لا حديث هذه الايام وسط المستضعفين و الأسر الفلاحية المفقرة بجماعة دار بنقريش لحد وجود فزع و توتر جماعي ينتاب هذه الفئة من المواطنين الا عن التصميم المرتبط بمشروع التهيئة الجماعي الذي يوجد منشورا في حجم ضخم وعملاق بمقر دار الجماعة من اجل الاطلاع عليه و تسجيل الملاحظات من قبل الساكنة و خاصة ممن له قطعة ارض او عقار متواضع لا يسمن و لا يغني من جوع موروث عن اسلافه هو رأس ماله في هذه المنطقة البئيسة التي سلبت منه كل شيء و لم تعطيه الا القليل الذي لا بستحق ذكر مما كان ينتظره من رفاهية و كرامة انسانية بفضل حصول البلاد على الاستقلال . خاصة و أنه أي التصميم المعني - كما يقال يأتي بعد فترة قصيرة لتحركات استهدفت اجراء عملية تحفيظ تم تسجيلها و ملاحظتها من قبل السكان تجري على ممتلكاتهم من غير اذن منهم و لا طلب !؟ و المستغرب في الامر ان مشروع التهيئة المعني بدلا من ان يتضمن مناطق للوجستيك و الانشطة الصناعية تقليدية كانت ام عصرية ، و مساحات مخصصة لمشاريع سياحية و رياضية تتلاءم مع طبيعة تراب الجماعة و تساهم في جلب الاستثمارات و تشجع بالتالي على خلق اجواء التنمية بالجماعة و توفير فرص الشغل أمام الشباب العاطل ، و التخفيف من آثار البؤس و الحرمان و الانتظار القاتل لدى الاسر المغلوبة على أمرها ببنقريش . فإن العكس هو ما يتم استنتاجه من خلال قراءة للمؤشرات ذات الصلة بالآفاق التي يفتحها المشروع المعروض امام الساكنة لابداء ملاحظاتهم ، فلا اثر لفضاءات او مناطق تم تخصيصها في المشروع للتنمية الاقتصادية و تنشيط الشغل و المشاريع المدرة للدخل . و كل ما يمكن ملاحظته بشكل رئيسي هو سيطرة الهاجس السكني و العمراني الذي يحاول المشروع من خلاله ابتلاع اراضي المفقرين و وضع اليد على مساحات عريضة تحت مسمى المناطق الخضراء بين قوسين و التي توجد بطبيعتها خضراء لا تحتاج الى تسمية المشروع لما يوجد بها من فلاحة رغم تواضعها و اشجار للزيتون و المغروسات ، و التي توجد في وضع يرشحها ليقع عليها الاختيار للتوسع العمراني و السكني الذي تعرفه الجماعة نظرا لموقعها المتميز . ذلك أنه بإلقاء نظرة سريعة على اجمالي التصميم المرتبط بالمشروع المعني تلاحظ انه تم اقتطاع أو ابتلاع اربع مناطق هامة و هي مناطق B1 وB2 و B3 و B4 وفق الترميز المعتمد في التصميم و هي مناطق عريضة جدا تقدر بآلاف الامتار لتوضع تحت مسمى مناطق خضراء بجماعة دار بنقريش رغما على ارادة مالكيها من المفقرين . و هو ما يجعل الساكنة التي تشعر بان ممتلكاتها قد أصبحت مستهدفة باختيارات المشروع و طريقة هندسته تتساءل عن سر هذا العدد الهائل من المناطق الخضراء التي لم توجد حتى بعاصمة الاقليم و المدينة التاريخية و السياحية بالمنطقة و هي مدينة تطوان ، التي تعرف اكثر نسبة من التلوث وقلة المنتزهات و فضاءات التفسح الا ما كان ارثا عن الماضي . فلماذا لم تحرص مشاريع التهيئة الحضرية بتطوان من باب أولى على احداث المناطق الخضراء لمكافحة زيادة نسبة التلوث بالمدينة بآلاف الامتار وعشرات الهكتارات ؟ في حين يتم اقتطاع مساحات شاسعة للمناطق الخضراء في جماعة صغيرة تعتبر بحكم موقعها الجغرافي و خصوصياتها الطبيعية و البيئية كلها منطقة خضراء بصورة استثنائية و حيث لا توجد بها أدنى نسبة للتلوث . و في نفس السياق ، يتساءل المفقرون من الساكنة و ضعاف الفلاحين المستهدفة عقاراتهم بالمشروع الجماعي الحالي ، و الذين يعاني ابناؤهم من فقدان الامل في المستقبل و البطالة المستدامة و انتشار تعاطي المخدرات جراء غياب الافق التنموي بالجماعة عن السبب الذي جعل "مشروع التهيئة الجماعي حديث الساعة " يقارب مسألة التهيئة الجماعية بدار بنقريش اعتمادا على مقاربة سكنية و عمرانية بدرجة اولى في غياب المقاربة الاقتصادية ؟ و ما اذا كانت مسألة التخطيط و اختياراته و طبيعة أهداف المشروع و أولوياته تم توجيهها في اطار صفقة ما !!؟ خصوصا و ان المشروع يخصص اراضي و عقارات هي في ملك اصحابها لتكون مناطق خضراء يمنع تجهيزها قصد البناء و التنمية العمرانية و الاقتصادية تكون مدرة للدخل لفائدة مالكيها المفقرين و المستضعفين أصلا ، في الوقت الذي يجعل المناطق المرخصة للبناء محصورة فقط داخل الدوائر الانتخابية التي ينتمي اليها رئيس المجلس الجماعي و اعضاؤه المستشارون في الغالب و تتمتع بكتلة انتخابية عالية و عدد الاصوات و الناخبين فيها بالجملة . فهل اصبحت الخلفيات المتحكمة في هندسة المشروع انتخابية محضة ؟ ام انها تخضع لمنطق القبيلة و المحسوبية ؟ ام أن منطق الوزيعة التي يشتم رائحتها هي المقاربة الحقيقية التي تم اعتمادها في صياغة المشروع ؟ فهذه و تلك هي اسئلة ضمن اسئلة كثيرة و متناسلة اصبحت مدار حديث الناس هذه الايام خصوصا وسط الفئات المتضررة و المستهدفة في ارزاقها نتيجة الاختيارات غير المتوازنة و المنطقية التي تهيمن على مشروع التهيئة الجماعي الراهن و المعروض قصد الاعلان و ابداء الملاحظات بمقر الجماعة بدار بنقريش .