أصبحت رواية الفساد في واد نون حديث الساعة محليا ووطنيا بل دوليا , حتى راح البعض يسمي الجهة بامارة الفساد التي أخذت الوقت الكافي للتأسيس وارساء الدعائم دون حسيب ولا رقيب . لوبي الفساد كما يرى الجميع من صنع والي أو ولاة سابقين , كبر الفساد وترعرع على أيديهم كالطفل المدلل الذي لا يخيب له سؤال . كما أنه الطفل الطائع الذي لاينكر جميل أسياده الذين ألتقطوه من عالم الحرف العادية الى عالم التدبير السياسي لشؤون قوم لايملكون قرارهم بايديهم , مانحين اياه الفرصة الكبرى والزمن الكافي ليكبر ويترعرع ويتطور كما يشاء , منبهرين بأدائه ومناقبه وانجازاته ليتحول في نظر البعض الى هبة ربانية لا ينالها الا الصالحون من عباده كاهل واد نون . تقوى الفساد واشتد عوده وتغلغل كالشرايين في البلاد , اذل كل الاجهزة وجلس على كل الكراسي وراح يصول ويجول كالامير المستبد .بنى لنفسه اذرعا اعلامية , تمرد على كل القوانين والاعراف حتى اصبح الآمر الناهي الذي صنع واد نون على شاكلته .انه باختصار شديد سيدنا الفساد. لغباوتنا وبكل صراحة استصغرنا سيدنا الفساد ولم نعطه العناية اللازمة , لنراه على حقيقته . ايمانا منا بأننا في دولة الحق والقانون التي لايعلو عليها قانون , ومن هذا الايمان أوالمنطلق التقطنا إشارة تعيين العظمي على رأس ولاية كليميم-السمارة باعتباره والي المصداقية رغبة من الدولة في الشروع من الآن في ارساء دعائم الجهوية الموسعة وحتما تصفية الفساد الذي اصبح يناور بوقاحة ليبسط سدوله على الجهة كلها. فعلا قام العظمي بعمله كما عهدناه , فجابه الفساد وازعج اركانه وطبق القانون , ومرة أخرى ولغباوتنا أعجبنا بسياسة الوالي في حربه على الفساد ورحنا نتفرج على الصراع منفعلين ننتظر الضربة القاضية . بل نضحك على سيدنا الفساد الذي كان يبدي قوة بل مستقويا بجهات مركزية تحميه وتطلب منه ضبط النفس. بعد كل ذلك الايمان بقرب نهاية الفساد وبقوة العظمي ورغبة دولة الحق والقانون وقصر حبل الفساد يظهر مرة أخرى بأننا عاطفيين ولا نعطي للامور حقها وأن تحليلنا سطحي ومسطح وأن سيدنا الفساد أقوى مما نتصور ويده طويلة . غضب الفساد على العظمي فعزله وتبخرت أحلام وادنون الذي تحول بصفة رسمية الى إمارة للفساد وخدشت كرامتنا إن كانت لنا فعلا كرامة وخاب أملنا في دولتنا وضاعت ثقتنا في دولتنا التي لم ينس وزيرالداخلية مطالبتنا بالتمسك بها وهو يمنح الشواهد التقديرية والاوسمة لاركان الفساد , وتأكد لنا بأننا مطالبون بالواقعية والحد من غباوتنا ومواجهة الفساد بطرق جديدة خصوصا وأن له جهات مركزية تحميه .