خرجت علينا يا زعيم حزب المصباح، في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم الجمعة 4 شتنبر، في الفضاء المخصص للندوات في مقر حزب العدالة والتنمية، منتشيا بفوزك في الانتخابات الجماعية والجهوية على منافسيك في عدد من المدن، وأولها فاس. خرجت كقائد حرب دك خصومه في أرض المعركة، يمشي الخيلاء، يلتفت يمينا وشمالا، يبتسم تارة، ويسرح بنظره في القاعة تارة أخرى، منتشيا بما حققه جنوده في الميدان، وصارخا في وجه بعض الصحافيين. أن ينتشي زعيم حزب بفوزه ليس لا عيبا ولا حراما، بل هذا طبع الإنسان وما جُبِل عليه، لكنني رأيت في عينيك شخصا آخر، وسمعت صوتا غير ذلك الصوت الذي كان يحدثني في سابق الأيام قبل دخولك الحكومة، وبعدها.. لقد شاهدتك تتقدم خطوات في طريق الغرور "السياسي". حتى سبحتك تخليت عنها. هل غياب باها هو السبب؟ هل الفوز في الكثير من معارك أعطاك ثقة في النفس زائدة؟ هل تفاهة بعض من معارضيك لها دور؟ لا أدري، ربما تجيبنا ذات يوم، لكنني شعرت بأنك في الطريق إلى أن تصير غيرك. اسمح لي يا رئيس الحكومة إياك والغرور، فلك عبرة في من سبقوك إلى لعبة الاعتداد الزائد بالنفس، حيث سقطوا كما تسقط الأصنام، سقطوا سقوطا مدويا لم يستطيعوا النهوض بعده.. وهل تقبل هذا الكلام من صحافي ربما لا تتذكر ملامح وجهه سألك أكثر من مرة وأجبته في أكثر من مناسبة، لكنه وجدك في المرة الأخيرة متغيرا ومتبدلا ومترفعا.. صحافي يخاطبك اليوم وأنت المنتصر المنتشي وقد منحك الشعب مليونا ونصف مليون صوت. ستقول يا رئيس الحكومة: معي الشعب، يريدني الشعب، صوت علي الشعب، "مسخن كتافي" بالشعب، سأتخذ إجراءات للشعب أو لمصلحة الشعب حتى وإن عارضها الشعب، ثم سيصوت علي الشعب.. وسيأتي اليوم الذي سينتفض هذا الشعب، فيطيح بك كما أطاح بالسابقين، إن أنت زدت في غرورك وتفردك في القرارات، والشعب يعمل بمقولة: "الراس اللي ما يدور كدية". غاب عنك اللطيف عبد الله باها، رحمه الله، فغاب عنك النصيح، فلم تعد ترى في مرآة نفسك ما صرت عليه. لقد قلت يوما عن باها إنه ينبهك إن أخطأت ويقومك إن اعوججت. فمن لك اليوم وقد صرت أحوج لمن ينزلك منازل التواضع؟ لقد صرت أفتقد فيك عبد الله باها أكثر مما تفتقده وقد اجتاحتك نشوة الانتصارات، فحتى الرزين إدريس الأزمي لم يعوض فراغ الفقيد. لك الآن فقط أن تبكي بها رحمه الله. احذر يا السي ابن كيران، فالغرور سينسيك الانتباه إلى طريق المليئة بالحفر. من حقك أن تفرح، لكن إلى حين، وتذكر ما كان سيقوله لك المرحوم اليوم بعد انقضاء الانتخابات. السي ابن كيران عد قبل أن تنتقل العدوى، وقد انتقلت ربما، إلى أعضاء حزبك وأتباعك، الذين اقترب بعضهم كثيرا من حضيض احتقار منافسيهم ومعارضيهم، كالتلاعب بكلمة التفويض أو وصف الفوز في مدينة فاس بتحريرها من "محتل"، ففي آخر الأمر إنها انتخابات وليست معركة حربية بين جيش الغزاة والمحررين، ولا بين الكفار والمسلمين. مارسوا السياسة والتسيير رحمكم الله. فاحذر أن تخسف بك أرض "الشعب" وأنت تمشي الخيلاء "السياسية". مع احتراماتي.. انتهى الكلام. كيفاش