أثارت الزيادة الأخيرة التي أقرتها الحكومة مؤخرا في أثمان البنزين والغازوال والفيول الصناعي ردود أفعال قوية في أوساط مهنيي قطاع النقل بالمغرب٬ حيث اعتبرت النقابات المهنية أن قرار الزيادة في أسعار هذه المواد يضرب القدرة الشرائية للمواطنين في الصميم على اعتبار انعكاساته السلبية سواء على تعريفة النقل أو على صعيد أثمنة بعض المواد الاستهلاكية التي ستعرف ارتفاعا تحت مبرر تغطية ازدياد التكاليف. أول رد فعل عملي على هذه الزيادة تمثلت في إقدام "تحالف الهيئات النقابية الممثلة لقطاع النقل الطرقي بالمغرب"، الذي يضم خمس نقابات على تنظيم مسيرة تعبيرا عن رفضه لهذه الزيادة شارك فيها أزيد من 400 سيارة أجرة كبيرة وصغيرة، وطالبت النقابات المكونة للتحالف الذي يضم بالإضافة إلى النقابة المغربية لمهنيي النقل٬ كلا من الفيدرالية الوطنية لمهنيي النقل٬ والاتحاد العام الديمقراطي للشغل٬ واتحاد النقابات المهنية بالمغرب٬ والكونفدرالية الوطنية للشغل٬ بفتح قنوات لحوار جاد ومسؤول بين المهنيين والسلطات٬ ومراجعة مدونة السير٬ وضمان تسوية حقوق السائقين والمهنيين الاجتماعية والاقتصادية٬ وخاصة فيما يتعلق بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والسكن الاقتصادي. وذكر الكاتب العام الوطني للنقابة المغربية لمهنيي النقل والتحالف مصطفى شعون٬ أن الزيادة في ثمن الوقود٬ التي "تم اتخاذها بدون تشاور مسبق٬ فاجأت المهنيين وزادت من حدة مشاكلهم"٬ مطالبا بتمكين قطاع النقل من الكازوال المهني على غرار الصيد البحري. مبررات الاتحاد المغربي للشغل سارت في نفس الاتجاه٬ إذ أعرب عن رفضه القاطع للزيادة التي أقرتها الحكومة وطالبها ب"التراجع الفوري عن هذا القرار الذي يزيد من تدهور القدرة الشرائية المتدنية أصلا للطبقة العاملة المغربية وللمواطنات والمواطنين"، الموقف نفسه عبرت عنه النقابة الوطنية لسائقي سيارات الأجرة٬ التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل٬ التي انتقدت بشدة٬ خلال جمعها العام يوم الأحد الماضي بالدار البيضاء٬ الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات التي أقرتها الحكومة. وأوضح نائب الكاتب العام للنقابة٬ أن سائقي سيارات الأجرة سيوجهون رسالة لرئيس الحكومة ووزير الداخلية للزيادة في أسعار سيارات الأجرة٬ دون أن يستبعد إمكانية تنظيم إضراب وطني في حالة عدم الاستجابة لمطالب هذه الفئة. أما جامعة النقل بالاتحاد العام لمقاولات المغرب فأعلنت أن الزيادة الإجمالية في ثمن تكلفة النقل الطرقي للبضائع لفائدة الغير ارتفعت ابتداء من 2 يونيو الجاري إلى حوالي 10 في المائة٬ تزامنا مع الزيادة التي قررتها الحكومة بنسبة 13,9 في المائة على أسعار الغازوال. ودعت جامعة النقل٬ في بلاغ٬ الآمرين بالنقل والوكلاء بالعمولة والفاعلين في قطاع النقل واللوجيستيك أن يأخذوا بعين الاعتبار هذا الارتفاع في تحديد تعريفة نقل البضائع٬ مشيرة فيما يخص النقل الطرقي للأشخاص٬ إلى أن تعريفة نقل الأشخاص التي حددتها الإدارة لم تعرف أي تغيير منذ 1997، مطالبة بأن يؤخذ بعين الاعتبار الانعكاسات المترتبة عن الزيادة في أسعار الغازوال في تحديد تعريفة جديدة لنقل الأشخاص. أما رئيس جامعة النقل التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب عبد الإله حفظي فقال٬ إن الجامعة بعد تدارسها للزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات٬ قررت الزيادة في الأسعار المتعامل بها سواء في قطاع نقل البضائع بنسبة 10 بالمائة أو نقل المسافرين بنسبة 7 بالمائة خصوصا الدرجة الأولى٬ ووجهت الدعوة إلى رئيس الحكومة من أجل أخذ هذه الزيادة بعين الاعتبار عند تحديد بنية التكلفة والتعريفة بالنسبة للدرجة الثانية، ومن جانبه٬ قال رئيس الجامعة المغربية لاتحاد الناقلين العموميين للأشخاص عبر الطرق فؤاد الأيوبي الإدريسي خلال هذا اللقاء٬ إن رفع أسعار النقل ليس هو الحل بالنظر لمحدودية القدرة الشرائية للمواطنين٬ مبرزا أن الحل الأمثل يتمثل في خفض الضريبة على القيمة المضافة إلى 7 بالمائة. من جهتها٬ اعتبرت الفيدرالية العامة للنقل عبر الطرق والموانئ أن الزيادة التي ذكر "بلاغ صادر عن إحدى جامعات النقل" أنها بلغت نسبة 10 في المائة في تكلفة النقل الطرقي للبضائع "غير منطقية". وأضافت الفيدرالية العامة للنقل عبر الطرق والموانئ، أن هذه الزيادة "غير منطقية لأن النقل العمومي للبضائع لا يتوفر على تعريفة مرجعية في أسعار النقل حتى تحتسب عليها النسبة"٬ مضيفا أن "ثمن النقل في المغرب حر وتخضع فيه التسعيرة للعرض والطلب". ويأتي توالي مواقف النقابات بخصوص الزيادة في أسعار المحروقات في سياق تهديد بعض القطاعات باتخاذ أشكال احتجاجية متعددة من أجل ثني الحكومة على التراجع وهو ما لا يمكن انتظاره على الأقل في الأفق المنذور أخذا بعين الاعتبار تصريح رئيس الحكومة، الذي أكد فيه "أن الزيادة في أسعار بعض المحروقات واجبة ولازمة وضرورية رغم ما سيكون لها من آثار سلبية على ميزانية المواطن".عبد القادر الحجاجي