التنشئة السياسية في دولة الجزائر لديها ثوابت و من بين هذه الثوابت هي قدسية المنطقة المعزولة من منطقة تندوف التي تحتفظ فيها دولة الجزائر بلاجئين صحراويين. هؤلاء اللاجئين خصصت لهم مكانا خاصا محروسا و محاصرا و تمنع عنهم حرية التنقل كما ان الضمانات الاساسية لبقاء هؤلاء اللاجئين على قيد الحياة هي الاستمرار في احترام ثوابت التنشئة الاجتماعية السياسية التي تلقوها منذ صغرهم في مدارس ابتدائية تسهر ثلة من المتمذهبين الايديولوجيين الجزائريين المنتمين الى جهاز المخابرات على وضع خطها الايديولوجي الذي لا يجب لأي صحراوي كيف ما كان نوعه الانزياح عنه. هذه المنطقة التي يتواجد فيها اللاجئون الصحراويون المحاطون بمراقبة صارمة هي المنطقة التي تقدم فيها الاحزاب السياسية الجزائرية قسم الولاء و الطاعة للمؤسسة الجزائرية الحاكمة و من يعتقد بان زعماء الاحزاب السياسية الجزائرية هم احرار في تبني موقف اخر غير موقف الدولة الجزائرية فهم مخطئون لأنه باستثناء زعيمين سياسيين هما لويزا حنون و الحسين ايت احمد فلا زعيما سياسيا واحدا استطاع أن يتخذ موقفا مغايرا للموقف الجزائري المتصلب من قضية الصحراء. هذا الموقف الذي تتخذه دولة الجزائر اتجاه الاحزاب السياسية الجزائرية و اتجاه المعطيات التي تخص ساكنة مناطقها بشكل عام هو موقف شمولي و مرتبط بمنظور و مهام الدولة الجزائرية اتجاه مواطنيها و مهام و منظور الدولة الجزائرية اتجاه سكان باقي المناطق المغاربية. تندوف هي من مقدسات السياسة في دولة الجزائر و ككل المقدسات عبر التاريخ كل من يقترب منها يصاب بالحمق أو الجنون. يقول السيد محمد اليازغي الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي سابقا و وزير دولة سابق بأنه يوجد في دولة الجزائر اثنان و خمسون حزبا سياسيا و حزبان فقط من بين هذه الاحزاب السياسية هي من لديها موقف مغاير للحكومة الجزائرية. نفس الشيء يؤكده السيد عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة المغربية الحالية و زعيم حزب العدالة و التنمية حيث يؤكد من جهته بان :"تندوف هي مكة الاحزاب السياسية في دولة الجزائر" حيث بداخل هذه الدولة يجب على اي مسئول سياسي جزائري يريد تقلد منصب حكومي ان يقدم قسم الولاء و الطاعة للمؤسسة العسكرية الحاكمة في مخيمات تندوف، لأنها مكة الاحزاب السياسية. السيد عبد الاله بن كيران استشهد على هذه الظاهرة الشاذة في الجمهورية الجزائرية بحالة محفوظ النحناح زعيم حركة حماس الجزائرية الذي كان لديه موقف مساند لمغربية الصحراء لكن بمجرد ما بدا يفكر في منصب حكومي ضمن الفريق الحكومي الجزائري ذهب و قدم ولاء الطاعة بمخيمات تندوف. إلا ان المسكين محفوظ النحناح يقول السيد بنكيران توفي مباشرة بعد زيارته لمخيمات تندوف و لم يحصل على اي شيء. تهكم السيد بن كيران و قال بأنه احمق من يعتقد بان في السياسة وعود. اذا كانت تندوف هي مكة الاحزاب السياسية الجزائرية فان دولة كوبا هي المدرسة العمومية المجانية المخصصة للأطفال الصحراويين و للناشئة الصحراوية المحتجزة في مخيمات تندوف. السيدة كومسانيا بيردومو ممثلة كوبا في مداخلتها في الجلسة العامة للأمم المتحدة الثامنة و الستون أكدت بأن "سنة 2012 ، تخرج أكثر من 1800طالب صحراوي من المعاهد