صفق الجمهور بحرارة لفيلم "احكي يا شهرزاد" للمخرج يسري نصرالله الذي قدم مساء الخميس خارج اطار المسابقة الرسمية في مهرجان البندقية السينمائي في دورته السادسة والستين رغم تمايزه عن الاعمال السابقة للمخرج المصري الذي اعتاد تقديم سينما مختلفة. وقدم الفيلم بحضور النجمة منى زكي بطلة العمل والفنانين محمود حميدة وحسن الرداد وكاتب السيناريو وحيد حامد والمنتج كامل ابو علي صاحب شركة "مصر سينما" اضافة الى المخرج. وعبر كامل ابو علي امام وكالة فرانس برس عن فرحته بالاستقبال الذي حظي به الفيلم بالقول: "هذا اسعد يوم في حياتي". ويعالج "احك يا شهرزاد" اوضاع المرأة من خلال حكايات تقدم عبر برنامج اسبوعي تلفزيوني تختار المواضيع له وتقدمه مذيعة عنيدة وواثقة تقوم بدورها منى زكي، تريد تغيير الواقع الذي تعيشه المرأة المصرية في مجتمع اليوم. . وتتضارب رغبة هبة (منى زكي) الساعية الى كشف الظلم اللاحق بالمرأة والتنديد به عبر فضحه واثارته في برنامجها التلفزيوني، مع مصالح الزوج كريم (حسن الرداد) الصحافي الناجح والساعي لتولي منصب اعلى وان كلفه ذلك التخلي عن الكثير من المبادئ التي يفرضها عليه واجبه المهني. ولا تساعد التنازلات التي لا تكف هبة عن تقديمها لزوجها كي يحصل على منصبه على حل الخلافات بينهما فيما تتوالى حكايات النساء اللواتي تستنطقهن المذيعة على الشاشة وتمر حكاياتهن مرفوقة بتجسيدها المصور ما يضفي على الفيلم طابعا تقليديا شائعا وشكلا طالما استخدمته السينما. اما هبة فتكتشف انها رغم ارادتها الابتعاد عن السياسة فهي كلما اثارت قضية تقودها الى قلب السياسة سواء حين تتكلم عن الفقر اوالقهر اوالظلم المنتشر في انحاء المجتمع المصري. ويطرح الفيلم بالفعل هذه القضايا سريعا ملامسا لها من خلال شخصية الزوج الطموح والذي رغم تنازلاته المتواصلة وتعريضه علاقته بزوجته للخطر يفشل في النهاية في تحقيق هدفه بينما تستمر هي في رواية حكايات النساء وآخرها حكايتها الخاصة التي ينتهي الفيلم عليها. ودافع يسري نصرالله في حديثه لوكالة فرانس برس بعد عرض الفيلم عن "احك يا شهرزاد" بالقول: "انا احب الميلودراما" واعتبر في رده على القول بان الملامح السينمائية ليسري نصرالله لا تتبدى في هذا العمل، ان بصماته موجودة في اداء الممثل وتصوير الاجساد وفي طريقة ادارة الكاميرا والكادرات والاضاءة وحركة الاجساد خاصة الذكورية في المساحة. لكن يسري نصرالله ابتعد في هذا العمل عن رسم وتصوير المصائر الفردية لاشخاص مختلفين في المجتمع المصري كما في "سرقات صيفية" او "مرسيدس" ليقترب من سينما اكثر قدرة على الرواج بجانب الجمهور المصري. ويقول نصرالله "احب سينما حسن الامام وامرأة الخمسينات التي كانت متميزة وانيقة وجذابة وانثوية والسينما المصرية اليوم همشت هذه المرأة وقلصت دورها لتقدمها فقط بصورة الام اوالزوجة اوالاخت او الابنة. هناك ازدواجية المجتمع المصري ووحيد حامد قلب الآية حيث تحولت المراة من مرغوب فيها الى شخص يرغب". غير ان نصرالله يقر ايضا بانه ووحيد حامد كاتب سيناريو "ارهاب وكباب" و"عمارة يعقوبيان" ينتميان الى عالمين مختلفين تماما في السينما وكان حامد قدم له سيناريو "احك يا شهرزاد" قبل نحو عام كي يقرأه. واعتبر المخرج ان "احكي يا شهرزاد" هو وليد التوفيق بين هذين العالمين. غير ان "احكي يا شهرزاد" الذي خرج الى الصالات المصرية في شهر حزيران/ يونيو ولا يزال يقدم فيها سجل نجاحا جماهيريا لم يحققه من قبل اي عمل ليسري نصرالله ما قاد البعض الى التساؤل حول ما اذا كان المخرج تنازل عن السينما خاصته رضوخا لاغراء شباك التذاكر الذي يفرض قانونه وايضا لمقتضيات الانتاج التي تفهم السينما بانها ربح مادي على الطريقة الهوليوودية. وكانت من المفترض ان تنتج شركة روتانا هذا الفيلم في البداية لكنها ارادت التغيير في السيناريو ما رفضه وحيد حامد بشكل قاطع. وتولى المنتج كامل ابو علي انتاج الفيلم في نهاية المطاف. ويتضمن العمل طروحات ومشاهد اعتبرت جريئة في السينما المصرية اليوم وهو ما ركزت عليه اسئلة الحاضرين في المؤتمر الصحافي الخميس من الايطاليين الذين ارادوا معرفة ما اذا كانت الرقابة المصرية منعت شيئا في الفيلم. وكان رد فريق الفيلم ان الرقابة لم تمنع شيئا على الصعيد السياسي لكن المجتمع كان له رقابته على مشاهد وصفت بالساخنة في "احك يا شهرزاد". وكانت ضجة سبقت ورافقت خروج العمل في مصر حين قدمت مشاهد دعائية منه اعتبرت ساخنة وهوجمت نجمة العمل منى زكي عليها باعتبارها كانت من المدافعات الشرسات عن مفهوم السينما النظيفة. ونفى يسري نصرالله لوكالة فرانس برس ان تكون نسخة الفيلم المعروضة في مهرجان البندقية مختلفة عن النسخة الاصلية التي تمتد على 135 دقيقة كما افادت شائعات. وكان البعض قال ان نسخة الفيلم المقدمة في البندقية تزيد بعشرين دقيقة عن تلك التي قدمت في القاهرة.