"بأنفاس متجددة وخطوات متأنية، يواصل "رونق المغرب" رحلته الطويلة في بحور الإبداع المتشعبة، من القصة إلى الشعر ومن الشعر إلى الرواية ليعود مرة أخرى إلى مرفأ القصة. في ضيافة كتاب آخر، نلتقي اليوم لنجدد التواصل مع القلوب البيضاء التي تشاركنا رحلة الغوص في عوالم الإبداع والثقافة. إن لقاء اليوم ليس احتفاء ب"وشم في السعير" للقاص هشام ناجح القادم إلينا من مدينة الجديدة فحسب، وإنما احتفاء بالقصة المغربية، احتفاء بالأدب المغربي بمختلف أشكاله الإبداعية." بهذه الكلمة أعلنت الشاعرة عائشة بلحاج (عضو الراصد الوطني) عن انطلاق فعاليات حفل تقديم وتوقيع مجموعة "وشم في السعير" للقاص هشام ناجح، الذي نظمه "الراصد الوطني للنشر والقراءة" بتنسيق مع "مندوبية وزارة الثقافة"، مساء يوم السبت 1 يونيو 2013 بمندوبية وزارة الثقافة (طنجة). وشهدت الجلسة التقديمية مشاركة الأستاذ حميد البقالي (طنجة) بورقة عنونها ب: «سمات السرد في تصوير نماذج ومواقف إنسانية من خلال "وشم في السعير" لهشام ناجح» تحدث فيها عن سمة المجاز كملمح في عتبات النصوص، وتطرق إلى التمثيل لنماذج إنسانية بسمة مجازي، معتبرا المجموعة قد تجاوزت الفضاء الضيق المحلي إلى آخر شاسع زمنيا ومكانيا، من خلال صور وفضاءات وشخصيات ومصائر تتفاعل مع سمة المقروء والحلم والمسرحة والشعر، مما جعل القاص هشام ناجح ينتقل من الوظيفة الإمتاعية إلى الوعي بالموقف والقيم التي يبثها في نصوصه ومحاولة إبرازها في التبشير بالشخصيات وبناء مصائرها. وفي ورقة الأستاذ محمد البغوري (طنجة) والتي عنونتها ب «نصوص " وشم في السعير" إبحار في الأسفار الممتعة أو الكتابة المستحمة بلذة السعير ومتعة المكابدات للمبدع والقاص هشام ناجح»، ركز فيها على التيمات المهيمنة على المجموعة: السفر، البحر، التهميش بحيث يواصل هشام ناجح البحث والتحليل في قضايا وظواهر عصيبة مثل التهميش والخصاصة وضيق اليد والاقصاء، كما يستحضر العديد من الحكم والأقوال مما يدل على معرفته الواسعة بالمرجعيات والنصوص القديمة، بلغة جميلة في الدقة والوصف تدفع القارئ إلى تأمل النصوص وطرح الأسئلة، بغية الظفر بالجواب الذي عساه أن يضمد الجروح والشقوق القابعة في العقول والأحاسيس والقلوب. في حين تطرق الأستاذ السعيد كرماس (طنجة) في ورقة عنونها ب «هشام: الناجح في البدايات» إلى اهتمام القاص بعوالم الحكاية العربية بشخوصها ومواضيعها ورموزها السياسية – الاجتماعية والشعرية، خاصة وأن المجموعة تعتمد على متن قرائي أصيل بكل المقاييس لجمع ما بين التراثي والديني والعالمي، بجرأة كبيرة في خوض غمار تجربة روائية من الطراز الكوني، من خلال حضور مواضيع وعوالم سردية متنوعة وغنية بين دفتي المجموعة القصصية بأسلوب حكائي يجمع بين المحكي والعالمي، كما استعمل القاص إشارات قوية توحي بأنه على وعي تام برهانات السرد الحديث. وقد ساهمت الأستاذة نعيمة القضيوي الإدريسي (الدارالبيضاء) – نابت عنها الأستاذة فاطمة الزهراء المرابط- بشهادة عنونتها ب «هشام ناجح: المبدع الإنسان» تحدثت فيها عن هشام ناجح الإنسان البسيط والأصول الدكالية التي تجمعهما، قبل أن تمتد العلاقة الاجتماعية إلى المشهد الإبداعي، كما تحدثت عن هشام ناجح المبدع المتمكن من عوالم اللغة والسرد بملكته الخيالية الممزوجة بالواقعية والتي جعلت نصوص المجموعة تستحق الاحتفاء والقراءة. واختتمت الجلسة التقديمية التي سيرها الأستاذ محمد الكلاف بكلمة القاص هشام ناجح شكر فيها "الراصد الوطني للنشر والقراءة" على هذا الاحتفاء وعلى احترامه للإبداع وتشجيعه للكتابة ودعمه للحرف، وشكر كل الأساتذة الذين ساهموا في الجلسة التقديمية بقراءاتهم الرصينة ومقالاتهم الحصيفة، كما حيى طنجة والحضور البهي. واحتفاء بالقصة القصيرة وب "وشم في السعير" تناوب على منصة الإلقاء أصوات قصصية متميزة: هشام ناجح (الجديدة)، عبد الغفور خوى (بن جرير)، فضيلة الوزاني التهامي (تطوان)، أبو الخير الناصري (أصيلة)، محمد سدحي (طنجة)، نهيلة أجمعن (طنجة). وقد عرف الحفل حضور ثلة من المبدعين والنقاد والإعلاميين والمهتمين بالشأن الأدبي الذين قدموا من مناطق مختلفة من أجل الاحتفاء بمجموعة "وشم في السعير" للقاص هشام ناجح، وإذا كانت القاصة فاطمة الزهراء الصمدي قد أعلنت عن نهاية فعاليات هذا الحفل، فإن جسور التواصل مع عشاق الكلمة الجميلة ظلت ممتدة إلى ساعات متأخرة من ليلة السبت، لتسجيل لحظات إبداعية ستظل ذكرى غائرة في أعماق ذاكرة طنجة و"رونق المغرب".