توصل فريق الأبحاث المشرف على التحقيق في التفجير الذي كانت ساحة «جامع الفنا» مسرحا له يوم الخميس الماضي على الملامح الأولية للمشتبه فيه، في تفجير مقهى «أركانة» في مراكش. وقد رسم فريق الأبحاث، الذي تعزز بعناصر فرنسية وإسبانية حلت بمراكش للتحقيق في التفجيرات، صورة للمشتبه فيه، بعد الاستماع إلى بعض الناجين والمصابين في الحادث. وحسب معلومات حصلت عليها «المساء» من مصادر عليمة، فإن هولنديا يبلغ من العمر 47 سنة قدم للمحققين ملامح المشتبه فيه، الذي أكد لهم بخصوصه أنه كان يلبس بذلة رياضية وشرب عصير ليمون في المقهى قبل أن يغادرها ويترك حقيبة كانت تحتوي على متفجرات، هزّ دويُّ انفجارها المقهى بعد دقائق من مغادرته لها. المشتبه فيه ودبلوماسي روسي كان المشتبه فيه ذا شعر كثيف ووجه مستطيل وقامة طويلة، نسبيا، ولا يتجاوز عمره العقد الثالث، مما جعل مسلسل التحقيقات ينطلق بسرعة لتوقيف المشتبه فيه. وأكد أحد العاملين في المقهى، في تصريحاته لفريق المحققين، أن صاحب البذلة الرياضية طلب عصير ليمون، احتساه قبل أن يغادر المكان. وتفيد المعطيات الأولية أن المشتبه فيه غادر المقهى قبل أن يجد سيارة من نوع «فولكز فاغن»، زرقاء اللون، في انتظاره، حيث امتطاها وتحدث مع سائقها، ويغادر المكان، قبل أن يدوي الانفجار، دقائقَ معدوداتٍ بعد مغادرته المكان. كما تحدثت أخبار عن مقتل دبلوماسي روسي كان في رحلة إلى المدينة لاكتشاف الساحة الشهيرة ل«جامع الفنا»، تزامن الانفجار مع تواجده في المقهى، مما أدى إلى مقتله في الحين. ودعم فريق إسباني، يضم خبراء في الشرطة العلمية والفرقة المتخصصة في المتفجرات، وآخر فرنسي، يتكون من ضابطين، يوجدان حاليا في عين المكان في إطار التحقيق، الفريق المغربي الذي باشر التحقيق فور وقوع الحادث. وفي الوقت الذي أكدت مصادر أمنية أن البادرة جاءت، حسبها، في سياق التعاون الدولي في مجال محاربة الجريمة وتبادل الخبرات، أشارت مصادر أخرى إلى أن من شأن العملية إضفاء الشرعية والنزاهة على التحقيق الذي ينتظره الجميع. وفي الوقت الذي تم تحديد هويات العديد من القتلى، من جنسيات مختلفة توزعت بين 5 فرنسيين وهولندية وسويسريين و3 مغاربة ودبلوماسي روسي. ورغم الحديث عن وجود «بصمات» تنظيم القاعدة في مسرح الجريمة، فإن التحقيق لم يكشف بعدُ، بصفة رسمية، عن الجهة التي كانت وراء الحادث. ياسر الزناكي والسياحة عقب زيارته لمكان الحادث وتفقده حالة المصابين في مستشفيات مراكش، وصف ياسر الزناكي، وزير السياحة والصناعة التقليدية، الاعتداء الذي تعرضت له مقهى «أركانة»، المعروفة باستقطابها السياح الأجانب، بالعمل الإجرامي. وفي جوابه عن سؤال ل«المساء» حول وضعية السياحة في المدينة بعد الحادث، أوضح ياسر الزناكي أن الأولوية الآن هي للاطمئنان على المصابين وتقديم الدعم لهم». أما بخصوص ما يروج حول طلب بعض الدول من مواطنيها مغادرة المغرب، فقد أكد الوزير أن هذه الإشاعات لا أساس لها من الصحة، بل إن عددا من الدول أكدت وقوفها إلى جانب المغرب في هذه المحنة العصيبة، مؤكدا أنه على الجميع أن يكثفوا الجهود من أجل تجاوزها. وبخصوص جنسيات المصابين الذين زارهم الوزير، أكد الأخير أن أغلب المصابين هم من جنسية فرنسية، إضافة إلى مواطنين من دول هولندا، كندا، روسيا، سويسرا وتونس. حركة 20 فبراير شهدت ساحة «جامع الفنا» الشهيرة في مراكش، مساء الجمعة الماضي، العديد من المسيرات والوقفات الاحتجاجية، الصامتة منها والناطقة، للتعبير عن التضامن المطلق مع ضحايا الحادث الإرهابي، الذي هز زوال يوم الخميس الماضي «أركانة»، إحدى أشهر مقاهي المدينة الحمراء. وبعد إصدارها بيانا أدانت فيه، بشدة، حادث التفجير المدبر واعتبرته عملا إجراميا شنيعا، طالبت حركة 20 فبراير -فرع مراكش الجهات المعنية بفتح تحقيق قضائي نزيه وبإطلاع الشعب المغربي على الحقيقة الكاملة بخصوص الحادث وبالضرب، بقوة، على يد المتورطين. وحذرت حركة 20 فبراير، في البيان ذاته، من مغبة استغلال هذا الحادث المأساوي للمس بالحريات العامة وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الحق في التظاهر السلمي، معتبرة أن هذا الحدث الإجرامي، مهما كان مصدره، يستهدف حق الشعب المغربي في الحرية والديمقراطية ويسعى إلى كبح مسيرة التغيير في مواجهة الاستبداد والتسلط. وأعلنت