قررت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة شن حملة واسعة ضد عدد من الشركات العاملة في مجال الاستيراد خصوصا في قطاعي النسيج والمواد الغذائية، التي تتهرب من التصريح بالثمن الأصلي للمواد التي تستوردها، والإدلاء بفواتير غير حقيقية، وذلك من خلال التصريح بفواتير لا تحمل سوى المبالغ التي تم أداؤها بالمغرب، بحيث يتقلص ثمن السلع إلى أكثر من النصف، مقارنة بثمنها الحقيقي الذي تباع به في السوق المحلي. وانطلقت الحملة التي باشرتها إدارة الجمارك منذ غشت الماضي، وهمت عدة شركات تعمل في المجال. وذكرت الأرقام المعلنة، أن العقوبات المالية المفروضة على الشركات التي تلجأ إلى تزوير فواتيرها، تراوحت بين 20 مليون درهم، و300 مليون درهم. وذكرت المصادر أن العملية التي تتم بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب تهدف إلى وقف نزيف الخسائر التي تتكبدها الدولة جراء هذه الظاهرة، مشددة على أن أكبر سوق تعمل في هذا المجال هي الأسواق الآسيوية، وخصوصا الصينية التي وجدت لها ملجأ في السوق المغربية. وأضافت المصادر أن الحملة استهدفت عدة شركات تستورد الشاي والبن ومواد النسيج والبسكويت والمشروبات، وكانت تعمل بنظام إخفاء جزء من مبلغ السلع الذي يؤدى بالعملة الصعبة في البلد الأصلي، وعدم التصريح سوى بالمبلغ الذي يؤدى في المغرب وعن طريق البنوك المغربية، وهو ما كلف ملايين الدراهم كخسائر سنوية للدولة، إضافة إلى تأثر الشركات المحلية التي دخلت منافسة غير مشروعة، مما أثر في أدائها في سوق المعاملات. وأكدت مصادر متطابقة أن الحملة التي تقودها إدارة الجمارك ليست تطهيرية كما يمكن أن يعتقد البعض، ولكنها تهدف إلى محاربة الغش الذي يؤثر سلبا في الاقتصاد الوطني، كما أنها عملية تتم باتفاق بين الدولة والقطاع الخاص، بل إن الحملة من الأساس تمت بطلب من القطاع الخاص، تؤكد المصادر. وتشير الإحصائيات إلى أن الغش في الفواتير المتعلقة بعمليات الاستيراد ليس وليد اللحظة، بل يعود لسنوالت عديدة، قبل أن تقرر الدولة في بداية السنة الحالية التصدي للعملية، وتنقية القطاع الاقتصادي من هذه الشوائب. ولقد عرفت العملية مجموعة من المشاكل من قبيل أن الغش الضريبي لا يهم فقط الموردين الكبار الذين وافق عدد ممن ثبتت التهمة عليهم بأداء الغرامات المالية التي فرضت عليهم، ولكن هناك عدد من الموردين الموسميين الذين تزايد عددهم في السنوات الأخيرة، حيث يعمدون إلى إنشاء شركات من أجل استيراد سلعة ما قبل أن يختفوا عن الأنظار بعد بيع سلعهم، وهو ما جعل وزارة التجارة الخارجية ومنذ مدة إلى تقنين عملية تأسيس الشركات العاملة في مجال التصدير والاستيراد، من خلال إجراء عدة إصلاحات في النص الأصلي، من بينها كشف هوية الفاعلين في المجال. ومن أجل مطاردة الشركات الوهمية، عملت إدارة الجمارك على العمل إلى جانب إدارة الضرائب ومكتب الصرف، وهما إدارتان معنيتان مباشرة بعملية الغش في الفواتير، حيث إن المعني بالأمر الذي يرغب في استيراد سلع من الخارج، سيحتاج إلى العملة الصعبة من أجل أداء المبلغ غير المصرح به خارج أرض الوطن، وهو ما يعني الحصول على هذه الأموال بطريقة غير قانونية، كما أنه وحتى لا يضطر إلى أداء مبالغ مالية ضخمة لإدارة الضرائب، فإنه يعمل على تصريف جزء مهم من أمواله في الخفاء، ومن خلال جمع مثل هذه المعطيات، تمكنت إدارة الجمارك من حصر لائحة الفاعلين والمؤسسات التي يجب مراقبتها.