أصدرت محكمة الاستيناف بتطوان ليلة الاربعاء 11 أكتوبر الجاري وفي جلسة علنية الحكم بالبراءة في حق كل من عبد الكريم ابن الهاشمي ، (موظف في الصحة )ومحمد التايدي (مسؤول في شركة). وكانت هيئة المحكمة مكونة من الاساتذة: أحمد فينيس رئيسا وعبد الحق الراجي عضوا وعبد الحق الغازي عضوا وسعيد بوحدو عضوا وأنس أحرارعضوا ،وسعيد ايد حجي ممثلا للنيابة العامة. .تعود وقائع هذا الملف المثير إلى 6 فبراير2014،حينما تقدم العدل محمد الدريسي ،إلى مداومة الشرطة القضائية بتطوان بشكاية تفيد بسرقة خزانة حديدية تزن 600 كلغ من منزله تحتوي على مبلغ 100 مليون سنتيم، مردود بيع قطعة ارضية لورثة الهالك م.ع بالملاليين. . في البداية وجه العدل الدريسي محمد شكاية ضد مجهول ،ثم ما لبث أن اتهم ابن شقيقته محمد التايدي بالسرقة لكونه" يعلم بوجود خزنة حديدية ببيته وقيادته لسيارته ويعطيه مفاتيحها مع مفاتيح المنزل". التحريات التي باشرتها الشرطة القضائية ، خلصت إلى عدم وجود أية بصمات أو كسر للنوافذ والابواب ،أو آثار للخزنة الحديدية أو لجرها . كما نفى الجيران سماعهم لأية اصوات مريبة ليلة السرقة .وفي إطار التحقيق قامت الشرطة القضائية باستدعاء ابن اخته للاستماع إلى أقواله و قامت بتفتيش منزله دون العثور على ما قد يؤيد اتهامات العدل. بعد مرور شهر على الواقعة ،عاد الدريسي ليوسع دائرة الاتهام لتشمل ابنة اخته وزوجها كريم ابن الهاشمي.فقامت الشرطة باستدعاء هذا الاخير واستمعت اليه وفتشت منزله ثلاث مرات دون جدوى. و بناءا على إلحاح الدريسي وتأكيده وجود الخزنة ببيت أحد جيران كريم، تم تفتيش منزل هذا الاخير دون العثور على أثر للخزنة . كما تم إخضاع الهواتف النقالة للمشتكى بهم ، بأمر من النيابة العامة، إلى خبرة تقنية ،في حين تملص المشتكي وزوجته من طلب النيابة تسليم هاتفيهما لإنجاز خبرة تقنية حولها ،ولم يتم الحرص على تنفيذها مما كان، ربما، سيساعد في مجرى تحقيق مجدي. وبعد أن انقضت سنة ونصف ظل فيها الملف يراوح مكانه لدى قاضي التحقيق لعدم توفر أية أدلة ضد المتهمين ،أحضر المدعي الدريسي محمد شاهدا يدعى مصطفى بوغلاد مهنته بائع متجول ،أكد انه عاين واقعة السرقة وتعرفه على اثنين من مرتكبيها وهما كريم وصهره... شاهد "مشفش حاجة" يقول الشاهد مصطفى بوغلاد أنه ليلة وقوع السرقة ، وبينما كان متوجها الى منزله على الساعة الثالثة صباحا ،شاءت الصدف ان يمر بشارع زيانة ليتجه نحو منزله الكائن بشارع محمد الخراز، وبالذات في "الزنقة "التي يقطن فيها العدل الدريسي، شاهد على مسافة 60 متر ستة أشخاص ملثمين بجوارب مثقوبة من جهة العينين يحملون صندوقا حديديا طوله ,90 سنتمتر ,,وعرضه .70 سنتيمتر يضعونه بسيارة "كانغو"، وأنه قبل امتطاء السيارة قام شخصان بإزالة القناع عن وجههما مما جعله يتعرف على هويتهما. وبالصدفة أيضا، تعرف على أحدهما الذي يشتغل موظفا بالصحة العمومية والآخر يشاهده يتردد على منزل العدل(رغم أن الشاهد لا يقطن بالحي) . وأضاف الشاهد أنه لم يتمكن من رؤية أرقام السيارة ولا تمييز لونها لان أضواء السيارة الخلفية حالت دون ذلك(لكنه ميز اللون الازرق الفاتح لمعطف كريم ابن الهاشمي رغم بعد المسافة وضعف ضوء المصابيح في الزنقة) .