يحكي تاريخ الرسالة اليوسفية عن معبد آمون الفرعوني ويحكي تاريخ الداخلة الحديث عن معبد امون البلدي، عند آمون القديم يتغذى من عرق العباد كهنة سمان بدان، وعند آمون الجديد يستمتع بحلوى الميزانيات منتخبون قيامون بالجهل في تسيير المرفق العام . يجيبون دعوة آمون إذا دعاهم ويحيطون تدبيره "بقاموس" التقديس وناموس التخليص، فإن إجتمعوا بمجلسه رصوا الصفوف وخشعوا تملقاً إقامة لصلاة الرضا وأستسقاء ما جاد وما عطا. في معبد آمون الفرعوني وجد الأتباع صنماً من ذهب وفي معبدنا البلدي وجد الأعضاء رجلاً من فضة، الأول أفرزته بطون الضلالة في عبادة الفراعين، والثاني أنتجته الأموال من أرحام الصناديق. فأستبشرت الداخلة به خيراً على نقيد سابقيه، فكانت كالمستجيرة من حر الرمضاء نحو لهيب النيران. لتمر خمس سنين عجاف يأكلن عشرين حولاً سمان، سماتهن جهة تراوح مكانها في التنمية فلا داء الصرف الصحي وجدوا له الدواء، ولا التعمير يرقى أن يكون أهلا لما ينفق فيه من غلاء، ولا التبليط وبنياتنا التحتية تنحو منحى النماء، في كل ذلك لم نجد ما يمدح أو يشكر غير جمع الغلة في متم السنة المالية ليعيد ميزانية البلدية بكراً لخازنها بالرباط، هذا بعد إن "إرتش" بدراهمها الكهنة والمريدون وكل تابع ومتبوعٍ بشرائع آمون العظيم. في الداخلة حيث لا تجد إلا ما قدمت يداك من نفاق ومهادنة لمعابد المدينة إذ الولاية بيت من بيوت التملق الراسخة كما ذكرنا في ماضي كتاباتنا واللاحق معبدٌ جديد نمر على مضاربه في موكب فضح المستور وكشف المقبور في جهة تهتك تنميتها وتنتهك رعيتها بإسم تسيير الشأن العام وذلك على غير ما سطر لها الملك وشرع لها القانون ورغب لها أشراف الوطن وأخياره. • معبد آمون البلدي وعلة الممارسة السياسية : لا يرد أحدٌ القول بأن عالم السياسة يعد الطريق الرسمي الذي يتبعه سعاة الوصول لمحطة صنع القرارات و تخطيط التوجهات والأهداف ذات الطابع العام في المجتمع. أن تكون سياسياً يعني أن تكون في موضع الإشتغال لتلبية طلبات مختلف الناخبين بطريقة يحق من خلالها للناخبين مساءلة أدائك السياسي و محاسبتك و عزلك إن اقتضت الحاجة ذلك. ولكي تكون الممارسة السياسية للمنتخب صحيحةً يستلزم ذلك وجود رادعٍ رقابي غالباً ما تمثله المعارضة التمثيلية لكبح جماح السياسي على التطاول على حقوق البلاد والعباد، والأجدر في كل ممارسة سياسية أن يتجنب أصحابها فارق القوة وتضارب المصالح، حيث لا يجتمع على سبيل المثال في مجلس إنتخابي رئيس غني مع أعضاء متوسطي الدخل، أو كأن يكون المجلس متكوناً من موظفين يشتغلون في إحدى مقاولات رئيسهم، لان ذلك يجيز السكوت عن منكرات رأس المجلس ضماناً للقمة العيش، كما أنه لا يتفق ترشيح سياسيٍ في منطقة نفوذه الإقتصادي مع الممارسة السياسية الصحيحة لما قد يورثه ذلك من إستغلالٍ للنفوذ وتركيع الشأن العام في حضرة الشأن الخاص، فيضيع المواطن البسيط في لعبة المصالح والمنافع. وعموما فإن المتابع لمجريات السيرة البلدية لمعبد آمون الجديد سيرى كيف تم تعطيل الممارسة السياسية الصحيحة بعصا المال والنفوذ حيث يستميل الرئيس غالبية المجلس كأعوان ومرافقين يقود قرارهم قود الجمال بعيره في إطار مقاربة إنفرادية يسود فيها الرئيس ويحكم، ولعل التباين