بحصول الحزب الاشتراكي على الأغلبية المطلقة في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية الفرنسية٬ الذي نظم أمس الأحد٬ يكون رئيس الجمهورية وزعيم الحزب فرنسوا هولاند قد ضمن تطبيق برنامجه الانتخابي ومواجهة أزمة اليورو في أوروبا من موقع قوة. وأظهرت النتائج النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الفرنسية فوز الحزب الاشتراكي وأقرب حلفائه (اليسار الراديكالي وأحزاب اليسار من دون الخضر) بغالبية مطلقة من 314 مقعدا من أصل 577 في انتخابات الجمعية الوطنية٬ أي أكثر بكثير من الغالبية المطلقة التي تبلغ 289 مقعدا٬ ليكون بذلك قادرا على الاستغناء عن دعم الخضر له وعن دعم اليسار الراديكالي. أما حزب الخضر فحصد 17 مقعدا وجبهة اليسار 10 مقاعد واستقلاليي منطقة المارتينيك مقعدين٬ ما يرفع عدد مقاعد اليسار الى 343 مقعدا٬ فيما حصل حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية مع حلفائه على ما بين 221 و231 مقعدا. وفازت الجبهة الوطنية بمقعدين على الأقل أحدهما لحفيدة الزعيم التاريخي للحزب ماريون ماريشال لوبن (22 عاما) والثاني للمحامي جيلبير كولار. في المقابل٬ انهزمت مارين لوبن زعيمة الجبهة الوطنية في منطقة هينان بومون في شمال فرنسا أمام المرشح الاشتراكي بفارق ضئيل من الاصوات. وقد طلبت اعادة احتساب الاصوات. وبلغت نسبة الامتناع مستوى قياسيا يناهز 44 بالمئة بحسب مؤسسات الاستطلاع. وتبقى النقطة الوحيدة التي أثرت على فرحة الاشتركيين بفوزهم الكاسح انهزام مرشحتهم عن منطقة لا روشيل في غرب فرنسا سيغولين روايال أمام منافسها أوليفيي فالورني المنشق عن الحزب الاشتراكي وعدم تمكنها من تحقيق طموحها في تولي رئاسة الجمعية الوطنية . وقالت روايال المرشحة السابقة عن الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في حديث تلفزيوني ان "ما حصل هو نتيجة خيانة سياسية٬ والخيانة تشي الخائن" مضيفة انها ستواصل "التأثير على الخيارات المتعلقة بالسياسة الوطنية". إلا أنه مع ذلك فان فوز الحزب الاشتراكي يبقى كاسحا وتاريخيا . فبعد نحو شهر ونصف شهر على هزيمته لنيكولا ساركوزي وإعادته الحزب الاشتراكي إلى قصر الاليزيه إثر غياب استغرق 17 عاما٬ بات فرنسوا هولاند اليوم طليق اليدين لتطبيق برامجه الانتخابية على مستوى الاصلاح المالي أو النهضة الصناعية. وتتيح له الأغلبية التي حازها في هذه الانتخابات امكانية تمرير برامجه من موقع قوة وتجعله في غنى عن التفاوض مع جبهة اليسار (اليسار الراديكالي) الذي له توجهات بعيدة عن توجهات الحزب الاشتراكي بالنسبة إلى العلاقة مع أوروبا والوضع الاقتصادي. وستكون الحكومة الجديدة قادرة على تطبيق وعودها الانتخابية واتخاذ الاجراءات الضرورية لتمكين فرنسا من إعادة نسبة العجز العام لديها إلى ما تحت الثلاثة في المائة من إجمالي الناتج الداخلي عام 2013.وفي هذا الصدد اعتبر وزير المالية بيير موسكوفيسي نتيجة الدور الثاني من الانتخابات التشريعية بمثابة "اقتراعا على الثقة" في حكومة هولاند وقال انه "بهذه الاغلبية تتمتع الحكومة بالتأييد والثقة للمضي قدما في خططنا" مضيفا "مستقبل أوروبا على المحك في الأسابيع القادمة". وهكذا فان فوز الاشتراكيين بهذه الانتخابات يمنحهم سلطة لم يحصلوا عليها من قبل ويتيح لهولاند تأمين الحصول على دعم البرلمان لاجراءات باتجاه إقامة اتحاد مالي بمنطقة اليورو تطالب به برلين كشرط لموافقتها على مسعاه للتوصل إلى اتفاق يتعلق بالنمو وإصلاحات لتحسين الاستقرار المالي.