وشح الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش المجيد صدر التلميذ أسامة مفتاح الشاب ذي إعاقة الشلل الدماغي ذي درجة إعاقة جد متوسطة الذي اجتاز بنجاح امتحانات الباكالوريا لسنة 2017، بوسام الكفاءة والاستحقاق الملكي من الدرجة الثانية، و يعتبر توشيح أسامة من لدن صاحب الجلالة، تكريما وتشجيعا لجميع التلاميذ ذوي الإعاقة المغاربة الذين يكابدون ويواجهون جميع التحديات لاستكمال تعليمهم، ويعد أسامة كأول تلميذ ذي إعاقة صعبة شيئا ما بتطوان، يتمكن من الانفلات بنجاح من براثن التربية الخاصة إلى التعليم الجامع، حيث قضى سنواته الأولى في مركز التربية المختصة التابع لجمعية حنان لرعاية الأطفال المعاقين بتطوان. وهو تكريم نظير المجهودات التي بذلها طوال مشوار حياته الدراسية التي عانى فيها الصعاب، كانت أقساها منعه من التسجيل بالثانوية الإعدادية مولاي الحسن من لدن مدير المؤسسة آنذاك، متعللا بصعوبة إعاقة أسامة، وجهله للقانون، ولتسامح أسرة أسامة، التي رفضت تقديم شكاية بذلك المدير، وقررت تسجيله بالثانوية الإعدادية الراضي السلاوي التي رحبت بالتلميذ أسامة رغم بعدها عن منزله مما ضاعف من صعوبات تنقله والتحاقه بالمؤسسة (يمشي ببطء شديد، ويتعب بسرعة)، و حينما أنهى دراسته الإعدادية' كان طموح أسامة أن يتبع الشعبة العلمية، لكن أساتذته العلميين كان لهم رأي آخر، ورأوا في انعدام الحركة الدقيقة في يدي أسامة ستكون عائقا أمامه لمتابعة دروس الفيزياء، والرياضيات، والعلوم الطبيعية، والتكنولوجيا.... اتصلت أسرة أسامة بمنسق برنامج الدمج التربوي بجمعية حنان لرعاية الأطفال المعاقين، لأخذ رأيه في التوجه الذي سيسلكه أسامة في مرحلة الثانوي، فأصر هذا المنسق على أن يتبع أسامة الشعبة العلمية التي يريدها، وأنه سيعمل على توفير آلة حاسبة مكيفة مع نوع إعاقته، حيث تم تقديم طلب للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين طنجةتطوان، ولكن للأسف لم تستطع هذه المؤسسة على توفير هذا الحاسوب المكيف لعدم وجود باب في الميزانية مخصصة للتلاميذ ذوي الإعاقة. ولم تتمكن الجمعية بدورها في توفير هذا الحاسوب، لانعدام الإمكانيات المادية لدى الأخيرة. وعليه كان لزاما على أسامة اتباع التوجه الأدبي. اعتبر نجاح أسامة مفتاح ثمرة نتاج برنامج الدمج التربوي الذي انطلق سنة 2003 ، بشراكة مع المنظمة غير الحكومية الإسبانية سييف دي شيلدرنSAVE THE CHILDREN ، وتميز بإنجاز ورشات تحسيسية سنة 2004 لفائدة أسر الأطفال ذوي الإعاقة المسجلين بمركز التربية المختصة التابع للجمعية بهدف تحفيزهم على تسجيل أبنائهم وبناتهم في أقرب مدرسة عادية لبيوتهم، وكانت أسرة أسامة مفتاح من بين الأسر القليلة التي اقتنعت بأهمية الدمج التربوي، وسارعت لتسجيل أسامة في المدرسة الابتدائية المتواجدة بحيه ابتداء من سنة 2006، وبموازاة الورشات التحسيسية، وقعت الجمعية اتفاقية شراكة مع النيابة الإقليمية لوزارة التربية بتطوان، تم بموجبها إنجاز دراستين ميدانيتين لاختيار 8 مؤسسات تعليمية دامجة ومرحبة بتمدرس الأطفال ذوي الإعاقة مع أقرانهم غير ذي إعاقة في نفس الحجرة الدراسية، وبناء ولوجيات للكراسي المتحركة و بمرافقها الصحية، وتكوين أساتذة المدارس الدامجة وأطر الجمعية من لدن خبراء إسبان ومصريين، وتكوين فريق متعدد التخصصات وفريق مربيات التربية الخاصة لزيارة المدارس بغرض دعم التلاميذ ذوي الإعاقة المدمجين، ودعم المدرسة ككل. وتجدر الإشارة إلى أن جمعية حنان منذ تأسيسها سنة 1969 من لدن المرحوم ذ. عبدالوهاب العمراني، وهي تدمج الأطفال ذوي الإعاقات الحركية والاضطرابات الكلامية و الإعاقات السمعية الخفيفة في المدارس العادية، بعضهم أصبحوا أساتذة جامعيين، وآخرين يزاولون مهنة التدريس بالتعليم الثانوي و الابتدائي، وآخرين اندمجوا في المجتمع بكل التقائية.
إن توشيح التلميذ أسامة منتوج برنامج الدمح التربوي، من أعلى هرم في الدولة المغربية، هو وعي متطور للمؤسسة الملكية بأهمية التعليم الجامع، وعلى أن الدمج التربوي أو التعليم الشامل هو السبيل الوحيد لتعليم الأطفال ذوي الإعاقة القائم على ثوابت ومسلمات علمية، والتزام صريح بتطبيق المغرب لبنود الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصا المادة 24 منه المتعلقة بحق التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة في وسط تربوي طبيعي ابتداء من التعليم الأولي لغاية التعليم الجامعي. هنيئا لأسامة الذي سيلج جامعة عبدالمالك السعدي بتطوان، نتمنى له النجاح والتوفيق في مساره الدراسي الجامعي.