التعليمية الكوبية." ووزير التعليم الجزائري هو الاخر اكد خلال بداية الموسم الدراسي الحالي الذي يقبل على نهايته بان وزارة التعليم الجزائرية أضافت خلال هذا الموسم الدراسي عدد ثلاث مئة تلميذ صحراوي الى الاعداد التي تسهر وزارة التعليم الجزائرية على تدريسها و تلقينها. هذا الامر المتعلق بتمدرس الاطفال الصحراويين بالمؤسسات الجزائرية و المؤسسات التعليمية الكوبية ليس بالمسالة الانسانية المحضة التي تخص ضرورة تمدرس الاطفال كما تنص على ذلك المواثيق الدولية بل هو أمر اكبر و اعمق و مرتبط بقضية التنشئة الاجتماعية و السياسية وفق مواصفات النظام السياسي الجزائري الذي يريد اعادة انتاج نفسه عبر الاطفال الصحراويين الذين يجعل منهم جنودا لسياسته و ايديولوجيته في المنطقة. بالنسبة للنظام الجزائري تمدرس الاطفال الصحراويين مستوى ابتدائي في المدارس الابتدائية الجزائرية او في المدارس التي يديرها بالنيابة عنه بعض المتمذهبين الايديولوجيين الصحراويين ليس تمدرسا خالصا وفق قيم التمدرس المرتبطة بالقيم الانسانية الكونية بل هو تمدرس مرتبط بمخططات النظام الجزائري التوسعية و ذلك على حساب الصحراويين الذين لديهم انتماء قانوني و سيادي محدد هو الانتماء السيادي للمملكة المغربية. النظام الجزائري لم يكتف بجعل تندوف مكة الاحزاب السياسية الجزائرية و لم يكتف كذلك بجعل التنشئة السياسية و الايديولوجية للأطفال الصحراويين شانا جزائريا محضا بل منذ سنة 2004 و هو يبحث جاهدا عن ايجاد صيغة قانونية متحايلة على القانون الدولي لجعل الدم الصحراوي جزائري L'algérisation du sang Sahraoui. النظام الجزائري لم تكفيه التنشئة الايديولوجية للأطفال الابرياء الذين زج بآبائهم في حرب خاسرة بل عمل منذ سنة 2004 على جعل حتى كروياتهم الحمراء و البيضاء جزائرية و هذا ما عمل على تنفيذه يوم 25 غشت 2004 لما صادق مجلس الحكومة الجزائرية على قانون الحق في الارض Droit de sol الذي هو حق انساني رائع ابتدعه القانون الانساني الدولي لحماية و دمج اللاجئين و المنفيين الهاربين من كل اشكال الاضطهاد النفسي و البدني إلا ان النظام الجزائري تبنى هذا القانون للاستيلاء على الدم الصحراوي عن طريق التدرج فمن الاعتراف بالحق في الارض سيستطيع تنفيذ مبدأ الحق في الدمDroit de sang . بموجب هذا القانون الذي صادق عليه مجلس الحكومة الجزائري يوم25 غشت 2004 كل الاطفال الصحراويين الذين ازدادوا على التراب الجزائري أصبحوا جزائريين و كذلك الصحراويون المولدون من امهات جزائريات هم كذلك اصبحوا جزائريين كما هو الامر لأبناء قادة جبهة البوليساريو الذين على رأسهم ابناء زعيم الجمهورية الصحراوية المزعومة لأن امهم هي وزيرة الثقافة الجزائرية المدعوة خديجة حمدي. هكذا تم اجتثاث الهوية الصحراوية من طرف الجمهورية الجزائرية و لم يبقى منها اي شيء يذكر. فالصحراويون منذ سنة 2004 باسم حق الارض و حق الدم من منهم ليس جزائري فهو كوبي. لقد تم اجتثاث كل الهوية الصحراوية بواسطة ممارسة ثلاثة أنواع من الاحتجاز فمن الاحتجاز بداخل المخيمات الى الاحتجاز بداخل الايدولوجيا الانفصالية عن الوطن الام ليتم احتجازهم نهائيا بداخل الدم الجزائري، لا لشيء فقط للتنكر للأصل الصحراوي الممتد أصلا بداخل التراب الجزائري.