من المنتظر أن يمثل الأستاذ جعفر حسون أمام المجلس التأديبي التابع للمجلس الأعلى للقضاء ،يومه الأربعاء 8دجنبر 2010 للنظر في قضيته التي أسالت الكثير من المداد ،وخلفت العديد من ردود الأفعال بالنظر لمواقفه الجريئة في عدد من القضايا ،التي اعتبرها البعض خطا أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي مبرر مهما كانت قوة حجته،في ظل قضاء ضعيف عليل لا زال يعتبره الدستور المغربي جهازا وليس سلطة كما هو متعارف عليه في الدول الديمقراطية. ويأتي هذا المثول بعدما رفضت المحكمة الإدارية بالرباط الطلب الذي تقدم به الأستاذ حسون يطعن من خلاله في قرار توقيفه من طرف وزير العدل. ومن المعلوم أن محمد الناصري كان قد عزل كل من الأستاذ محمد أمغار والأستاذ جعفر حسون،بسبب تسريبهما لمعلومات سرية تخص بعض قرارات المجلس الأعلى للقضاء للصحافة حسب ادعاءات بلاغ الوزير،وهو ما اعتبرته المنظمات الحقوقية في بيان مشترك انتهاكا صارخا لمبدأالفصل بين السلطات،والمعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء. وكانت المحكمة الإدارية بمدينة مراكش التي يترأسها القاضي جعفر حسون ،المعروف لدى الأوساط القضائية والحقوقية بنزاهته وكفاءته وكذا جرأته قد أصدرت أحكامها المثيرة في عدد من القضايا الحساسة ،جعلت جهات ما داخل الدولة تتحين الفرصة المناسبة للتخلص منه في أقرب الآجال. ومن أبرز القضايا في هذا الصدد التي شدت إليها أنظار المتتبعين ،قضية الغاء المحكمة الإدارية بمراكش لقرار وزير الداخلية بإغلاق دور القرآن التابعة أو القريبة من جمعية الشيخ محمد المغراوي،ثم الغاء نفس المحكمة لنتائج انتخاب عمدة مراكش التي أوصلت فاطمة الزهراء المنصوري ممثلة حزب الأصالة والمعاصرة الى كرسي العمودية ،قبل نقض الحكم في المرحلة الثانية. ويبدوا أن السياق الذي أتى فيه هذا العزل هو سياق التراجعات القضائية بامتياز،وفي هذا الإطار علينا أن نقرأ استعمال القضاء لضرب أو ابعاد الخصوم السياسيين ،كما هو شأن قيادات حزب الأمة والبديل الحضاري،وأن نقرأ الأحكام الصادرة في حق الصحافة الحرة،وأن نقرأ أيضا عدم تنفيد أهم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ... ولاحظنا خلال المدة الأخيرة كيف ارتفعت أصوات تطالب بفتح نقاش حقيقي حول اصلاح القضاء ،ولاحظنا كذالك كيف قدمت جمعيات ومنظمات حقوقية مقترحات عملية لإخراج الجسم القضائي المغربي من مرضه المزمن،ولعل رسالة المعتقل السياسي محمد المرواني أمين عام حزب الأمة تأتي في هذا الإطار. معظم المراقبين يرون أن المغرب سيشهد خلال الفترة القادمة حملة جديدة للمطالبة بإصلاح القضاء ،ويستدلون على ذلك برد الفعل الجماعي للمنظمات الحقوقية اتجاه توقيف القاضي جعفر حسون،وبعدما اتضح للعيان أن القضاء يحتاج الى اصلاحات أساسية ،حددت الجمعيات الحقوقية أبرزها في ما يلي: أولا:على المغرب أن يصادق على الاتفاقيات الدولية التي لم يصادق عليها المغرب بعد،كالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2006 ،والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية..وكذا البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ثانيا: المراجعة العاجلة للمقتضيات الدستورية المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء،وفي مقدمتها توسيع اختصاصاته،قصد تمكينه من سلطة تقريرية حقيقية ..وتمكينه كذالك من وسائل العمل الضرورية كإفراد ميزانية خاصة له،ومقر وموظفون وإداريون... ثالثا:التنصيص الواضح على مقتضيات وإجراءات تنظيمية تدعم استقلال النيابة العامة عن باقي المؤسسات خصوصا وزير العدل ،فمقتضيات الفصل 56من ظهير 11نونبر 1974يضع قضاة النيابة العامة تحت رحمة وسلطة وزير العدل ،كما يجب اعطاء استقلالية أقوى لقاضي التحقيق ،ثم لا ننسى وضع معايير التجربة والكفاءة والنزاهة كأساس لتولي المناصب.. هذه اذن بعض الخطوط العريضة لمقترحات الجمعيات الحقوقية لإصلاح القضاء التي بطبيعة الحال دونها عناوين صغيرة متعددة،وحالة القاضي جعفر حسون وغيرها كثير ،تقتضي وضع ملف اصلاح القضاء على الطاولة فهل نرى في القريب العاجل مبادرة اصلاحية قضائية لمعالجة قضاء مغربي عليل؟نتمنى ذالك. [email protected]