من البديهي أن يكون لكل دولة,جهاز استخبارات,مهمته التحري والتقصي,ورصد تحركات الأجهزة الإستخباراتية للدول المعادية,لاستباق خطواتهم,وهدم مخططاتهم,ولكن ما يحدث بالدول العربية والخليجية خاصة,يبين بما لا يدع مجالا للشك,قصور الأجهزة الأمنية و الاستخباراتية,وتغلغل الأيدي المخربة بشكل مخجل,ولعل ما حدث ويحدث بالسعودية,خير دليل وأوضح برهان.. بعد إعلان الجمهورية الفارسية,وهبوط "الخميني" من الطائرة الفرنسية,سجل الحج أول محاولة لتفجير المشاعر المقدسة بحجاجها,وذلك بعدما احتجزت الجمارك السعودية,فوجا من الحجاج الإيرانيين,الذين عمدوا إلى ملئ حقائبهم بمادة "سي 4" الشديدة التفجير,وبعد ذلك شهد الحج التالي مسيرات مسلحة لحجاج ينتمون إلى قوات التعبئة الإيرانية " الباسيج",نتج عنها مواجهات دامية بين الباسيج وقوات الأمن السعودية,مما دفع عددا من الحجاج إلى التدخل ووقف العدوان الإيراني,خاصة بعد رفع الإيرانيين لشعارات من شانها استفزاز مشاعر أكثر المسلمين حلما,الطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم وسب صحابته... وبعدما ظهر فشل قوات التعبئة " الباسيج",ولجوءهم إلى العمل العلني,وضبط عدد منهم,وفضح أوراقهم وانكشافها,تدخل جهاز " السافاك",وصار العمل أكثر احترافية,وأصبحت العمليات التي تستهدف الحجاج أكثر دقة,بحيث لا تترك أي دليل ورائها,ولا خيطا يشير من قريب أو بعيد إليها,وصار المتتبع لإخبار الحجاج يسمع بحرائق الخيام, انقلاب الحافلات,التدافع,التسمم...الخ. تطور عمليات السافاك,كان يجب أن يجابه بتطور الجهاز ألاستخباراتي السعودي,لكن العكس هو ما حدث,فمع تزايد الخطر الإيراني على الحجاج,تعاظم غض طرف أل سعود, ومن امن العقوبة,أساء الأدب,وهكذا سجلت عدة مواسم من الحج,لجوء بعض الإيرانيين إلى تدنيس مقابر الصحابة,ومحاولتهم التبول على قبري الخليفتين وأم المؤمنين عائشة,وكذا استغلالهم لفترة الحج من اجل عملية التشييع,وإيصال أوامر القيادة العليا الإيرانية إلى الخلايا النائمة بالمنطقة الشرقية وغيرها,وتنظيم مسيرات ووقفات تعوق أداء المناسك,وتخالف النظام,والإتيان بإعمال لا أخلاقية,واختراق المخيمات النسائية برجال متحولين جنسيا,ومخيمات الرجال بنساء متحولات ورجال جنس ثالث.. معرفة النظم الأمنية بطبيعة الحجيج الإيرانيين,بحكم ما سبق وحدث بالعراق وسوريا,كان يجب أن تترجم على هيئة إنزال مكثف لرجال امن مدربين خير التدريب,بحيث كل حاج إيراني يجب أن يراقب من عين استخباراتية على أعلى مستوى,وعوض استنفار الموظفين والمواطنين,لمساعدة الحجيج على أداء شعائرهم,كان على أل سعود,الاستعانة برجال المخابرات الذين يتقنون اللغة الفارسية لضرب عصفورين بحجر واحد : مساعدة الحجاج والسهر على أمنهم,وانتداب رجال استخبارات باقي الدول الإسلامية للمساعدة .. كل شيعي العقيدة فهو باسيج إيراني رغم