الرسالة هي فن من فنون النثر القولية عرفها العرب مند القدم ، و كان يظن البعض أن الرسالة لم تعرف إلا بعد الإسلام بفترة طويلة على المقولة المشهورة :"بدأت الكتابة بعبد الحميد وانتهت بابن العميد" لكن هذه المقولة تعني الرسالة المتميزة أدبياً . أما الرسائل فقد عرفت منذ العصر الجاهلي ثم وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم يكاتب الملوك والأمراء من معاصريه داعياً إياهم إلى الإسلام ثم بعد ذلك عرفناها في وصايا الخلفاء وفي رسائل التي أرسلها خلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس إلى ولاتهم .فالرسالة مثلها مثل باقي الفنون النثرية مثل القصة المسرحية ، السيرة الذاتية الخ .. لها خصائصها المميزة التي تجعلها فناً قائماً بذاته .فالرسالة أنواع منها ما هو على شكل وصية و أخرى شخصية وذاتية ،أدبية أو إدارية رسمية . فضيف العدد الذين نحن بصدده قد صال وجال في كل تلاوين هذه الرسائل منذ سنة 1969 إلى حدود سنة 1991 متخذا من ساحة الحسن الثاني الجهة المتواجدة قرب '' الدلالات و الحديقة التي حلت محلها الآن مقهى '' علي بابا '' . هو إذا ربيع محمد بن علي المزداد بكليميم سنة 1934 ، كان تعليمه الأول بالكتاب بالمسجد العتيق المتواجد بعبودة ، و كان الفقيه سي حماد هو أول من لقنه نطق الحروف العربية و كتابتها على اللوح ، لينتقل بعدها و بعد بلوغه سن التمدرس إلى فصل دراسي يوجد بالثكنة العسكرية الذي كان يشرف عليه آنذاك احد الفرنسيين يدعى '' ديمارشي – DEMARCHE '' هنا تعلم ربيع محمد أو '' ربيعو'' لغة موليير ليتمم ماكان قد تعلمه من حروف بالكتاب على يد المرحوم عبد القادر الصويري بمدرسة المسلمين . فبعد مدة قصيرة من الدرس و التحصيل ، و بفعل الظروف المعيشية القاسية آنذاك غادر محمد ربيع الفصل الدراسي ليمتهن كتابة الرسائل هذه المهنة التي كان سيدها بامتياز إلى حدود بداية التسعينات ، معتمدا في ذلك على و سائل بسيطة القلم و القرطاس و طاولة و كرسي ، بالإضافة طبعا إلى ذكائه و عذوبة حديثه ذو الشجون ، كيف لا و هو من كان يحفظ و يردد القصائد الطويلة التي تغنت بها أم كلثوم ، محمد عبد الوهاب و فريد الأطرش .. الشئ الذي جعله يتفنن في كتاباته للرسائل ، هذه الأخيرة التي وصلت إلى كل بقاع العالم حيث يتواجد أبناء كليميم ، بفضل هذا الرجل الذي كان يقوم مقام كل وسائل الاتصال التي نعرفها في عصرنا الحالي ، هو الذي اشتهرت رسائله بالعبارات التالية : '' لا ينقصنا يا ولدي إلا النظر في وجهكم العزيز و بعض النقود .. '' و لم يقتصر محمد الربيع على الرسائل التي تصف البلاد من حيث سقوط المطر ،الحرث ، '' الصابا '' و '' الحصاد '' و حال البقر ، الماعز و الإبل و رسائل طلب النقود أو إرسالها ، بل كان يكتب رسائل غرامية في زمن الحب العذري .. أضف إلى ذلك و بحكم تواجده بالقرب من المحكمة الابتدائية كان يكتب التظلم و الشكاية و بعض العقود الموجهة إلى وكيل الملك أو القضاة . ليكون بذلك محمد ربيع أو'' ربيعو '' أول من دشن لفعل الكتابة العمومية بكليميم و باللغتين آنذاك العربية و الفرنسية . و هو الآن يتواجد بعيون الساقية الحمراء بمخيم الوحدة و قد خانه البصر ولم يعد يقوى على الحركة لوحده دون مرافق له ينير له الطريق و يوصله إلى مكان مبتغاه بعد أن كان هو من يصل الأب بابنه و الأم بابنها و الجندي بعائلته و العامل بالخارج بقريته و أهله و عشيرته ، هو من كان ينقل أخبار البلد عبر قرطاسه الناصع البياض و المزركش بحروف من ذهب إلى كل مغترب . أصبح الآن هو المغترب يعيش في عالم مظلم نوره الوحيد هو ما تبقى من ذكريات جميلة عالقة بذهنه يتعقب أثرها كلما حط الرحال بمسقط رأسه كليميم ليحتسي كأس شاي بمقهى على بابا رفقة بعض رفاق دربه و من عاشروا زمانه .. يا من يعز علينا ان نفارقهم **** وجداننا كل شيء بعدكم عدم ربيع محمد رفقة سالم و بيشة بمقهى علي بابا بكليميم هنا كان يجلس ربيع محمد '' ربيعو '' عمود الكاتب :