تم الخميس بمراكش تقديم التجربة الناجحة التي راكمها المغرب في مجال النقل الجوي الإقليمي, وذلك خلال مناظرة حول "النقل الجوي الجهوي" المنظمة بمبادرة من شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية بتعاون مع وزارة التجهيز والنقل. وقد لفت هذا النموذج الذي نهجه المغرب في هذا المجال أنظار المشاركين والخبراء الدوليين والفاعلين الأفارقة الذين أبدوا اهتماما خاصا بهذه التجربة التي نهجتها الخطوط الجوية الملكية المغربية بشراكة مع السلطات العمومية. وحسب الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية السيد إدريس بنهيمة فإن النموذج المغربي المتجسد من خلال فرع "لاو كوسط" (الثمن المنخفض) الذي أطلق عليه اسم "رام إيكسبريس" يعد نموذجا أكثر ملاءمة مع الحقيقة الإفريقية وتستجيب لانتظارات الدول الإفريقية. وأضاف أن هذه الشركة الجديدة للنقل الجوي ذات الثمن المنخفض أعطيت انطلاقتها بفضل آلية المواكبة المحدثة من قبل السلطات العمومية, موضحا أن هذه الهيئة الجديدة ستمكن الجهات من التوفر على وسيلة لنقل جوي ملائم وتواكب تنمية هذه الجهات وذلك من خلال توفير خطوط جوية ستعمل على تعزيز جاذبيتها وتساهم في الإقلاع السياحي الداخلي. ومن جانبه, أوضح وزير التجهيز والنقل السيد كريم غلاب أن شركة "رام إيكسبريس" أحدثت من أجل الاستجابة لحاجيات الطلب الوطني المتزايد والجهوي والإفريقي في مجال النقل الجوي. كما تهدف إلى دمقرطة النقل الجوي وضمان اندماج جهوي بشكل أكبر وذلك تماشيا مع التوجيهات السامية التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس في مجال الجهوية الموسعة. وأضاف الوزير أن هذه الجهوية يجب أن تواكب بأحسن وسائل النقل بين الجهات مختلف جهات المملكة, معبرا عن قناعته بالدور الذي يكتسيه النقل الجوي كرافعة للتنمية السوسيو-اقتصادية. وأوضح السيد فرانسوا فالاس الأستاذ بجامعة تولوز والخبير الدولي في قضايا النقل الجوي, من جانبه, أن التجربة المغربية في هذا المجال تعتبر نموذجية حيث مكنت من إقامة جسر للتواصل بين أوروبا وبعض دول القارة الإفريقية. وأشار الخبير, الذي ألف عدة كتب في مجال النقل الجوي, إلى أن الاستعمال الذكي والهادف لقطب الدارالبيضاء لربط الوجهات الإفريقية عبر النقل الجوي استطاع نسج علاقات بين إفريقيا وبعض العواصم الأوروبية وقال إن استقرار خدمات الخطوط الجوية الملكية المغربية بإفريقيا ساهم في تطوير قطاع النقل الجوي بهذه المنطقة, داعيا كبريات شركات النقل الجوي الإفريقية, ومن بينها الخطوط الجوية الملكية المغربية والخطوط الجوية لجنوب إفريقيا, إلى استغلال فرص الأعمال المتاحة في مجال النقل الجوي بإفريقيا جنوب الصحراء. وأكد الخبير الفرنسي, في هذا الصدد, أن هذه المنطقة تعاني من نقص في مجال الربط الجوي بين الدول الإفريقية وعجز في البنيات التحتية التي تشكل أحد الإكراهات التي تواجهها التنمية بهذه القارة, مضيفا أن قطاع النقل الجوي يعد, ليس فقط عاملا أساسيا لفك العزلة عن الجهات النائية, بل كذلك عاملا حيويا بالنسبة للتنمية الاقتصادية. ومن جانبه, عبر السيد شارلز شلومبير, وهو اقتصادي وخبير في النقل الجوي بالبنك الدولي, عن ارتياحه للإجراءات المتخذة من قبل الحكومة المغربية لتحرير قطاع النقل الجوي, مذكرا, في هذا الصدد, باتفاقيات "السماء المفتوحة" المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي من جهة وبينه وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية, فضلا عن إعطاء الانطلاقة لبعض شركات النقل الجوي ذات الأثمنة المنخفضة. وأكد أن هذه الإجراءات الإيجابية مكنت من الرفع بشكل نسبي من حركة النقل الجوي نحو المملكة المغربية التي كثفت من جانبها خلال السنوات الأخيرة رحلاتها نحو البلدان الإفريقية. وأضاف "نحن مع تحرير النقل الجوي, وندعم كذلك الشركات العمومية للنقل الجوي ذات الفعالية كالخطوط الجوية الملكية المغربية", مبرزا أهمية الشفافية في تدبير هذه الشركات. ومن جهته, ثمن السيد شارلز طابييرو, وهو خبير بجامعة نيويورك, مرامي استراتيجية التجربة المغربية في مجال النقل الجوي الإقليمي, مشيرا إلى أن هذه التجربة تجسدت من خلال إعطاء الانطلاقة لشركات النقل الجوي بفضل الشراكات بين القطاعين العام والخاص, معتبرا إياها مبادرة "جد هامة". ودعا, في هذا الصدد, الشركات الإفريقية إلى الاتحاد وتبادل التجارب وخلق روابط استراتيجية في مجال صيانة وخدمات الملاحة الجوية.وشكلت هذه المناظرة, التي تميزت بمشاركة وزراء أفارقة في مجال النقل ومسؤولين مؤسساتيين جهويين ودوليين وخبراء ومهنيين في مجال النقل الجهوي, فرصة لإبراز دور النقل الجوي الجهوي لفك العزلة عن الجهات وتنمية المبادلات بين الدول الإفريقية وإعطاء دينامية للاقتصاد المحلي لهذه الدول.