img width="740" height="578" src="http://www.tizpress.com/wp-content/uploads/2016/06/idssalh.jpg" class="attachment-full size-full wp-post-image" alt="رسالة استعطاف عاجلة إلى "الحلّوف" وأولاده العشرة" title="رسالة استعطاف عاجلة إلى "الحلّوف" وأولاده العشرة" srcset="http://www.tizpress.com/wp-content/uploads/2016/06/idssalh-300x234.jpg 300w, http://www.tizpress.com/wp-content/uploads/2016/06/idssalh.jpg 740w" sizes="(max-width: 740px) 100vw, 740px" / تحية طيبة، وبعد: بلغني أنك آت على حقل الذّرة الذي حرسته ليلة أمس، وأنّني أزعجتك بصيحتي الجهورية في ليلة ظلماء، وأنّ أولادك فزعوا جرّاء ذلك كلّه، وزوجك الحامل أحسّت بأجنّتها ترتعد خوفا، فأحدث ذلك غضبا لدى عشيرة "الحلّوف" ككلّ، وامتعاضا من تصرّفي الارتجالي اللاّمسؤول. كما بلغني أنّني كنت سببا في حرمانكم من سحور فاخر مكوّن من الذّرة الطّازجة، وشيء من الدّيدان التي تخفيها تلك الأرض الرّطبة، فأحدثت لكما وللأولاد العشرة خاصّة رجّة نفسيّة تستدعي علاجا مكثّفا ومنتظما. وبلغني أيضا، أنّكم عازمون في الإقدام على خطوات تصعيدية ضدّي وضدّ حقلنا المشؤوم، وقد يتجاوز انتقامكم كافّة الحقول، لما رأيتموه من تهاون الجهات الرّسمية في حمايتكم من مختلف الاستفزازات والتّحرشات "المجّانية"، وأنتم تمارسون حقوقكم المكفولة بقوّة الطّبيعة و"القانون". أيّها "الحلّوف" المحترم جدّا، أعتذر بشدّة عمّا صدر عن هذا العبد الضّعيف، فالأخطاء كثيرا ما توقع المرء في الأزمات، وأولاها مخاصمتك، بيد أنّني لم أفعل ذلك عن سبق إصرار، بل قمت بحماية لقمة عيش تعاهدها والدي بالرّعاية مدّة من الزّمن ليست بالقصيرة، في ليلة ظلماء لا يرى فيها السّائر موضع قدميه، ولم أكن لأفعل عمدا، حتّى لا يحرّر محضر رسمي في حقّي من الضّابطة القضائية يدينني ب"إزعاج الحلّوف"، فهذه الأيّام أيّام سود، قد تُرتكب فيها جريمة شنعاء في حقّ آدميّ ويغلق الملفّ كأنّ شيئا لم يقع، وقد يتمّ إزعاج "الحلّوف"، فتحرّك الهواتف، وفي رمشة عين، تصير مدانا بتهمة غليظة، ويصدر في حقّك حكم استعجالي، يثقل كاهلك إلى الأبد، وتلصق على جبينك وصمة عار، وتدفع غرامة تستمدّ روحها من موادّ جرائم الأموال في "شريعة حمورابي". أعتذر عن هذا "النّزق" الذي لا يصدر إلاّ ممّن لا يعرف قيمتك بيننا، فأنت الذي تسيح في جنبات الدّوار ليلا أكثر منّا، وتتجوّل في الحدائق والحقول كما لا يفعل أحد، تختار ما لذّ وطاب، ممّا تجود به الأرض، وتنتقي بخيلاء كالسيّد الإقطاعي في أرضه، وتراقبك العيون، وتنصت لحوافرك الآذان، تحرسك أينما حللت وارتحلت. أيها "الحلّوف": لم أعد ذلك الطّفل الشّقيّ المزعج الذي يجري مع قنّاصة غلاظ، يأتون إلينا نهاية كلّ أسبوع، ليمارسوا هوايتهم المفضّلة، ويتركوا لنا التّعب والشّقاء والأعطاب وعشرة دراهم إن كان الحظّ حليفنا، قبل أن يظهر جدل تشغيل القاصرات في بيوتات الأعيان. غزانا الجُبن بتردادنا على المدن الفسيحة، وقراءتنا عن أحوال إنسان ما في مكان ما قنصته جحافل القنّاصة للاشتباه في آدميته، وقراءتنا عن أناس قتلهم خنزير تهاونوا في الإجهاز عليه، وآخر عوقب بغرامة لأنه أزعج أحدهم، فما كان منّا إلاّ أن دوّنّا كلّ شيء، بما في ذلك رسالتك هذه، امتثالا لنصيحة الشّاعر (مولاي علي شوهاد):"tinnayak ijran abab l3a9l taratnt". أيّها "الحلّوف" المحترم جدّا: أعلم تماما، أنّك خُلقت قمّاما، لكنّك أفضل ممّن درّب نفسه على ذلك، وأفضل بكثير من هؤلاء السّاسة الذين يجلدوننا في مجالسهم ليلا ويطلقون علينا كلابهم نهارا، يبتسمون في فترات من الزّمن، وينقضّون علينا بعدها، يأكلون لحمنا كما لم تفعل، ويفرغون جيوبنا كما لم تفعل، ويسبحون في عرق جبيننا كما تفعل. لم أشأ أن أزعجك بهذه الرّسالة المستعجلة جدّا، وفي هذه الظّرفية بالذّات، فتقلق منّي وتتّهمني بما لم أقترف، لكن للمقام مقاله، فاعذرني إن شئت، فويل لمن أزعجك في زمان كهذا الزّمان، ومكان كهذا المكان.