اختلاف الجنسية,لذلك كان لزاما على حكومة الحرمين تدقيق التفتيش في المطارات,والاستعانة بأحدث التكنولوجيا,وعزل مناطق الشعائر المقدسة,حتى لا يتسنى لإيرانيي الداخل,تسريب الأسلحة واللافتات وإيصال أوامر القيادة الإيرانية إلى الحجاج الباسيج.. أما عن حوادث هذه السنة,فكان يجب التنبؤ بها مسبقا,بحس استخباراتي,خاصة بعد لجوء آل سعود إلى التدخل المباشر في الحرب مع حوثيي إيران,لحماية حدودها أولا وليس من اجل عيون تلاميذ " الشيخ مقبل",فلم يعد الحوثة في حرب مع طلاب دماج فقط,ولم يعد نشاطهم يقتصر على محاولة دخول إلى السعودية في بداية كل حج,بسبب الذاكرة الجينية التي تربطهم بأجدادهم القرامطة,بل أصبحت الحرب حربا معلنة,وتهديد الحجاج كان يصدر من ألوية إيرانية وعراقية ولبنانية,ومواقع التواصل تعج بفيديوهات تهديدات تلك الألوية والميليشيات المنظمة,وعلماء القوم وكبار سياسيهم يخرجون في بذلات رسمية إيذانا بالحرب..فأين كانت أعين رجال امن آل سعود؟.. حج هذا العام كان يجب أن يمنع منه حجيج إيران,أولا بسبب تهديدات الجمهورية,وثانيا لان أفعال حجيج إيران أصبح القاصي والداني يعرفها,وما مجازر حجاج كتائب أبو الفضل بسوريا منا ببعيد,وكذا أفعال حجاج إيران بالعراق,فحتى الإعلام الغربي أصبح يصور حجاج الجمهورية الفارسية بثياب الإحرام وبندقيات الكلاشينكوف وقاذفات الار بي جي وسيوف الساموراي,بعدما شاهد العالم الفيديوهات التي يروجها الحجيج توثيقا لمناسكهم المقدسة التي سجلت ذبح ألاف الأطفال,وحرق المدنيين,والتعذيب لحد الموت.. ولو افترضنا استحياء آل سعود من الدولة الشقيقة "إيران",ونخوتهم التي تمنعهم من منع حجيج أي دولة من أداء المناسك,لشدة طيبتهم,ورغبتهم ببقاء أواصر المحبة مع الجمهورية الفارسية,فمسيرات الإيرانيين كان يجب منعها لأنها تخالف مبادئ الحج " لا رفث ولا فسوق ولا جدال",وتجمعاتهم كان يجب تفريقها, وحجاجهم كان يجب توزيعهم على مخيمات مختلفة,أما من صدر منه ما يمس مشاعر المسلمين فكان يجب تعزيره بغلظة,وتسجيل اسمه ضمن قائمة الممنوعين من الدخول, أما سياسة التملق التي ينهجها النظام فكان على آل سعود أن يعرف مدى فشلها فتخصيص خادم الحرمين الحاجة الإيرانية بالزيارة بعد حادثة الرافعة, كانت نتيجته رفس الحجاج الضعفاء بأرجل رجال السافاك لحد الموت,ردا على تملق "سلمان"..وذلك ديدن القوم منذ القدم.. رحم الله ضحايا الرافعة والتدافع.. رحمهم الله بكل شهقة الم,وبكل إحساس بالألم.. رحم الله موتهم وهم بعيدون عن الأهل والأحباب.. رحم الله نظرات خوفهم.. ودقات قلوبهم.. رحم الله أناتهم وآهاتهم.. رحم الله شيبتهم وضعفهم.. رحمهم الله وهم يجمعون الفلس على الفلس,ليحجوا بيت ربهم,ولم يدر بخلدهم أن هناك من يريد تصفية حسابه مع دولة متملقة,ولم يجد من سبيل إلا رفسهم لحد الموت في البلد الحرام,والشهر الحرام..