طفت على السطح في السنوات الأخيرة تفشي ظاهرة الأمهات العازبات ، وهي تعني الإنجاب والولادة خارج مؤسسة الزواج. الظاهرة استأثرت باهتمام الجميع لما لها من عواقب وخيمة ليس على الأم أو الطفل المولود فقط، بل على المجتمع بأكمله.هذا الأخير الذي ينظر إلى الأم العازبة نظرة احتقار وإقصاء وكأنها ارتكبت بمحض إرادتها جناية لا تغتفر مما يزيدها ألما وتصدعا نفسيا حتى وان كانت ظروفا خاصة هي التي زجت بها في براثن الرذيلة مما يعمق ألامها فلا هي تخلصت من نظرة الشارع السيئة ولا هي وجدت لنفسها ولمولودها مأوى يقيهم حر تقلبات الزمان... المجتمع يعتبر الأمهات العازبات مومسات عاهرات جزائهن الإقصاء والتهميش بل ينحو الجزاء منحى تحريم الحديث عنهن ويصبح موضوعهن احد الطابوهات التي لا يجوز الخوض فيه مما يدفع المجتمع إلى كيل شتى النعوت والصفات القدحية في حق الأم العازبة دون استثناء مولودها الذي جاء به القدر على حين غرة رغما عن أنفه ونعته بابن الزنا، اللقيط، ابن الفاحشة والطفل الحرام رغم كونه لا يتحمل وزر ما هو فيه لتكون النتيجة في النهاية الإكراه الاجتماعي له ولوالدته.مما يدفع عدد من الأمهات العازبات بمجرد إحساسهن بالحمل إلى الهروب من بيت الأسرة مخافة الفضيحة وانكشاف الأمر الذي قد يجلب العار لها أمام سيادة ثقافة بدائية قوامها المنع والحرام (حشومة ، عيب) داخل المجتمع ، ومنهن من تعمد إلى التخلص من المولود أو تسليمه إلى من يكفله كي تقر عينها ومنهن من تسعى إلى تصفيته بعيدا عن الأنظار وهناك من تضع حدا لحياتها هي الأخرى ويبقى صنف أخر بمجرد ما يقع في الحمل حتى يطرق باب الدعارة من أوسع أبوابه لان الوالد المحتمل للجنين تنكر لها بعد قضاء مآربه وتلبية رغباته ونزواته وتركها وحيدة تلاقي مصيرها وسط عالم لا يرحم المرأة العازبة ولا ينظر إليها نظرة شفقة ورحمة وان ما وقعت فيه لا يعدو أن يكون خطئا يمكن إصلاحه ولا يمكنها بأي حال من الأحوال تحمل المسؤولية لوحدها ، فالمجتمع بأكمله له نصيبه ويتحمل وزر ذلك لان الظاهرة في عموميتها متراكبة و مترابطة ، فالانحلال الخلقي والإباحية المفرطة والواقع المنحل وسيادة أجواء السفور إضافة إلى السياحة الجنسية كلها عوامل تزيد النار حطبا إضافة إلى غياب تربية جنسية حقيقية تزيل ما يسمى بالطابو لأنه لا يزيد الواقع الا تعقيدا. لا يمكن إلصاق التهم دائما بالفقر على أنه الدافع الحقيقي إلى عالم الدعارة، فهناك أمهات عازبات من اسر ميسورة لكنهن يبقين سواسية في نظر المجتمع عند وقوعهن في شراك الحمل خارج إطار الزواج و سواسية في العواقب التي تلحقهن كذلك ، أما الشريك أو صاحب الفعل المحتمل غالبا ما يكون بعيدا عن أي عقاب أو شبهة رغم أن المنطق يفرض أن يقتسما المسؤولية والخطأ لأنه لا دخان بدون نار... ظاهرة الأمهات العازبات في المغرب في تزايد مستمر أمام انحلال المجتمع وفساده رغم مسؤوليته الكبيرة في تفشي الظاهرة مما يفرض سن وتفعيل قوانين من شأنها وقف معاناة أمهات يحصدن وزرا لم يرضينه لأنفسهن ناهيك عن نفسيتهن المحبطة وحالة الانطواء والصدمة والإحساس بالذنب الذي يلازمهن مدى الحياة رغم أنهن لم يخترن هذا الطريق عبثا و إنما فرضه عليهن الواقع المر. [email protected]