الكبير في المستوى الإقتصادي لرئيس البلدية الذي يعد أحد أثرياء الحرب الأسبقين بالصحراء مع باقي المجلس يعد بوتقة النفوذ بالنسبة له حيث يستحيل الإعتراض أو حتى التشكيك في قوله وفعله في إطار مقاربة رأسمالية قوامها "أنا المسيطر إقتصاديا، إذن أنا المهيمن سياسياً". إن المتأمل لشكل التدبير العام لشؤون المجلس البلدي في حالة التغافل عن الإنتماء الجهوي الأصلي لرئيسه القادم من أتون مدينة أخرى تطفو أسرته على مشهدها السياسي، سيلفي أن النفوذ الإقتصادي لمقاولاته المتعددة هو ضالته في المعترك السياسي إذا ما نظرنا لحجم المشاريع المخولة له ولأستثماراته منذ تقلده كرسي الآمونية ببلدية المدينة. جاعلا مهمته الأساسية في علاج الإختلالات البنيوية وتدوير رحى التنمية مع ما يتلائم ومردود الثروة الهائلة للجهة هامشاً ثانوياً في رصيف معبده البلدي. • المعبد البلدي، بين تأطير الفساد وقلة الإنجازات : إن سمكات "الشواري" الإنتخابية التي أزكمت أنوف المجتمع الدولي بروائح الفساد الذي قهقهر المغرب درجات سفلى في سلم الشفافية الدولية حتى تموقع مؤخرا في المرتبة "80 " عالمياً ضمن تقرير المنظمة المختصة له ما يفسره مادام مفهوم الفساد اقتصاديا يعني توقّف التنمية وإنتفاء فرص العمل المنتج، اما ترجمته سياسيا فيعني غياب الكفاءة والمصلحة الوطنية مقابل شراء ولاء الاتباع قبليا أو عرقياً. ولعل هذا ما نلحظه صاغراً عن كابر بجهتنا خاصة في مجالسها المنتخبة وعلى رأسها الجماعة الحضرية للمدينة. والتي باتت مربط الفرس في إعلاء كلمة الفساد والريع وعصا العثرة في جادة التنمية المحلية، فأستأثرت شريعتها في ترويد جياد الفساد ليمتطيها المجتمع بعدها إقتفاءاً لنهج مجلسها الفاسد، فباتت ممارسة الفساد والرشوة عادةً سرية محمية من المساءلة والعقاب، وأمراً مألوفا ومقبولا اجتماعيا حسب قاعدة «اذا لم اقبل الرشوة سيقبلها غيري»، أو «اذا لم ادفعها لن يتم تعييني». كما يشكل اكتشاف الفساد في موقع ما، والسكوت عليه، اداة ابتزاز سياسي ومادي هائلة الربح وغالب الدلالة في ذلك "علاقة الوالي بالمنتخبين". لذا تصبح الخطوة الاولى في سيرورة الفساد والرشوة وتخريب المجتمع هي عندما يشرعن كبار المسؤولين نهب الاموال العامة تحقيقا لمكاسب شخصية. وهذا هو جوهر مايحدث في الداخلة اليوم في ظل معابد تسييرية يسيجها المسؤول وحاشيته بسياج الشخصنة والمحسوبية. إن المجلس البلدي بما يحمل من رحال تسيير نفوذه الترابي رحيلاً نحو تنمية إجتماعية وإقتصادية وثقافية بدت ناقته معقورة الساق بالداخلة بعقال "الجيوب أولى" .فأستأنس رؤساءه بعرباتهم "الجيمية" وطابوا عيشا برغد الميزانية وحلاوة الترحال في متم الأسبوع لشم "تگرويحة" الحياة بعيدا عن روائح المطرح البلدي وزكام الواد الحار الكريهة. ولإقتفاء أثر منجزاتهم الحاضرة والسابقة إيجازا للتفصيل وإبرازاً للتحصيل نحاول إظهار ذلك في مايلي : 1-على الصعيد الإجتماعي : منذ حقبة التوظيفات المباشرة التي يعلمها الراسخون في الجهة من أبناءها الاسبقين. لم يدخل أسوار الجماعة توظيفياً غير معشر الرئيس وأعضاء مجلسه حتى إستلهم بعضهم التشغيل من وليجة إعداد كؤوس الشاي لرئيس المجلس الدائم "التدواخ" . في حين لم يجني ثمار المشاريع المخصصة للمقاولات