إن استمرار الصورة المأساوية لهذه القنطرة يعود بنا إلى سنوات مضت حينما كان الإعلامي الكبير عبد السلام الشعباوي بارك الله في عمره ، يطلق عليها وصف قنطرة الموت لما كانت تشهده باستمرار من حوادث قاتلة ليس فقط بسبب السرعة المفرطة ورعونة السائقين، ولكن للعيوب التقنية الملازمة لهذه القنطرة الغريبة الأطوار، والتي وضعت في الأصل كقنطرة متحركة على مصب وادي الشاط لتكون مدخلا للعبور إلى البحيرة الاصطناعية بشاطئ مالباطا التي أصبحت في خبر كان . وحينا أقبر مشروع البحيرة السياحي تم الإبقاء على القنطرة بعد تسويتها بالطريق وتعبيدها إلا أن عرضها ظل أصغر حجما من عرض الطريق ، مما شكل سببا رئيسيا في وقوع حوادث السير خلال عدة عقود ، بسبب غياب علامات التشوير المنبهة للخطر والمحددة للسرعة ..ورغم توسعة القنطرة خلال إنجاز أشغال الإصلاحات الخاصة بتأهيل منطقة خليج طنجة في السنوات الأخيرة ، فإن القنطرة ظلت مهملة ، مما أدى إلى تآكل الأعمدة الحديدية المشكلة للحواشي بعد أن علاها الصدأ ، فبدأت تتفكك وتتهاوي، كما ظلت حاملة لجوانب مسننة كفيلة بأن تصيب المارة بالأذى أو تتسبب في تعثرهم ووقوعهم في النهر الملوث والمملوء بالوحل .. والمثير للانتباه أن هذه القنطرة تعد المعبر الرئيسي الذي يمر به المئات من المواطنين يوميا ، لكونها تقع عند مدخل المنطقة الرياضية المتواجدة بعين المكان وكذلك شاطئ مالباطا. كما يشهد الموقع سنويا نزول المؤسسات الخاصة بألعاب الأطفال والتي تحط رحالها بعين المكان ، (كالسيرك ، ولافوار .) مما يجعل المنطقة تعرف إقبالا مكثفا للزوار مصحوبين بالأطفال والصغار ، وكل الأفواج تقطع هذه القنطرة الضيقة التي لا تكاد ترى خلال الليل بسبب قلة الإنارة ..والمخجل أن يتواجد هذا المشهد في عمق المنطقة السياحية المميزة بسياحة المؤتمرات ورجال الأعمال الذين يتم استقبالهم عادة في فنادق المنطقة التي يرتادها السياح فيفضلون القيام بالجولات والسير على الشاطئ فتقودهم أقدامهم إلى هذه القنطرة، حيث يصابون بالذهول والحيرة، وكان من بين هؤلاء وزير التجهيز السيد عزيز الرباح في زيارته الأخيرة إلى طنجة لحضور مؤتمر رجال الأعمال الخليجيين .. وعلى مقربة منها يمثل عمود كهربائي كان مثبتا بعين المكان فوق الرصيف، فتم قطعه والتخلي عن بقاياه من طرف المقاولة التي تكلفت بإنجاز الصفقة الخاصة بالكهرباء ، ولا زال العمود يخفي بداخله الحبال الكهربائية التي يجهل ما إذا كانت حاملة للتيار أم لا .. وذلك بجوار الرصيف ، وبجانب أحد الملاعب الرياضية هناك .. ما من شك أن حمار الشيخ وقف في العقبة حينما تعلق الأمر بهذه القنطرة ، لأن المسؤولين عما يسمى بتأهيل طنجة قد أعيتهم القنطرة ولم تسعها كل الأموال والاعتمادات الضخمة التي ابتلعتها صفقات النخيل ، ونباتات الزينة ، والرخام ، والعشب .. وذلك من أجل الإبقاء على هذا المشهد المحاط بكثير من الألغاز. ألا يحق بعد كل هذا أن يتخذ الموقع مزارا لعدد من العائلات التي رزئت بفقدان فلدات أكبادها الذين أزهقت أرواحهم على مذبح أعمدة هذه القنطرة المشؤومة التي تظل تستفز المشاعر وتدين موقف المسؤولين بسبب عجزهم عن إصلاح قنطرة صغيرة ..