عام.. اثنا عشر شهرًا.. اثنان وخمسون أسبوعًا.. ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا.. والسلطات المغربية تمضي في غيها، تأبى أن يوقظها أحد من سباتها، أو يزيح الغمامة من أمام عيونها فتتنبه إلى أن القاصي والداني في الكرة الأرضية، صار على علم بما جرى من ظلم لشيخ الطريقة العمرية/ عبدالغني العمري الحسني، وأفراد أسرته، على أيدي سلطات الإقليم المحلية، مما دفعه للدخول في اعتصام في منزله، رفقة أفراد أسرته، تخطت مدته العام الكامل!. ليس مفهومًا أبدًا تجاهل المسؤولين المغاربة للحملة الإعلامية الواسعة التي نشرت عن اعتصام الشيخ، في الصحف المحلية والعربية بل والدولية أحيانًا، وفصّلت في شرح القضية وخلفياتها، وأبدت مواطن الظلم فيها، وأشارت ضمن ما أشارت إلى تعمد استهداف الشيخ بسبب مواقفه الدينية والسياسية التي يكشف فيها خواء منهج "المتأسلمين الجدد" وفساد ما يبنون عليه، حيث من المعلوم أن الحكومة المغربية مشكّلة، في أغلبها، من حزب العدالة والتنمية، وهو تابع فكريًا لجماعة الإخوان!. لا نريد أن نستفيض في تعديد سوءات تلك الحكومة، وحسبنا أن نشير إلى ثلاث مصائب متورطة فيها حتى أذنيها، أولها،ارتفاع معدلات التطبيع مع الكيان الصهيوني في عهدها، وتعمدها تعطيل أي قرار يجرم هذه المعاملات، وهي المشكّلة من حزب كان يطيل الحكي ليل نهار عن أصالة العداوة مع الكيان الغاصب، طبعًا، قبل الوصول للسلطة!؛ ثانيها، مبادرتها إلى حصار أي صوت معارض يكشف الخلل المعرفي الساكن في منهجها، وتعمدها الاستئثار بالمشهد وتهميش أي قوة غيرها، وإخلاء الساحة لمؤيديها، ومحترفي التطبيل والتزمير لها؛ ثالثها، توفير الحماية المعنوية والمادية لذوي الأفكار المتطرفة لينتشروا في أصقاع المغرب، شرقًا وغربًا، ليبثوا سمومهم الفكرية، ويُسهموا في تنفيذ المخطط العولمي الجديد الذي يستهدف تفكيك الدول العربية المركزية والحط من قدر السلطة فيها، فوق ذلك ومعه، تقديم صورة شديدة السوء عن الدين وأهله!. إذًا القضية لها أكثر من زاوية، ومشتبك فيها ماهو سياسي بما هو فساد إداري.. فعندما يتعرض أفراد الأسرة (أختا الشيخ في حالتنا) إلى ظلم على أيدي مسؤولين محليين بسبب فساد في منظومة العمل والإدارة، ويكون رب الأسرة (الشيخ)، في الآن ذاته، خصمًا للسلطة القائمة، فمن الطبيعي حينها أن يتم تهميش القضية، وتجاهل المشكلة، بل وقد يصل الأمر إلى مكافأة الظالمين!. هذه هي خلاصة القصة، وهذا هو الواقع المرير الذي يعيشه القطر المغربي العربي!. لا نريد أن نلقي مزيدًا من الملح على الجرح المفتوح، أو أن نعيد التفصيل فيما سبق أن فصلنا فيه، وحسبنا الرجاء من الحق جل وعلا أن يزيل تلك الغمة عن البلد العربي الشقيق، وأن يعود الحق إلى أصحابه غير منقوص!.