وأكد الشاهد ،أنه بعد مرور تسعة اشهر على الواقعة ،ذهب هذا الأخيرأن العدل الدريسي ليستخرج نسخة من عقد زواج ابنته ، بعد أن" شاءت الصدف " أن يتبلل بالماء فوجده مهموما.ولما استفسره عن السبب ، حكى له عن سرقة الخزانة، فربط الشاهد ما بين السرقة ، وما شاهده تلك الليلة . وبرر الشاهد عدم توجهه لتقديم شكاية لدى الامن حول ما شاهده تلك الليلة ،بكونه اعتقد أن الاشخاص المذكورين يقومون بترحيل أثاث المنزل ،وكأنه من العادي القيام بمثل تلك الاعمال في الثالثة صباحا وبأقنعة على الوجه . ما خفي كان أعظم لم يقتصر الشاهد المزعوم مصطفى بوغلاد في شهادته أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة أنه شاهد ستة اشخاص يضعون صندوقا في سيارة "الكانغو" ، بل أضاف أنه وعلى بعد مسافة 60 متر، ورغم إضاءة ليلية ضعيفة ، أعطى نفس مواصفات وقياس الصندوق التي أدلى بها المشتكي( 90 سنتيم في الطول على 70 سنتيم في العرض) دون أن يضيف او ينقص سنتيما واحدا، وظل يحتفظ بمقاييس الصندوق في ذاكرته شهورا طويلة قبل ان يلتقي بالعدل؟؟؟. بالمقابل، أفادت شهادة أخت العدل الدريسي، التي كانت تعمل ككاتبة في مكتبه ،عند استدعاءها من طرف المحكمة ،بوجود علاقة ومعرفة قديمة ما بين العدل الدريسي والشاهد المزعوم الذي كان يمارس أحيانا بعض طقوس الشعوذة بمكتب وبيت العدل، وبأن الشاهد المزعوم مصطفى بوغلاد كان يقصده في مكتبه وبيته مرارا قصد طلب المساعدة المادية. من جهة ثانية أكد لنا بعض سكان الحي الذي كان يقطن به الشاهد المزعوم (زنقة الشهاب ،شارع محمد الخراز) ،ممارسته الشعوذة والنصب على المواطنين ،وبأنهم طردوه من الحي بعد تكاثر احتجاجات المتضررين أمام منزله بالحي، ونتيجة لذلك هرب من المنزل بالحي المذكور دون حتى أدائه لواجب الكراء لصاحب المنزل الذي رفع ضده دعوى الافراغ. مختلف التناقضات في أقوال العدل الدريسي ومابين زوجته والشاهد المزعوم، إضافة إلى الحجج التي أدلى بها دفاع كل من كريم ابن الهاشمي ومحمد التايدي اللذان كانا مؤازران من طرف الاساتذة عبد القادر الصبان وعبد الحق مهدي والغبزوري زكريا،جعلت هيئة المحكمة تحكم ببراءة المتابعان اللذان سبق للمحكمة الابتدائية أن أدانتهما بخمس سنوات سجنا وغرامة قدرها 20مليون سنتيم لفائدة الضحية المزعوم. تجدر الاشارة إلى أن العدل الدريسي محمد صاحب الشكاية الكيدية ضد كريم ابن الهاشمي والتايدي محمد ،كان قد تم إيقافه عن العمل من طرف هيئة العدول بتطوان منذ ما يزيد عن سنة ،نتيجة تقاطر شكايات ضده تتعلق بالنصب والاحتيال و التزويروخيانة الامانة ،وهي نفس الافعال التي كان يتوهم أنه سيظل ينجح دوما في تضليل العدالة إلى أن سقط في فخ أعماله وتمت إدانته ب 10 سنوات سجنا ليلة الاربعاء 11 أكتوبر الجاري ،بعد أن ثبت تورطه رفقة العدل شقلال في قضية تتعلق بالتزوير واستعماله في رسوم بيع و شراء عقارات .