أتذكرين يا أمي.. عندما كنت صغيرا..كان يضربني المعلم بقسوة..ولا تدمع عيني..فيزيدني المعلم ضربا وقسوة معتقدا ببلاهة أنني لا أشعر بالألم !.. كان أغلب المعلمين يمارسون العنف علينا كما يتنفسون..لكني كنت أرفض البكاء والصراخ..رغم ألم الضرب الذي يمزق أحشائي..كنت أرفض أن يرى دمعي زملائي في القسم ..أو أن يسمعوا صوتي.. أتذكرين يا أمي.. حين أعود إلى البيت..كيف كنت أبكي بحرقة في حضنك..وأشكو لكِ حالي..كان الدمع يغسل وجهي..كنت تتألمين لبكائي..ولم أكن أدري لمَ كنت أرتاح..ألأنني بكيت كما أشتهي أن أبكي..أم لأنني أشعر بدفء حضنك وبحنانك..؟؟ كنت تقولين لي : "ابكِ يا بني..ابك..حتى لا يضربك المعلم أكثر.."..لكنني لم أكن أستطيع البكاء أو الصراخ أمام رفاقي..لا أريد أن أبدو ضعيفا.. الآن..يا أمي..وقد كبرت أنا..ورحلت أنت..لم أعد أبكي في حضنك..بل أمسيت أبكي على حضنك الذي كان يغمرني بالدفء..على وجهك الذي كان يجعل الحياة أشد ألفة أمامي..ويجعلني أكثر تحملا للألم..مهما كان شديدا..أشعر دائما بالصغر في حضرتك يا أمي..لكني أشعر أيضا بالكرامة والشموخ..لأنني ابنك..