حركة 20 فبراير -فرع مراكش عن تشبثها بمطالبها العادلة التي سطرتها في بيانها التأسيسي، وبالاستمرار في مسيرة النضال السلمي والمسؤول حتى تحقيقها. وفي تصريح ل«المساء»، أوضح يونس حنبلي، عن تنسيقية حركة 20 فبراير في مراكش، أن هذا الفعل الشنيع لا يقبله أي مراكشي، فبالأحرى أن يقبله من انخرط جديا في مسلسل الإصلاحات، رافعا شعار «الشعب يريد التغيير». وجدد حنبلي إدانته، باسم التنسيقية، هذا العمل الإجرامي الجبان، معلنا في الوقت ذاته مواصلة حركة 20 فبراير كافة الأشكال النضالية السلمية حتى تحقيق المطالب العادلة والمشروعة للحركة. وتقدم يونس حنبلي بالتعازي الحارة إلى أسر الضحايا، مغاربة وأجانب، متمنيا في الآن ذاته الشفاء العاجل للجرحى والمصابين. ومن جهته، أدان عبد الإله طاطوش، الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان -فرع مراكش، تفجير «أركانة» في ساحة «جامع الفنا» ووصفه بالجبان وبالاعتداء الذي استهدف مراكش والمراكشيين وراح ضحيته أبرياء، مغاربة وأجانب. وطالب طاطوش الجهات القضائية بفتح تحقيق نزيه وعاجل من أجل فك ملابسات الحادث والضرب، بقوة، على أيدي كل من ثبت تورطهم، من قريب أو من بعيد. وأعرب المتحدث نفسه عن تخوفه من أن يُتّخَذ هذا العمل الإجرامي مبررا لإيقاف مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية التي تعرفها بلادنا. كما طالب الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان -فرع مراكش بألا يطغى الجانب الأمني على الجوانب الأخرى، كما حدث عقب أحداث 16 ماي الأليمة. حملة للتبرع بالدم كانت حركة 20 فبراير في مراكش قد نظمت حملة بالتبرع بالدم لفائدة ضحايا تفجير مراكش، زوال يوم الجمعة الماضي، شارك فيه العشرات من أعضاء الحركة، كبادرة تضامنية كان الهدف منها إنقاذ أرواح الأبرياء، مغاربة وأجانب. وفي تصريح خص به «المساء»، أوضح محمود أبغاش، حارس عام في المركز الجهوي لتحاقن الدم في مراكش، أنه فور علم المركز بالحادث، وجه نداءه لكل المواطنين، خاصة منهم الذين يتوفرون على الفصائل النادرة (الفصائل السالبة)، سواء منهم المنتظمين المسجلين في المكتب، الذين يتوفر المركز على أرقام هواتفهم أو عبر إذاعة الخبر عبر وسائل الإعلام المسموعة. وقد أبان المواطنون المغاربة، حسب المتحدث ذاته، عن وطنية صادقة وروح عالية في التضامن والتآزر مع المصابين، حيث فاق عدد المتبرعين 200 متبرع في الفترة الزوالية فقط من يوم الحادث، اضطر معها المركز إلى مضاعفة الجهود من قِبَل العاملين في المركز، قصد استيعاب كل المتبرعين الذين جاؤوا من مناطق مختلفة من مدينة مراكش للمشاركة في هذا العمل التضامني الإنساني، الذي تمنى الحارس العام للمركز أن يستمر دائما، خاصة مع ازدياد الحاجيات اليومية إلى الدم من قِبَل مرضى السرطان. وقفة صامتة من جهتها، نظمت تنسيقية الجمعيات المدنية في مراكش وقفة صامتة شارك فيها المئات من المواطنين، ضمّت العديد من الجمعيات المدنية والحقوقية وفاعلين سياسيين ومحامين وفنانين ورياضيين... أجمعوا على إدانة الحادث الإجرامي الجبان ودعوا إلى فتح تحقيق عادل في الحادث. ولم يفوت المحتجون الفرصة للتأكيد على أن هذه الأعمال لن تثني المغاربة، بكل تلويناتهم، الفكرية والسياسية والإيديولوجية، عن السير قدما نحو الأفضل، من أجل بناء مغرب ما بعد 9 مارس. وفي تصريحه ل«المساء»، استنكر عمر أبو الزهور، المحامي في هيأة مراكش ومستشار رئيس الاتحاد الدولي للمحامين، «هذا العمل الإجرامي المدبر»، مطالبا بفتح تحقيق جدي بدون سلوك حملات الاعتقالات ودن تفعيل قانون الإرهاب، وأوضح أن وقفة مجموعة من محامي هيأة مراكش جاءت كبادرة من أجل التعبير عن التضامن المطلق مع الضحايا وإدانة مقترفي للجريمة، مهما كانوا. كما نظمت جمعية المرشدين السياحيين في مراكش «مسيرة بيضاء» في جو خيّم عليه الحزن والخشوع، مرتدين اللباس الأبيض، رجالا، نساء، شبابا وكهولا وانضم إليهم عدد من الأجانب المقيمين بمدينة يوسف ابن تاشفين، وهم يحملون الورود والشموع، تعبيرا منهم عن استنكارهم هذا العمل الشنيع. وقد قرأ المشاركون في المسيرة «البيضاء» الفاتحة، ترحما على أرواح ضحايا الجريمة الشنعاء، وضعوا بعدها باقات من الورود والشموع قرب المكان الذي كان مسرحا للجريمة، في بادرة تضامنية مع الضحايا الأبرياء.