الصغرى بالبلدية غير أشباح الرئيس ومن إفترشوا طرف سلهامه تملقاً، مع ما صاحب ذلك من إجهازٍ على عديد الأعراف التي دأب مجتمع الداخلة على التعود على مراسمها مع كل زعيمٍ بلدي، حيث لا تتطلب رخصة البناء مثلاً غير فاتحة السلام على الرئيس وخاتمة التوقيع، ليتم تعويضها بالدفع الشخصي أو التوكيلي من مال الرئيس الخاص. على الصعيد الإقتصادي : إن المتتبع لهذا المجال يحير في حجم الميزانيات ، وسط جهة تطول يد سخاء بلديتها على مهرجانات البذخ والردح وتقصر عند العمران والتنمية المجالية، حيث حدائقها اليابسة الزرع لا تصلح لغير التنفيس عن "لغدايد" بملفوفات "الحشيش"، ومنشآتها المرقعة من فائض المخلفات الإسبانية يغني وصف دار السينما فيها عن أي توصيف، وبنيتها التحتية تفند حجم نفقاتها قطرات المطر القليلة، ومعضلة الصرف الصحي لازالت تراوح مكانها منذ تأسيس أول مجلس بلدي بالمدينة. أما التكليف القانوني للمجلس بالتحصيل الجبائي فعرف التفريط غالب على أمره إذا ما تم قياس حجم الإعفاءات التي نالها مستثمرو قطاع الصيد البحري ولوبيات الاستنزاف داخله . إستدامتاً لمنح التراضي بين الطرفين ولعل المتابع لغربلة هذه العلاقة الحميمية التي تربط المجلس بمافيا الصيد يعلم أكثر من غيره مباني تلك العلاقة.ولعل اللائحة تطول في هذا الجانب. على المستوى الرياضي والثقافي : إن مجمل ما تشكر عليه بلدية آمون من منجزات يمكن حصرها في المجال الرياضي، حيث أحسن قادة المعبد على المنشآت الرياضية بتوجيهٍ من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فصار للساكنة مكان لحرق السكر المتصاعد حنقاً على مصير الجهة. أما ثقافياً فتواجد مكتبات من العيار الجيد لا يكفي في ظل غياب وعيٍ ثقافي كان على مسؤولي المعبد الاموني زرعه في الساكنة تحفيزاً على القراءة وأقتناء خير جليس لبني البشر.خاصة في ظل منظومة تعليمية فاشلة أنتجت أجيالا "نقيلية" تتوارث الغش والإتكالية جيلاً عن جيل. على المستوى البيئي والصحي : لا شك أن مكس العصا بالداخلة هي البيئة التي باتت خطراً داهماً في غياب الرادع والوازع الرقابي الذي تمثله البلدية في جزء كبير، ولعل غياب شرطة بيئية في المجال الحضري للداخلة يعد أكبر دافع لتلويث الجهة ، هذا مع قلة التجهيزات وغياب الوعي المدني بفضل النظافة. زد على ذلك الأذى المتصاعد من المطرح البلدي الذي أكره الناس في خدمات المجلس الحضري، لتأنس الساكنة بالأزبال قربها بدل بعثها في شاحنات المطرح لتعود عليهم أمراضاً تنفسية قاتلة. أما صحياً فالأكيد أن هناك تقاعسا تدعمه حقن الرشاوي عن مراقبة جودة المواد الإستهلاكية ومدى صلاحيتها. ورغم أن الأمر لا ينحو منحى الخطورة والحمد لله حتى يبلغ مبلغ التسممات القاتلة كما جرى بمدن أخرى إلا أن الأمر يبقى مربوطاً بحبل القدر وحفظ السماء في غياب السلطة عن أداء وظيفتها التي أنتخبت من أجلها. • غياب الحكامة والتباين مع باقي الجهات : لا يسع البدائي والمتمرس والخبير في مدلهمات السياسة وأراجيسها أن يصف الحكامة الجيدة دون الحديث عن ترشيد الموارد والنفقات والقطيعة مع الحكم الفرداني واحادية صنع القرار من رأس السلطة، وهي في الوقت نفسه ترجمة لأرادة الساكنة أو المجتمع في تحقيق الرفاه والتنمية المستدامة