تنقسم طنجة إلى أربع مقاطعات انتخابية، هي مقاطعة طنجة المدينة، ومقاطعة الشرف - السواني، ومقاطعة مغوغة ومقاطعة بني مكادة.ويبدو أن مقاطعة طنجة المدينة، ستكون الأسخن من بين كل المقاطعات، وهي التي يسميها الكثيرون «مقاطعة الموت»، أولا لأنها الترمومتر الحقيقي لقوة أي مرشح أو حزب، وثانيا لوجود أسماء وازنة وبحظوظ متقاربة، وثالثا لأنها قلب طنجة النابض اجتماعيا وتاريخيا. في هذه المقاطعة، يسير الاتحاد الاشتراكي، الغارق في خلافاته الداخلية منذ حوالي سنتين، إلى توافق ولو مرحلي عبر تفاهم حصل مؤخرا بين جناحين متصارعين، يمثلهما الدحمان الدرهم، عمدة طنجة الحالي، والكتابة الإقليمية التي يترأسها محمد أعراب، بحيث سار الاتفاق على أن يترأس الدحمان اللائحة، يتلوه أعراب. لكن مفاجآت آخر لحظة تبقى واردة. حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تعود على لعب دور كبير في هذه المقاطعة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية السابقة، تلقى ضربة إدارية غير متوقعة قبل أيام حين منع وكيل لائحته، يوسف بنجلون، من الترشح في هذه الدائرة، وفق المادة 5 من القانون الانتخابي الذي يمنع المرشحين الذين غيروا أحزابهم من الترشح مع أحزابهم الجديدة، وهو ما دفع بن جلون إلى عرض قضيته أمام القضاء، فيما يبقى البديل لديه هو النزول في لائحة مستقلة، لكن قرار القضاء جاء سريعا وامتلك بن جلون حق الترشح باسم حزبه الجديد. فالبند 5 كان مجرد زوبعة في فنجان. الاسم الثاني في لائحة التجمع يرتقب أن يكون جمال أربعين، ابن البرلماني عبد الرحمن أربعين، في حال لم تحدث مفاجآت في آخر لحظة. أما حزب الأصالة والمعاصرة، وعلى الرغم من أنه يخوض صراعه الانتخابي الأول، إلا أن لائحته في هذه المقاطعة تبدو وازنة، أولا لأن وكيل لائحته هو سمير عبد المولى، نجل عبد العالي عبد المولى، مالك شركة كوماريت الملاحية، والذي كان أبرز المرشحين لشغل منصب عمدة طنجة سنة 2003، قبل أن تؤول لدحمان الدرهم. وثانيا لأنه بعد عبد المولى يوجد اسم بارز آخر هو حفيظ الشركي، المنسحب حديثا من حزب الاستقلال، عقب خلافات حول من يتصدر لوائح الحزب في المدينة. من جهته، فإن حزب العدالة والتنمية، الذي يعتبر من الأحزاب الرئيسية في المدينة، يدخل هذه الدائرة وهو يعرف حجم المنافسة التي يلقاها من جانب أحزاب توصف بالقوة والتجربة في هذا المجال، وهي أحزاب تعتمد بشكل كبير على خبرتها وقوة مرشحيها المادية. وسيتصدر لائحة الحزب في هذه المقاطعة محمد أفقير، وهو صاحب شركة، يتلوه في المرتبة الثانية البشير العبدلاوي. حزب الحركة الشعبية في طنجة، الذي طالما اعتمد على وجوه أساسية مثل محمد أقبيب، اختار هذه المرة منح التزكية ليونس الشرقاوي، صاحب الخبرة الطويلة في مسالك ودروب هذه المقاطعة، الذي يشغل منصب نائب رئيس مقاطعتها. الشرقاوي، الذي كان خلال الانتخابات البرلمانية لسنة 2007 مرشحا باسم حزب التقدم والاشتراكية، سيخوض هذه الانتخابات بلون مختلف في مقاطعة يعرف جيدا متاهاتها، لكن نقطة قوته، ومعه الصحافي عبد المالك الصالحي، الثاني في اللائحة، هو أن لهما تجربة مهمة في هذا المجال، وفي هذه المقاطعة بالضبط. أما حزب الاستقلال، فإن لائحته في هذه الدائرة سيترأسها محمد العربي بوراس، صاحب أسطول الصيد البحري، وبعده يأتي عبد الحميد بليطو، الرئيس السابق لفريق اتحاد طنجة لكرة السلة، وخلفهما أمين بنجيد، مستشار برلماني ورئيس غرفة الصناعة التقليدية. في هذه المقاطعة، طنجة المدينة، ستنزل أيضا أسماء قوية في لوائح مستقلة، أبرزها اللائحة التي سيقودها محمد أقبيب، البرلماني السابق، تحت يافطة الحركة الشعبية، والذي سينزل هذه الانتخابات لأول مرة في هذه المقاطعة، بعد أن كان ينزل سابقا في مقاطعة الشرف – السواني، أو فحص أنجرة، التي خسر فيها مقعده البرلماني سنة 2007. أقبيب سينزل برفقته في هذه اللائحة زكرياء بولعيش، وهو أيضا كان من ضمن وجوه الحركة الشعبية. مقاطعة طنجة المدينة لن تكون دافئة فقط في صراعها من أجل الأصوات، بل يرتقب أيضا أن تعرف أحداث عنف في حال سخنت الحملة الانتخابية أكثر من اللازم، خصوصا وأن هذه المقاطعة عرفت من قبل وقائع عنف. لكن هناك أيضا بعض الطرافة في هذه المقاطعة، وبطلها حزب صغير منح تزكيته لشخص اكتشف في النهاية أنه غير مسجل في اللوائح الانتخابية، لكن الحزب الصغير ظل يطالب هذا الشخص بأداء ثمن التزكية، والرجل يقول إنه لن يترشح فكيف يؤدي ثمن التزكية الحزبية. إنها واحدة من مهازل الديمقراطية على الطريقة المغربية.