ونحن في بداية السنة الجديدة سنة 2016 ، وقد ودعنا قبلها بأيام سنة بما لها وما عليها ، تسابقت عدد من المواقع الإخبارية بالصحراء إلى تنظيم إستفتاءات لها عن شخصية السنة ب 2015 ، وقد تعددت الأراء وتراجحت يمنة ويسرة بين هذا النائب المحترم ، أو ذاك الرئيس المبجل أو المستشار السابق أو الحالي لا فرق بينهما ما دامت الوجوه هي الأوجه والأسماء هي نفسها ترث نفسها ولا تراوح أمكنتها. وقد وجدتني وأنا أراقب بعضا من تلك الإستفتاءات المنظمة وأنا أعدد وأراقب وأمحص وأدقق ، من يا تراه يصلح بحق أن يكون رجل سنة 2015 بالصحراء ، فلم أتردد بقوله وتسميته أجل هو ذاك : المعطل الصحراوي ، أجل المعطل ومن غيره ، هو من يستحق بنظري ان يتوج شخصية سنة 2015 بالصحراء لماذا ؟ وكيف ؟ بداية قد يتفق معي الكثيرون بأن الحراك الإجتماعي الذي تشهده الصحراء مؤخرا ، قد حرك كثيرا من المياه الراكدة ، وقام بتعرية الكثير من الحقائق للساكنة الصحراوية التي أنتظرت بيأس مسلسلا دراميا طويلا أبتدأ من سنة 2007 ولا يزال مستمرا بحبكة غامضة وإثارة لا تجاريها إثارة . فمنذ إعلان المملكة المغربية عن خطة الحكم الذاتي كجل لمشكلة الصحراء في سنة 2007 ، إستبشر الناس هنا خيرا وهم يحلمون بتسيير مستقل لأمورهم السياسية والتنموية ، وإشرافهم المباشر على خطط تدبير الشان المحلي ، وهي خطة أثبتت وإلى الان بعد حوالي تسعة سنوات من تداولها إلى الأن بأنها صعبة التطبيق ، بل وأن حتى فكرتها الجديدة المسماة بالجهوية المتقدمة التي كثر القيل عنها والقال حتى وكأنها أصبحت سفينة نوح لا ينجو سوى راكبها ، حتى هي تبين بعد برهة يسيرة بأنها مخاضة صعبة المجاز ! ولأن الأشياء عادة ما تحتسب المعاملات بمنطق الربح والخسارة ، وتعول الناس فيها على الواقع الملموس المادي منه والمحسوس الذي يكون الخير فيه عاجله قبل أجله ، فهاهم يتابعون الأحداث تمر سريعة ، و يضعون أيديهم على صدورهم رهبة وخشية ، أهذه هي الجهوية المتقدمة التي كنا ننتظر فعلا ؟ هل هذه الجهوية التي فعلا ستحول هنا الأصفر لأخضر والغث إلى سمين ؟ والصحراء بملايير إلى دبي جديدة أو جنة عدن ؟ بل هي أضغاث أحلام. فبعد إنتهاء الإنتخابات الجماعية الأخيرة بالصحراء أقفلت كل الأحزاب السياسية مقراتها ، وفر كل مستشار وعضو ناجح إلى منصبه القديم / الجديد ، تاركا الشعب يواجه الأسعار التي تم تحريرها والأسواق التي كثر لهيبها ، وفي هذه الفترة المشتعلة من نهاية سنة 2015 ، توقدت جمرة الإحتجاج الذي نظمه المعطلون بالمداشر الصحراوية والذين أستشعروا بحق الغبن والضياع و إهمال السلطات لملفاتهم الإجتماعية التي لم تبارح رفوفها منذ تولت حكومة المصباح الذي تبدد وصار سراجا خافث الضوء ، تسبب بضوضاء عالية التوثر بقرارته وسياساته غير الشعبية وغير الإجتماعية كما يوصفها كل من المعطلون هنا أوطنيا وأيضا المعارضة. إن التضحيات التي قدمها معطلوا الصحراء إسوة مع إخوانهم من معطلي المجموعات الوطنية التي تشق إحتجاجاتها السلمية وتعلوا صوت صرخاتها عالية سواء في شوارع العيون وبوجدور والسمارة والطنطان ، أو أمام قبة البرلمان بالرباط لتستحق الإشادة فيها بجهود هؤلاء السلمية والحثيثة من أجل إنتزاع حقوقهم كاملة ، دون خوف أو وجل من التدخلات العنيفة التي تواجهها بهم السلطات في الشوارع والأزقة والأحياء. ولعل الزخم في الفعل الإحتجاجي بالمغرب عموما والذي شهد إضطرادا في نشاطاته بالسنوات الأخيرة ، يدل على نشاط وحركية المجتمع وتوجهه الجديد ، وتماشيا مع سياسة الإنفتاح وحقوق الإنسان كما تعلن السلطات في كل مناسبة بالمغرب ، لكن هذا الخطاب يسقط في أول إختبار حقيقي له بالعنف الشديد الذي يجابه به الفعل النضالي السلمي والحضاري ، والذي من بين ضحاياه هذه الفئة : المعطلين . فأين ذهب الدستور والقانون ؟ وأين ذهبت معهما حقوق الإنسان والعهد الجديد والضمانات الديموقراطية ، التي تمنح حق التظاهر والإحتجاج السلمي لكل المواطنين ، وهو ما قد يجعل من هذا العنف بأن يتطور إلى ما تحمد عقباه ، فالأمن بعصر التكنولوجيا والوسائط الحديثة ، أصبحا هشا قد ينفلت بأية لحظة. هو نضال شهر واحد مستمر من سنة قد مضت 2015 ، إنتظم فيه معطلوا الصحراء جنبا إلى جنب في صف واحد ، وبحس عالي ومسؤولية أكبر أستحقوا فيه بالفعل رجل السنة بالصحراء ، فالحناجر تصدح بالسلم والسلمية ، على الرغم من أن الاجساد تئن تحت العصا والركل والرفس والوعد والوعيد ، ولكنها جذوة النضال تشتعل وتتقد من جديد ، لتعمل على تأصيل ثقافة التضحية والمجابهة ، بين طرفين نقيضين ثالثهما أخل بمسؤوليته وأورى الباب من وراءه ، وهرب لا يلوي على شيء…هذه كل الحكاية وكل عام وأنتم معطلون.