على أرض الواقع، ولعل المتكلف بقياس ما سبق وإسقاطه على واقعنا البلدي يجد الرفاه والتنمية المستدامة لا تتعدى حيطان المعبد الاموني في جهة يحكمها "ختيارية" المعابد المتسلطة على الرقاب بسيوف الفساد. ولعل رئيس المجلس البلدي والذي لا يبلغ من العلم غير شهادة "الشكارة"، لا يعلم عن الحكامة غير إعتقال الذمم بقوة المال، لتشيع الفردانية وتسود سياسة "كور وأعطي للأعور" التي أنجبت تحالفات أو لنقل توأماتٍ إجبارية مشوهة في المشهد الحزبي، ودليلي في ذلك علاقة أو بأكثر دقة تبعية رئيس الجهة الإشتراكي لرئيس البلدية الحركي. والشاهد في عين الغرابة يوحي بأن البرامج الحزبية بالداخلة لا تتعدى غاية التزكية في عين المترشح، ليصل هذا الأخير للكرسي قالباً ظهر المجن على حزبه وهرطقة البرامج وكذا على المواطن وهذيان الوعود. في سياسة كور واعطي للاعور البلدية بالداخلة، يدور برحاب آمون الرئيس ميكيافيليون جدد، حيث غاية الإلتصاق بالمنصب تبرر وسيلة التبعية الكلية لصاحب "الشكارة" فصار الشأن العام حلقة مفرغة في ظل دوائر خاصة. بالمعبد الاموني يتحكم أخطبوط المال برؤوس عديدة في المشهد السياسي للداخلة يتقدمهم رئيس الجهة والمجلس الإقليمي، أين تغيب الإرادة السياسية والشخصية المعنوية لدى رأسين من رؤوس الشأن العام. حيث يهتدي الجمع بهديِّ المرشد البلدي ويأتمرون بأمرهِ وسط أكبر المجالس بيروقراطية بالمغرب. • بلدياتنا المستقبلية بين نظرية السيطرة الإنتخابية والحلول الإصلاحية : يقول الكاتب الإنجليزي ديفيد إيكي : "إن الجموع تقاد وتساق بطرق مختلفة من السيطرة العقلية والعاطفية، فهذه هي الطريقة الوحيدة للسيطرة. إذ لا يمكن السيطرة على ملايين من الناس جسديًا. السيطرة الجسدية على سكان الأرض مستحيلة، لكن ذلك ليس بضروري حين يمكن للمرء أن يتلاعب بطريقة تفكيرهم وبمشاعرهم لدرجة أنهم يقررون ما يريدهم أن يفعلوا ويطلب منهم أن يضعوا القوانين التي يريد أن يضعها هو. إنه أمر معروف منذ القدم؛ إذا أردت من أحدهم أن يفعل أمرًا ما، إجعله يعتقد أنها فكرته." هذه النظرية نجد تأويلها بالداخلة أثناء مواسم الإنتخابات، حيث تمتزج عاطفة القبلية البدوية، وعقلية الإسترزاق المتراقص على فاقة الساكنة وحاجتها لتنتج قادة من عديمي الكفاءة ينزوون على منبر المسؤولية إنزواء القردة. ولعل هذا النمط التفكيري الخطير والذي أنتجته سنين طوال من المقاربات الأمنية وتحكيم نبلاء المخزن ورعايا سياسته الترويدية للمواطن الصحراوي، في محاولة تهجينه على المواطنة عن طريق تسعير حدة المحاصصات القبلية، لم يأتي ثماره بل كان القشة التي قسمت ظهر التنمية وخلفت أجيالاً ناقمة على المخزن ومخططاته التنموية بشكل عام. إن النطام اللامركزي للممكلة والاوراش الملكية الكبرى القادمة والتي في مطلعها ورش الجهوية الموسعة قد إتحدت في وجه المركزية والمحسوبية والزبونية وإشعاعاتهن الإقصائية الفتاكة بحياة التنمية المنشودة بالمنطقة، ولعل المستقبل بما يحمل لنا من وعود نرجو من صاحب الغيب صدقها، يحتم علينا البحث في كومة الحلول لنجد إبرة النجاح والقطيعة مع التدبير "المعابدي" في جهتنا. والذي أرجعنا لعصر النبلاء والطبقية المجتمعية لأمم القرون الوسطى. ولكي يكون المنتخب في مستوى التطلعات