تستجمع ساحة جامع الفنا ناشيطها من صنوف الاستعراضات القادمين من أنحاء البلاد للمشاركة في عروض أكبر مسرح في الهواء الطلق في العالم العربي، بعد توقف الأمطار في مدينة مراكش عصر الاثنين 2-5-2011. وتوافد الزوار بالتزامن مع حلول وفد يمثل طواف الصداقة المغربية الفرنسية للدراجات النارية وسيارات الدفع الرباعي الذين وضعوا أكاليل من الورد قبالة مقهى أركانة التي هزها تفجير إرهابي يوم الخميس الماضي. وترتفع أصوات مزامير مروضي الأفاعي بأركان الساحة وسياح أجانب عادوا ليلتقطوا صورا للتعبير عن الشجاعة، وبائعو عصير البرتقال المصطفين على شريطين اثنين ينادون على كل عابر، والتفاف حول مقدمي الفرجة من مختلف الألوان وفق ما يسمى بالحلقة وهي كلمة من العامية المغربية تشير إلى تشكيل الناس لدائرة حول مقدم العرض، وترتفع أشعة الشمس من جديد ليزداد حماس صناع الفرح في الساحة لينتقلوا إلى السرعة الثانية لشد مزيد من العابرين مقابل دراهم قليلة. انتهت استعدادات مقدمي الوجبات المغربية في الساحة للشروع في عملهم المرتبط بمقدم الليل، خريطة من الزقاقات الضيقة ما بين أكشاك مغطاة بالأبيض ومضاءة بالمصابيح الصفراء اللون، من رأس الخراف المطهي ببخار الماء للسمك والبقوليات، مروراً بتقديمات للحم المطهي بالخضار أو البرقوق المجفف، وزيادة على مشاوٍ على النار، وتطول لائحة المأكولات التي يصطف السائحون من كل جنسيات الأرض للاستمتاع بها مع كأس شاي مغربي منعنع أو مياه غازية. ويشد الفضول الجميع صوب مقهى أركانة التي انطفأت أضواؤها لالتقاط صور عبر الهاتف المحمول أو آلات التصوير المحمولة لمسرح جريمة التفجير الإرهابي عبر عبوة ناسفة تقليدية الصنع تم استعمال الهاتف المحمول في تفجيرها، وعلى الواجهات المقابلة للمقهى ورود وشموع شاهدة على تعابير التضامن مع الذين لقوا مصرعهم من المغاربة ومن السائحين الأجانب ممن كان قدرهم أن يكونوا من رواد المقهى في الساعة الواحدة و35 دقيقة بالتوقيت المغربي داخل الطابق الثاني لأركانة. وتظهر لافتة حمراء اللون وكبيرة الحجم ويحملها 4 شباب تحمل عبارات التنديد والرفض لأن الإرهاب في مراكش لجمهور فريق الكوكب المراكشي المحلي لكرة القدم الذي يزاول في قسم الكبار، وتخترق المسيرة القادمة من الجهة المقابلة للمقهى من ناحية مسجد الكتبية ولتعبر الساحة بأناسها ولتتوقف بالهتافات المنادية بالحياة لساحة جامع الفنا والمطالبة بمعاقبة من كان وراء مشهد الخراب المترائي للعيان في مقهى أركانة، قبل أن ينفض المشجعون في هدوء والساعة تشير إلى السابعة مساء بالتوقيت المحلي. وأضحى حضور صحافيين أوروبيين منذ يوم الجمعة 29-04-2011 مشهداً مألوفاً للمراكشيين الذين يتحلقون على أطقم التصوير من باب الفضول، اللغات الأوروبية لها متحدثون في الساحة من العاملين في القطاع السياحي الذين يدلون بتوضيحات إذا كانوا من شهود عيان على التفجير أو للتنديد بالفعل أو للدعوة للعمل الجماعي لتجاوز عاصمة السياحة المغربية لأكبر محنة تواجهها في مرحلة ما بعد الضربة الإرهابية غير المسبوقة في تاريخ مراكش. ويرجع صحافي مراكشي الاهتمام الكبير من قبل الرأي العام الأوروبي إلى مكانة المدينة عندهم ووجود ضحايا أجانب على لائحة قتلى وجرحى التفجير، وتزامن الحدث مع ذروة الموسم السياحي ووجود حجوزات يراهن عليها مهنيو القطاع لتجاوز محن الأعوام الأخيرة بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية. وعلى أنغام موسيقى شرقية يضبط بائع الحلزون المطهي تصفيقه في لحظة انسجام وإقبال على الحياة، وفق تعبيره بعد أن سألته "العربية.نت"، قبل أن يضيف أن الحياة يجب أن تستمر بالرغم من كل شيء، وسنقوم بالمستحيل من أجل هذه الساحة لتظل حية دائماً، وليأتي طلب أحد الزبائن على الحلزون المطهي مع التشديد بضرورة التكثير من المرق، ويواصل البائع حديثه عن كونه ابن الساحة كبر فيها وهي مدرسته في تدبير المعيش اليومي في كل فصول السنة. وترسم السماء مشهداً لقوس قزح يرتفع خلف مقهى أركانة قبالة جبال الأطلس الكبير الذي تظهر قممه من الساحة في الأفق القريب، لعشية تعقب ساعات من مطر سقط على مراكش الأحد يوم العمال العالمي استغلته النقابات العمالية المغربية لتنظيم مسيرات شارك فيها قرابة 300 من المراكشيين للمطالبة بإسقاط الإرهاب وبرحيله عن الديار وبرفع الهتافات المنادية بضرورة أن تعود الحياة الطبيعية بشكل مثالي. ومن المرتقب أن تشهد مدينة مراكش يوم الأحد المقبل مسيرة وطنية كبيرة الحجم، بحسب ما أعلنته التنسيقية المحلية لحركة العشرين من فبراير، للخروج لشوارع مراكش من كل مدن المغرب ضد الضربة الإرهابية لمقهى ساحة جامع الفنا في سياق الحراك الذي تعرفه المغرب. هذا وسبق لشباب الحركة أن نظموا وقفة يوم الجمعة الماضية غداة التفجير في الساحة ضد هذا العمل الإرهابي، وقاموا بحملة للتبرع بالدم للضحايا وتوزيع بيان يطالب بتحقيق نزيه وشفاف في الجريمة.