وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية بالقدس الشريف    المغاربة المقيمون بالخارج.. تحويلات تفوق 9,45 مليار درهم خلال يناير    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    فعاليات مدنية بالقدس تشيد بمبادرات جلالة الملك للتخفيف من معاناة الساكنة المقدسية خلال شهر رمضان    الاتحاد العربي للجولف يطلق سلسلة بطولات تتضمن نظام تصنيف رسمي ومستقل    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    أمن فاس يوقف عصابة متورطة في الاختطاف والاحتجاز وطلب فدية    أسباب تضارب أسعار اللحوم الحمراء والأسماك والدواجن والبيض..    جمع عام استثنائي لنادي مولودية وجدة في 20 مارس    فنربخشه يقرر تفعيل خيار شراء سفيان أمرابط    القادة العرب يجتمعون اليوم بالقاهرة لمناقشة إعادة إعمار غزة    ترامب يأمر بتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا    وفاة شاب وإصابة خمسة آخرين في حادثة سير مروعة بضواحي الحسيمة    ‬ما ‬دلالة ‬رئاسة ‬المغرب ‬لمجلس ‬الأمن ‬والسلم ‬في ‬الاتحاد ‬الأفريقي ‬للمرة ‬الرابعة ‬؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    تصفيات مونديال 2026: تحكيم صومالي لمباراة المنتخبين المغربي والنيجري    فينيسيوس: "مستقبلي رهن إشارة ريال مدريد.. وأحلم بالكرة الذهبية"    الزلزولي يعود إلى تدريبات ريال بيتيس    تصعيد نقابي في قطاع الصحة بجهة الداخلة وادي الذهب.. وقفة احتجاجية واعتصام إنذاري ومطالب بصرف التعويضات    الصين: افتتاح الدورتين، الحدث السياسي الأبرز في السنة    الصين تفرض رسوما على سلع أمريكا    تأجيل قضية ناشط في طنجة توبع بسبب تدوينات حول حرب غزة إلى 10 مارس    قمة عربية في القاهرة لمناقشة خطة بديلة لمشروع ترامب في غزة    مصرع طفل جراء انهيار التربة في دوار بإقليم سيدي بنور    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    بتعليمات ملكية.. ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان" لفائدة مليون أسرة مغربية    دوري أبطال أوروبا .. برنامج ذهاب ثمن النهاية والقنوات الناقلة    ساكنة الجديدة تنتظر تدخل العامل ومحاسبة المتسببين في مهزلة الأزبال    فرنسا تفرض إجراءات غير مسبوقة لتعقب وترحيل المئات من الجزائريين    بطولة إسبانيا.. تأجيل مباراة فياريال وإسبانيول بسبب الأحوال الجوية    إعلام عبري: إسرائيل تعتزم استئناف الحرب على غزة خلال 10 أيام    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    تحويلات الجالية تتجاوز 9 مليار درهم متم يناير المنصرم    مباحثات بين ولد الرشيد ووزير خارجية ألبانيا للارتقاء بالتعاون الاقتصادي والسياسي    تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    سينما.. فيلم "أنا ما زلت هنا" يمنح البرازيل أول جائزة أوسكار    مجلس حقوق الإنسان: 40 دولة تجدد تأكيد دعمها للسيادة التامة والكاملة للمغرب على صحرائه    ولد الرشيد يشيد بالموقف الألباني    أداء إيجابي يسم بورصة البيضاء    3 مغاربة في جائزة الشيخ زايد للكتاب    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    زكية الدريوش    المغرب يستمر في حملة التلقيح ضد الحصبة لرفع نسبة التغطية إلى 90%‬    أحمد زينون    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    حوار مع صديقي الغاضب.. 2/1    أهدنا الحياة .. ومات!    ضرورة تجديد التراث العربي    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابحث عن الإرهابي..