وعلى قدر المسؤولية فإن معرفة دوره كملكف وليس مشرف يحتم عليه تقريب الإدارة من المواطن والإنفتاح على الساكنة وهمومها وأنشغالاتها، دونما التقوقع الضيق حول نفسه ومريديه وتسلق جبال الفوقية كالأروي في إطار مقاربة "الفاضل والمفضول" بمعنى "أنني تقلدت الكرسي بمالي، فلا شأن لكم بعدها بحالي وأفعالي". زد على ذلك أن التجارب السابقة والتي ربطت مصير شأننا العام بجيد نخبة يعلوها الصدأ والجهل وأنعدام الكفاءة، تتحمل الأقلية الإرتزاقية من الساكنة الجزء الأكبر من ترقيتهم لمنصات المسؤولية. في حين إعتزلت الأكثرية الصامتة من أهل الداخلة فتنة "الشكارة" الإنتخابية وجلست تتمعن في جهة يقودها أشياع المال والقبلية النفعية نحو الهاوية. إن الحل الأسمى لمعضلة الكرسي البلدي يكمن في إختيار الأكفئ وليس الأثرى، لأن السياسات العمومية وتطبيقها ومتابعة أثرها على المعنيين بها لن يصيبها من لا يفهم "كوعو من بوعو" بل لن تجد بالاً عند من لا تهمه وتعنيه "السياسة" من أساسها بما أنها تعد في منظوره الخاص مكملاً لإيصال مشاريعه ومقاولاته لبر الإستفادة. وإذا ما حاولنا إقتفاء نماذج خارجية لشكل من أشكال الكفاءة القيادية لبلديات العالم، فإن التجربة الأردوغانية إبان التسعينات والتي أوصلت رجلً مغموراً لسدة الزعامة التركية بفضل سياساته الناجحة والفعالة والتي أرجعت إسطنبول قبلة سياحية عالمية على قلة مواردها، كما أن الزعماء التايوانيين المتعاقبين منذ الألفية الثانية من القرن الحالي قد وصلوا على ظهر التدبير الحكيم لبلدية تايبي فكسبوا تعاطف شعب تايبي وأصوات الشعب التايواني على أمتداد جغرافيا بلده. ولعل محاولة ضرب الأمثلة مع مجتمعات تختلف فكرياً وحضارياً عن مجتمع الداخلة الإنتفاعي الموسوم بوسم البداوة والقبلية الرجعية الضارة يعد ضرباً من الجنون. غير أنه إذا ما توفرت إرادة حكومية حقيقية في القطيعة مع شكل التدبير السابق للمنطقة وكذا قطع دابر النخبة التقليدية الفاسدة المعتمدة على حصن "الشكارة" وأصوات تجار الذمم. فإننا في جهة لا تخلو من الكفاءات والنخب المثقفة القادرة على أستنساخ التجربة الأردوغانية أو أفضل منها حتى. إن الحل الأمثل لجهتنا وشكل القيادة المستقبلية لبلديتها يجسده بحذافيره الخطاب الملكي الاخير بقول الملك "غايتنا إجراء قطيعة مع نمط التدبير السابق، وتمكين أبناء المنطقة من المشاركة في تدبير شؤونهم المحلية، في ظل الشفافية والمسؤولية، وتكافؤ الفرص." وليضع الوضاعون ومن يقفون حجر عثرة في وجه هذا الكلام خطاً عريضا أسفل الشفافية والمسؤولية وتكافؤ الفرص، لأن الجمل الثلاثة بما تحمل من وزن ديمقراطي ثقيل تبقى الحلقة المفقودة في أرضنا خاصة في موسم الإنتخابات الموشك على البزوغ. لذا نأمل أن تجد وصايا الملك الإصلاحية من يجيد فهمها وليس من يقفز عليها بقوة الجاه والمال. ختاماً لقد أوشك نجمُ آمون البلدي على الأفول مع بزوغ شمس الإنتخابات، وأملنا أن تعيد الساكنة ترتيب أوراق إختياراتها وتحيد الدولة عن شكل التدبير السابق المرتكز على سوق الأصوات السوداء. علنا نوكل شأننا العام لمن فيه سماتٌ يوسفية يهد بحكمته أصنام المعابد المتسلطة على البلاد والعباد، وينقلب مسؤولو الأمس "الصدإين" صاغرين. ويبطل ما كانوا يعملون.