قال عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب إن المغرب لا يجيد الإنفاق في مشاريعه وصفقاته، مؤكدا على أننا في المغرب لا نعرف حُسن التدبير المالي لشؤوننا العامة، وهو ما يعتبر سببا رئيسا في تبذير أموال الدولة في غير أهلها ولا محلها. وضرب الجواهري في هذا الباب أمثلة كثيرة على عدم إجادة التصرف في الأموال من صميم الواقع المعيش، حينما استشهد بوقوفه شخصيا، وهو يتحمل مسؤولية وزارة المالية في ثمانينيات القرن الأخير، على صنوف شتى من سوء التدبير تمثلت على سبيل المثال في صرف أموال باهضة على بناء وتجهيز سَدٍّ ثانوي دون أن يكون له من نفع مرتقب مع الخوض في نفس الوقت في صرف أموال أخرى موازية لبناء سدٍّ رسمي ثانٍ في جهة أخرى كان المغرب في أمس الحاجة إليه وبوجه السرعة. وأكد عبد اللطيف الجواهري الذي كان يتحدث عصر أول أمس بالرباط في ندوة صحافية بمناسبة انعقاد المجلس الإداري الفصلي لبنك المغرب، (أكد) أن امتلاك آليتي "ثقافة المخاطر" و"الحكامة الجيدة" كفيل بتكريس حسن الإنفاق أو التدبير الحكيم لأموال الدولة من طرف المسؤولين. وذكر أنه من باب الحكامة وحُسن التدبير المالي لا يمكن المغالاة في الإنفاق على مؤسسات الدولة من قبيل بناء المدارس والمستشفيات مثلا دون الإنفاق بنفس القدر والوتيرة على القطاع الخاص وإقصائه بأي شكل من الأشكال، لأن مشاريع القطاع الخاص لها دورها الكبير في نمو الاقتصاد عبر حركية إيجابية لفائدة الناتج الداخلي الخام والمساهمة في تحريك النمو والتأثير الإيجابي على ميزان الأداءات. ودق عبد اللطيف الجواهري ناقوس الخطر في مستهل حديثه في الندوة المذكورة فيما يتعلق بالظرفية الاقتصادية الوطنية ارتباطا بتأثيرات الأزمة الاقتصادية المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصادات النامية ومن بينها الاقتصاد المغربي. وذكر الجواهري قي هذا الصدد بتفاقم العجز التجاري بنسبة 6,1 في المائة عند متم غشت، مؤثرا بالسلب في ميزان الأداءات، كما ذكر بتراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بنسبة 1,8 في المائة وتراجع مداخيل الأسفار بنسبة 5 في المائة مع استقرار الاحتياطي المغربي من العملة الصعبة في قدرته على تغطية أربعة أشهر فقط من الواردات، مشيرا إلى أن هذه العناصر تتجسد في مستوى احتياطي العملة الصعبة الذي سجل خسارة قدرها 35 مليار درهم أي ما يعادل تغطية أربعة أشهر من الواردات من السلع والخدمات. وفي معرض حديثه عن آلية التوفير لدى الأبناك، وفيما يخص مساهمتها في الناتج الداخلي الخام، قال الجواهري إن آلية التوفير المعتمدة مؤخرا في إطار إصلاح المنظومة البنكية أصبحت تذر ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايير في الشهر كناتج. أما فيما يخص سعر الفائدة الرئيسي فقد تم الإبقاء عليه في نسبة 3 في المائة٬ وذلك ارتباطا٬ بتحقق المخاطر المتعلقة بالنشاط الاقتصادي في البلدان الشريكة الرئيسية ونتائج الموسم الفلاحي حيث بلغ محصول الحبوب 51 مليون قنطار سنة 2012 مقابل 84 مليون قنطار سنة 2011، موضحا أن البنك المركزي قرر تخفيض معدل الاحتياطي الإلزامي بنقطتين مئويتين ليصل إلى 4 في المائة ابتداء من أمس الأربعاء (26 شتنبر)، وبالتالي توفير 7 ملايير درهم من السيولة الإضافية بالنسبة للنظام البنكي ومن خلال ذلك وغيرها من التدابير التي انخرطت فيها البنوك٬ مما سيتيح "الحد من العجز في السيولة لدى البنوك". وفيما يتعلق بالنمو الاقتصادي المتوقع لعام 2013، أبرز والي بنك المغرب أنه يتوقع أن تتراوح ما بين 4 و5 بالمائة٬ على أساس تحقيق إنتاج متوسط من الحبوب وفي ظل آفاق اقتصادية دولية تظل متباينة.