المشاركة في المظاهرات والمسيرات في جميع أنحاء البلاد غدا الجمعة. وفي أول رد رسمي على الاحتجاجات، أكد الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم صفوت الشريف أن الحكومة المصرية تسعى للاستجابة لمطالب المواطنين ومعالجة المشكلات التي تسببت في اندلاع المظاهرات. وقال الشريف فى مؤتمر صحفى اليوم الخميس إن "مطالب الناس فوق رؤوسنا. الحزب الوطنى يتابع مع الحكومة خطتها فى معالجة عدد من القضايا المهمة". وأكد أن زيادة البطالة وانخفاض الأجور وغلاء الأسعار وغيرها من القضايا التي كانت وراء اندلاع الاحتجاجات "على أجندة الحزب الوطنى الديمقراطى"، مشيرا إلى أن مبارك أصدر "تكليفات للحزب والحكومة لمعالجة هذه القضايا. وشدد على أن مبارك طالب الحكومة فى كلمته أمام مجلس الشعب وأمام المؤتمر السنوى الأخير بوضح قضايا المواطنين الرئيسية على رأس الأولويات و"التعامل معها بشكل فاعل وسريع وبصورة غير تقليدية". وعبر الشريف عن استعداد الحزب الحاكم ل"الاستماع لأي حوار مع الشباب بتعدد مستوياتهم" وكذلك عن ثقته في إدارة "أى حوار تراه الأحزاب السياسية وليس لديه أى تردد ولاتكبر".