إن المتتبع لتداعيات ما قاله الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية السيد عبد الإله بنكيران في مؤتمر الحركة الشعبية حول الأحزاب السياسية بالمغرب . لا يكاد يفهم شيء خاصة بعد خروج حزبي الإتحاد الإشتراكي والإستقلال عن صمتهما الذي لم يستمر طويلا . بإعتبار أن هذين الحزبين كانا قريبين جدا لحزب العدالة والتنمية خلال الإنتخابات الماضية التشريعية منها والبرلمانية . وهؤلاء الأحزاب المذكورة أعلاه يسيرون مدن ومقاطعات جنبا إلى جنب . السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف نفهم هذا الجدال والسجال السياسي العقيم والإنتقادات اللاذعة التي استعملت فيها كلمات مجانبة للصواب بالمرة ؟ الآن جل الأحزاب السياسية تحمل البنادق على أكتافها وتوجه الرصاص لهذا الحزب الذي يعتبر مكون رئيسي في المشهد السياسي بالمغرب . في محاولة لعزله وتركه وحيدا وقطع الطريق عليه مبكرا لكي لا يصل بل لا يشارك في حكومة مقبلة ومن ثم الحكم عليه بالنجاح أو الفشل . هذه الحرب الكلامية تروم إظهار هذا الحزب على أنه إقصائي شمولي لا يعرف الديمقراطية ولا يمارسها بل يحاول إستغلال جنة الديمقراطية المفقودة داخل الأحزاب جميعها وعلى مستوى النظام السياسي بالمغرب كما يهدف هذا اللغط من النيل من رمزية الحزب والتأثير على المواطن العادي وتأليب الرأي العام عليه . في جولة إستقرائية لكل التصريحات التي أدلا بها الأحزاب ضد العدالة والتنمية نجد ها تفوح منها رائحة قوية لإنتخابات 2012 المقبلة . ولهذا فالإصطفاف وإختيار الحلفاء المحتملين لما بعد الإنتخابات الآتية بدأ اليوم وكأن العدالة أعطى لهؤلاء الذين يصطادون في اليابسة هدية مجانية . حديث الأستاذ عبد الإله بنكيران ينبغي ألا يقرأ خارج معيار التقسيم السياسي الكلاسيكي للأحزاب المغربية .الذي تقول به كل الأحزاب والمختصين في الشأن السياسي بالمغرب . بأن هناك أحزاب تاريخية وأخرى إدارية تم طبخها في الكواليس في الساعات الأخيرة من الليل صبيحة الإنتخابات ورغم ذلك تفوز بالرتبة الأولى .ولمن قرأ تاريخ الأحزاب المغربية سيتضح له هذا الأمر بدون جهد وعناء وإستعمال ذكاء . إذن خطاب بنكيران يمكن وضعه في خانة الحديث عن مشروعيات الأحزاب المغربية وهذا ليس بالحديث الغريب عن المشهد السياسي المغربي .ومن بين هاته المشروعيات هناك المشروعية التاريخية والمشروعية القانونية والسياسية ...إلخ . والذي أثار إنتباهي وإندهاشي صراحة حديث اليازغي عن الإتحاد الإشتراكي الذي قال بأن بنكيران كان في حركة _( إرهابية )_ ويقصد بذلك الشبيبة الإسلامية . وهذا تحويل لمسار السجال السياسي المطروح حول مشروعية الأحزاب بل جدوى بعضها ونبش في الماضي الذي لا طائل من ورائه . وكذا تصريح الأصالة والمعاصرة الذي ذهب أبعد من البعد في إنتقاده لتصريح الأستاذ بنكيران بيحث إتهم حزبه بأن له تحالف ضمني وصريح مع أناس خارج المشروعية ( ولا أعلم عن أي مشروعية يتحدث ) . والمقصود هنا هو جماعة العدل والإحسان الذي يضعها الخطاب الرسمي (حتى لا نقول القانون إفتراء) في دائرة المحظور . والذي قال عنها وزير الداخلية السابق بالمناسبة أنها أصبحت خارج القانون بفعل تكثيف أنشطتها . وهذا إختراع لقاعدة قانونية لم يقل بها فقهاء القانون من قبل ولهذا فالتاريخ سجلها كبراءة إختراع لبنموسى . ونطلب من وزارة التربية والتعليم أن تدرجها في مقرر طلبة الحقوق .... واللبيب والمتفطن يدرك جيدا الفرق الشاسع في الخط السياسي لجماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي المتمثل في حركة التوحيد والإصلاح بالرغم من المرجعية المشتركة التي تجمعهم ويمكن إعتبار العدل والإحسان الأقرب لحركة التوحيد والإصلاح وجناحها السياسي المتمثل في العدالة والتنمية من كل الهيئات الموجودة في الساحة . لأنهم ينطلقون من مرجعية واحدة تجمع ولا تفرق. وإنما تفرق السياسة والإجتهاد وفهم الواقع ... للتذكير أن حزب الأصالة والمعاصرة مشروعه مبني على إستهداف الإسلاميين وتصيد هفواتهم ومحاربتهم كما قال مع ظهوره أول مرة . وكان محط إنتقاد جميع الأحزاب واعتبرته حزب الملك ووافد جديد لكن اليوم نرى كيف يتمسحون به ويتقربون إليه زلفى سبحان مبدل الأحوال . هنا تفقد الأحزاب مصداقية خطابها وقد نجد غدا نفس الأحزاب التي تهاجم العدالة تتقرب إليه وتتحالف معه هذه هي السياسة عندنا في المغرب . لالا أحد يفهم شيء ... [email protected]