نشر في صحراء بريس يوم 17 - 05 - 2011


[email protected]
لم تكن المسافة بعيدة عن مراكش، عندما توقفت بنا الحافلة فجأة على حافة الطريق السيار..نزل من استيقظ من المسافرين لاستطلاع الأمر..فكان منظر مهول لحادثة سير..انقلاب سيارة من الحجم الكبير تابعة لإحدى الجمعيات، و هي تقل بعضا من الأطفال و الشباب، انتهى بهم المطاف في ذلك الليل الحالك مرميين على جنبات « أفضل الطرق في المغرب» .. المسافرون لم يجدوا ما يقدمونه لأولئك الضحايا الذين يئنون من الألم و الخوف و البرد سوى مواساتهم و تغطية بعضهم بما تيسر من الأقمشة. الصراخ و الأنين كانا يخترقان صمت ذلك الليل، و أناس يتصلون من هواتفهم النقالة لاستقدام النجدة. انتظرنا و انتظرنا ..وانتظرنا..و كان الجميع من المنتظرين..فمللنا و لم يعد لنا ما نقدمه غير الصعود إلى حافلتنا و الانصراف، سيما أن سيارات أخرى أوقف أصحابها محركاتها قصد الاستطلاع و الوقوف إلى جانب الضحايا.
سارت بنا الحافلة بضع دقائق، فأبصرنا من النافذة بناية أنيقة على جانب الطريق مكتوب على واجهتها " الوقاية المدنية"..و لكنها خاوية على عروشها! عندئذ علق أحد الركاب : " السيرفيس لي كيشدو فيها لفلوس فلوطوروت خداما 24/24 ..و السيرفيس ديال نجدة أرواح المواطنين راها مقفولة!" هذه الحادثة، وغيرها كثير و أبشع، تبين أن الإنسان في هذا البلد هو آخر ما يفكر فيه، خصوصا إذا لم يكن التفكير فيه يعود بربح مادي مقبول. و أنا لا أدري حقيقة كيف آل حال أولئك الأطفال في تلك الليلة، و لكن الذي أدريه أن البرد القارس وحده و الانتظار قد يفعلان فعلهما الذي قد يكون أثره بليغا على نفسياتهم و أبدانهم. ما فائدة هذه التكنولوجيا إذن؟ ما فائدة الهواتف و سيارات الإسعاف و غيرها من الأجهزة التي نستوردها من الخارج بصفقات تستفيد منها أياد ملطخة بدماء مثل هؤلاء الأبرياء؟ و ما فائدة طرق سيارة إذا لم توظف خدماتها التي يؤدي المواطن مقابلا عنها، لنجدة إنسان مهدد بالموت.. ما فائدة المواطنة إذا لم يحس المواطن بأنه أغلى ما نحرص على سلامته في هذا البلد؟ تحضرني قصة لأحد الأطباء الجراحين البريطانيين الذي ، لسوء حظه، توقف للرد على مكالمة هاتفية لها علاقة بعمله، و ذلك أثناء إجرائه عملية جراحية لأحد المرضى. فكان أن استغرقت المكالمة وقتا طويلا نسبيا. و نظرا لاحترافية الجراح، عاد و أكمل جراحته بنجاح. لكن المشكلة ستبدأ عندما علم المريض بأمر التوقف الذي تخلل عمليته الجراحية، فرفع دعوى قضائية يتهم فيها الجراح بتعريض حياته للخطر. و طبعا، دولة مثل بريطانيا تقدر المواطن و تقدر حياته، و قضاء مثل القضاء البريطاني لا يعرف المحاباة، حكم بثبوت التهمة ضد الطبيب و بدفعه تعويضا للمريض. لو أننا، في بلدنا، فكرنا أن نحقق قدرا ضئيلا من العدالة التي يتبجح بعض المسؤولين الانتهازيين بتميز وزاراتهم في الدفاع عنها و إقرارها، لاضطررنا لاستيراد المحامين