متى نستوعب الدرس؟ متى نساير الأحداث كما تحاك؟ متى نستفيق؟ متى و متى؟؟؟؟؟ كثيرة هي الأسئلة التي تحاك بمجرد مرور حدث معين يتعلق بمصير قضية كان من المفروض أن تجعل من القيمين على أمور هذا البلد أكثر حنكة و تبصرا، قضية مصطفى سلمى و لد سيدي مولود لم تكن سحابة عابرة كما كان يظن البعض، لم تكن فرصة لإظهار العويل و إبراز الوطنية زيادة على اللزوم، لم تكن فرصة لتأسيس منظمات و جمعيات تختفي بمجرد الحصول على سند أو إثبات للتواجد تحت شعار نحن هنا، كما لم تكن ماركة مسجلة لإمداد الصفحات بمئات العناوين لاكتساح الأرصفة تترك جانبا بمجرد مغيب الشمس، قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود أكثر مما يتصور البعض، مصيرية و صرخة دوت لتدرس في فلسفة الحياة و عنوان لما لا عنوان له، قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود جاءت لتنفض الغبار مرة ثانية عن أزمة لازالت معششة في عمق الدبلوماسية الرسمية، مافتئت تنتظر مفاجئة الإفراج من الخارج، نفضت الغبار عن موجة لم يعرف مثيلاتها في الأمم سميت بالقوافل باختلاف طريقتها و مسمياتها. كيف تعاملت الدبلوماسية مع قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود؟ مرة أخرى استأثرت قضية من هذا الحجم الرأي العام الوطني، و خرجت مئات الوقفات باختلاف أهداف نصرتها للقضية، وحدتها صور المناضل مصطفى، في حين ضلت الدبلوماسية الرسمية في حالة شرود تنتظر الإفراج. في زمن ليس بالبعيد كانت قضية منتو حيدر حلقة جعلت منا أضحوكة و أظهرت للعالم ضعفنا في مسايرة الأمور الخارجية، لترسم للأخر صورة المغرب الذي لا يعرف إلا القمع و إسكات الحريات و لا يقبل بالرأي الأخر بفضل الإشراف و المثير للجدل لكبريات المنابر الإعلامية الدولية و الاسبانية على الخصوص، توحدت لإعطاء صورة لدمية تحرك عن بعد وصفت بغاندي زمانها، غير أن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا لم نسمع و لم نقرى في هذه الصحف عن قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، طبعا لم يكن الخطأ يتحمله القيمين على هذه الصحف و المنابر الإعلامية، و لا يمكن أن نضع فرضية التحايل قبل أن نحاسب أنفسنا و نتساءل لماذا لم نستطيع اختراق الإعلام الاسباني رغم تواجد اكبر جالية في هذا البلد، و لماذا استطاعت أقلة ترويج لأطروحات كاذبة و استطاعة شل هذه الصحف و المنابر في تناول قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من جانبه الإنساني، ألا يشكل الإعلام سلطة رابعة حقيقية في هذه التنظيمات، غير أن الحقيقة التي نعي بها جيدا أننا لم نحسن بعد التعامل مع مثل هذه الأمور و لم نستوعب الدروس بعد، فإطلالة الناطق الرسمي باسم الحكومة بإدانة لم يكن كافيا لنصرة قضية مصيرية، و تصريحات ربان الدبلوماسية المغربية أمام كاميرات الإعلام في مباني الأممالمتحدة لم يكشف عن شرعية المطالب و توجيه الاتهام المباشر لم يهمه الأمر بدون لف و لا دوران، و كأن الرجل المختطف ذهب في نزهة استجمامية، فربما المكيفات و المكاتب المريحة تنسي الإنسان دوره في الحياة. فلم نخترق "البايس" و لا "الموندو" و لا غيرها لنعود كل مرة بخفي حنين و نبكي على الأطلال ثم نندد الأخر و نشجب، لماذا لم يهتم بقضيتنا اضعناها قبل الاخر- فكفى من شعار التنديد و الوعيد، فزمان كانت تحدثنا الجدات عن المثل الحساني الذي يقول" الطفل ايلا ما بكى ما ترفدو امو" قوافل هاجوج و ماجوج أضحت سياسة القوافل في مغرب العشرية الأولى للألفية الثالثة شعار أثث جنبات هذا الوطن، و اتخذت منه العديد من الجمعيات مضيت للوصول إلى الصندوق الأسود، قافلة مغاربة الخارج، قافلة المحبة، قافلة كدا و كدا.... و غيرها من المسميات، لم نعرف لما تهدف و عن أي محبة نبحث، لم يسجل في التاريخ يوما أن فك الحصار و تطبيق الحكم سواء كان ذاتيا أو مطلقا حقق بالبهرجة و الشعارات، تتخذ من النزهة و السهرات الفاخرة منطلقا لهذا الفك و هذا الحكم، غير أن بواطن الأمور تسجل مجموعة من القراءات تتضح للعيان بشكل واضح، ماذا حققت هذه القوافل في قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود؟ و ماذا أعدت لتكسير هذا الحصار؟ فأين هي هذه القوافل و لماذا لا تشد الرحال نحو المهيريز و نحو التفاريتي مكمن الخلل أم أن المناطق لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط النزهة و الترفيه، و أين اختفت قافلة مغاربة الخارج التي صرفت عليها ما يكفي من شراء كبريات المنابر الإعلامية في أوربا، و أين اختفى الحقوقيون المبججون بالدفاع عن الشعب الصحراوي تحت مسميات واهية، أليس مصطفى سلمى ولد سيدي مولود صحراوي أم انه زاغ عن الطريق كما يعتقدون و تجنب الصواب أم أنه قد عرى ما يجب أن يُفضح من زمان، أم انه أصبح خارج أجندة قصر المرادية الموجه لهؤلاء الكراكيز، فكفى من التملق و الضحك على الذقون، و كفى من الشعارات و الاختباء وراء يافطات حقوق الإنسان، فقد سقطت أوراق التوت في عز الخريف، و افتضح الأمر، فمن يريد الدفاع عن مصطفى سلمى ولد سيدي مولود و غيره من المحتجزين أصبح الطريق معبدا و واضحا كما عبرت عنه جريدة الصحراء الأسبوعية و معها جمعية الصحراء المغربية، لان المحتجز يتواجد بأرض اسمها تندوف و المهيريز تابعة للأراضي المغربية و الاختراق أصبح هينا و شرعيا، و المسيرة إلى هذه المناطق أصبح أكثر أوضوحا، أما الحلقة التي نواجهها ليست البوليساريو و لم تعد عصابة مصطنعة فدعونا نسمي الأمور بمسمياتها و نجعل من النظام الجزائري خصما وحيدا في قضية هذا الوطن الحبيب، صحيح مصطفى سلمى ولد سيدي مولود تم الإفراج عنه غير انه مازال محتجزا مثله كباقي المحتجزين. فهل استوعبنا الدرس، لان قضية مصطفى سلمى لم تنتهي بعد، رغم الإفراج عنه أم أن كل ما حلت سحابة نعتبرها سحابة عابرة و نظل نندب و نندد و نناشد....