إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، ولما كان العلماء ورثة الأنبياء، كانوا أشد الناس بلاء وامتحانا، وقد حفظت لنا كتب التراجم والسير آلاف القصص والمواقف التي امتحن فيها العلماء، فأوذوا في أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، لكنهم صبروا واحتسبوا وتوكلوا على الله عز وجل، فمنهم من فرج عنه كربته، ومنهم من نال حظه من الشهادة، ونظرة سريعة في كتاب "المحن"[1] لأبي العرب(ت323 ه)، تجلي هذا الأمر بوضوح. وقد كان إمامنا أبو عمر الطلمنكي من هؤلاء العلماء الذين عرف عنهم تشددهم في الإلتزام بالسنة، فامتحنوا في أعراضهم، حيث اتهمه جماعة من الفقهاء الأندلسيين السرقسطيين بأنه حروري، على خلاف السنة، سفاك للدماء، يرى وضع السيف على صالحي المسلمين، واجتمعوا على ذلك ووقعوا صك الدعوى وكانوا خمسة عشر من الفقهاء والنبهاء بسرقسطة، فنظر القاضي حينها محمد بن عبد الله بن فرتون, أبو عبد الله(ت بعد 425) في نص الدعوى، وجمع لذلك الفقهاء المشاورين المفتين فشاورهم فاجتمع رأيهم على أن الدعوى باطلة ، وأفتوا بإسقاطها وتزوير أهلها، فحكم القاضي ببراءة أبي عمر الطلمنكي وإسقاط شهادة الذين نسبوه إلى مخالفة السنة . وفيما يلي وثيقة الدعوى بطريقة مفصلة: الدعوى: - أن أبا عمر الطلمنكي حروري، على خلاف السنة، سفاك للدماء، يرى وضع السيف على صالحي المسلمين. المدَّعون: وكانوا خمسة عشر من الفقهاء والنبهاء بسرقسطة منهم: - محمد بن رافع بن غربيب(ت بعد 425)[2] - إسماعيل بن أحمد بن المعلم الدراج(ت بعد 425).[3] - والحسن بن محمد بن هالس.[4] المدعى عليه: - أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى بن محمد بن قزلمان المعافري المقرىء الطلمنكي أصله منها يكنى : أبا عمر[5] القاضي: - محمد بن عبد الله بن فرتون, أبو عبد الله(ت بعد 425)[6] المشاورين (المفتين): - عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت بن حزم أبو محمد العوفي[7] - حسين بن إسماعيل بن حسين / الغفاري(ت بعد 425)[8] - عبد العزيز بن جوشن(ت بعد 425)[9] - عبد الله بن سعيد بن عبد الله اللخمي(ت بعد 425)[10] - عبد الصمد بن محمد بن خصيب(ت بعد 445)[11] - ابراهيم بن عيسى بن مزاحم الأموي[12] - سعيد بن محمد بن عبد الرحيم[13] الحكم: - ببراءة أبي عمر الطلمنكي وإسقاط شهادة الذين نسبوه إلى مخالفة السنة وتزوير أهلها وذلك عن رأي القاضي محمد بن عبد الله بن فرتون. الكاتب: - أبو الحكم بن غشليان التاريخ: جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وأربعمائة المدينة: سرقسطة/ الأندلس الهوامش: [1]انظر:كتاب المحن، لأبي العرب، تحقيق يحيى وهيب الجبوري الجبوري، دار الغرب الإسلامي الطبعة الثالثة، 1427ه-2006م. [2]التكملة، لابن الأبار، طبعة الحسيني، القاهرة، 1955، ترجمة رقم 1072. [3]التكملة لابن الأبار، تحقيق عزت العطار الحسيني، طبعة القاهرة 1955، ترجمة رقم: 472 [4]ورد ذكره مع ترجمة إسماعيل بن أحمد بن المعلم الدراج، انظر المصدر السابق. [5]ترجمته في الصلة 1 / 15، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب 1 / 24، ترتيب المدارك 2 / 52 [6]التكملة لكتاب الصلة، ابن الابار، تحقيق العطار الحسيني، طبعة القاهرة 1955 ترجمة رقم 1071، و الذيل والتكملة للمراكشي، تحقيق إحسان عباس، طبعة بيروت 1973، الجزء 6، ترجمة رقم 781 [7]ابن الأبار، التكملة لكتاب الصلة، تحقيق عزت العطارالحسينى، القاهرة، 1955.ترجمة رقم : 685 [8]التكملة لابن الأبار، تحقيق الحسيني، طبعة القاهرة 1955، ترجمة رقم 728 [9]التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار، تحقيق عبد السلام الهراس،البيضاء، ترجمة رقم: 210 [10]التكملة لكتاب الصلة، ابن الأبار، تحقيق عزت العطارالحسينى، القاهرة، 1955، ترجمة رقم 1960 [11]التكملة لابن الأبار، طبعة Alarcon، مدريد 1915، صفحة 2160 [12]التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار، طبعة القاهرة، ترجمة رقم: 344 [13]التكملة لكتاب الصلة أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي تحقيق عبد السلام الهراس دار الفكر للطباعة 1415ه- 1995م لبنان (4/ 113-114) جريدة المراجع والمصادر