من المنتظر ان يحل الرئيس الفرنسي الجديد لفرنسا الشاب ايمانويل ماكرون ، الى المغرب في زيارة رسمية هي الثانية له في المنطقة منتصف يونيو 2017 .بعد مالي ، حيث تفقد القوات الفرنسية المرابطة هناك ، ويتضح جيدا ان السياسة الفرنسية الجديدة في عهد ماكرون ستنحو اتجاه الاهتمام بمحاربة الارهاب المتمركز في الساحل والصحراء كأولوية في السياسة الخارجية الفرنسية ، الى جانب المواضيع الاقتصادية ، واذا كان الرئيس الجديد ماكرون ذو تكوين وتخصص اقتصادي يعكسه برنامج الانتخابي الذي اعطى اولوية لقضايا النمو وشروط العمل والضرائب المثقلة لكاهل الطبقة المتوسطة الفرنسية التي ساهمت في نجاحه الانتخابي ، فان سياستة الخارجية عكس سلفه هولاند تفضل المغرب على باقي الدول المغاربية ، لذلك احترم الرئيس الفرنسي الجديد التقاليد الرئيسية الفرنسية في ترتيب زيارة الدول المغاربية ، خلافا لفرانسوا هولاند الذي بدأ بالجزائر في اول زيارة رسيمية له بعد توليه مقاليد الرئاسة الفرنسية . الزيارة الرسمية للرئيس الفرنسي المقبل ستتناول بالتأكيد عدد من القضايا الحارقة اقليميا ودوليا ومنها : 1-قضايا الهجرة واشكالية تدفق المهاجرين من دول الساحل الافريقي ومن الدول التي تعرف حروبا واقتتالا داخليا مثل سوريا الى اوروبا عبر البوابة المتوسطية ، فقضايا الهجرة تحتل مساحة كبيرة في البرنامج الانتخابي لماكرون خصوصا وان الهجرة ترتبط بالإرهاب الدولي والمخدرات وانتشار الاسلحة وهو ما يهدد استقرار فرنسا وأوروبا عموما. 2- قضية الاستثمارات الاقتصادية الفرنسية بالمغرب ، خصوصا وان التوجه المغربي الجديد في تنويع الشركاء الاقتصاديين شرقا وغربا ، وخصوصا التواجد القوي للاستثمارات الصينية في قطاعات حيوية كالاتصالات والتكنولوجية الغذائية والمشاريع الكبرى يقلق الراسمال الفرنسي ، المحتكر التاريخي للاستثمارات الخارجية بالمغرب ، ماكرون سيحاول بكل تاكيد توقيع شراكات اقتصادية مع المغرب في ميادين مهمة وحيوية ومنها العسكرية من اجل ضمان التفوق الفرنسي على الصعيد المغربي. 3- ستحتل قضية حقوق الانسان موقع هامشي في اهتمامات ماكرون ، لذلك قد ننتظر اشادة بمجهودات المغرب في مجال الحفاظ على المسلسل الديموقراطي و الاشراك الفعال للاسلاميين في اللعبة الانتخابية ، لكن قد تحمل زيارة ماكرون حثا للمغرب على احترام حقوق الانسان في التعامل مع الاحتجاجات المطلبية وقد يعطى الريف نموذجا في هذا المجال ، رغم انني ارجح صمت الرئيس الفرنسي عن احتجاجات الريف لان سياسته البرغماتية ستعطي الاهمية لما هو اقتصادي -امني اكثر منه حقوقي. 4- التعاون الاستخباراتي الفرنسي المغربي في مجال محاربة الارهاب سيكون محورا هاما في مباحثات الرئيس الفرنسي مع نظرائه المغاربة ، حيث ان التهديدات الارهابية التي تستهدف البلدين وخبرة الجانب المغربي في التصدي الاستباقي للعمليات الارهابية ، مطلوبة بالحاح في فرنسا واوروبا عموما . يبقى ان نقول بان اختيار المغرب كاول زيارة للرئيس الفرنسي الجديد مغاربيا سيثير حفيظة قصر المرادية ، حيث ان الجزائر ستفقد الامتياز الفرنسي الذي حظيت به في عهد هولاند عسكريا واقتصاديا. لكن ربما ترهل الوضع الداخلي الجزائري بشغور منصب الرئاسة وتزايد صراعات الاجنحة بين المخابرات الجزائرية واشقاء الرئيس ، جعل الرئيس الفرنسي الجديد يأخذ مسافة واحدة من الجميع ويختار الجزائر كمرحلة ثانية في زيارته الرسمية ، رغم اننا تاريخيا نعلم ان فرنسا لها دور حاسم في تغليب الاتجاه الرئاسي الذي تريده بالجزائر.