من الخارج لنتمكن من توفير عدد كاف يدافع عن ثلث موتانا و ثلاثة أرباع المعطوبين و المشوهين في هذا البلد الجميل! و إذا تحلى قضاتنا بنوع م النزاهة، فإنهم سينصفون" الحديد" الذي أنزل الله فيه بأسا شديدا و منافع للناس، و يحملون مسؤولية الإسهام في القتل و الجرح عن سبق إصرار و ترصد لطرف شبح كان يفلت من العقاب باستمرار، موظفا سلطته و شططه و إعلامه في محو أي أثر لجرائمه و تحويل الأنظار عنها..و هذه دعوة لعقد مقارنة بسيطة لا تستدعي الكثير من التحليل أو التأويل..من الأكثر جرما و تهديدا لأمن و سلامة المواطنين؟ ذلك الإرهابي الذي يتنكر (إن كان فعلا قد تنكر) ليقتل مجموعة صغيرة من الأبرياء و يروع آخرين؟ أم ذوو البطون المنتفخة الذين يستنزفون أموال هذا البلد برواتبهم السمينة و تعويضاتهم الخيالية، ليقضوا ليلهم، الذي لا يختلف عن نهارهم، يغطون في النوم أو السهر و المجون، بينما الأبرياء يموتون في الطرقات و في المستشفيات و في البحار و في أماكن شتى؟...إن إهمال و الإساءة إلى إنسان واحد يحتم عليك الواجب و القانون أن تؤدي حقوقه و تخدمه، لهو أكبر إرهاب و أكثره بشاعة و قسوة، و قنابله ستظل موقوتة باستمرار ما دمنا لم نبطل مفعولها بعد حتى لا تتسع دائرة ضحاياها. و المشكلة العويصة أن النذالة قد وصلت بأصحاب هذا الإرهاب الممنهج، بعد أن نجحوا في عملياتهم، أن قرروا التمادي في مشروعهم التدميري و ترويع أمن المواطنين و قيمهم بعد أن روعوا حيواتهم و أبدانهم. و هاهم يرقصون على دماء و جراح ضحاياهم، و يدعونهم شامتين ليحتفلوا معهم فوق منصة " موازين"! و لسان حالهم يقول، كم من مرض و من هم و من مشكلة عالجناها بنسيانها و تركها..لهذا، و عوضا أن تتعبوا أنفسكم بالاحتجاج و العويل اللذين لن تجنوا من ورائهما غير الألم الذي ستخلفه سياط حبيباتنا الخضراء و الزرقاء ذات الفعالية الأكيدة في ظهوركم،عوض هذا كله، تعالوا إلى مهرجان سواء بيننا و بينكم، ألا تقربونا بسوء و لا تزعجونا و لا تقضوا مضجعنا بنباحكم، ولكم منا أفضل المغنيين و المغنيات الذين سنكرمهم من جيوبكم طبعا...و كم سيكون بلدنا بلد المساواة بامتياز، عندما سيرقص الجلاد إلى جنب ضحاياه تجمعهما روح التسامح و الإخاء!.
نعتذر لكم أيها الشهداء أينما كنتم عن فضاعة و نذالة أناس انسلخوا من إنسانيتهم و من قيمهم..فلم يحترموا دمائكم الزكية ولا نضالكم من أجل الحرية و الكرامة..ولا جوع أطفالكم ولا استغاثة نسائكم و أراملكم و ثكلاكم...و نعتذر لكم أيها المغاربة الذين اغتيلت حيواتكم على حين غرة دون أن تتعرفوا على قاتليكم، و نعتذر لكم أيها المغاربة الذين مازلتم تغتالون في عزتكم و كبريائكم و أحلامكم يوما بعد يوم....نقول لكم..لا تنسوا في كل ليلة وليلة.. و قبل أن تخلدوا للنوم أن تسألوا الله..و تلحوا عليه في السؤال أن تصبحوا على ...وطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.