بعد واقعة نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بميدلت ، و التي لم تمح بعد من الذاكرة ، تعود الواقعة بشكل آخر و في زمن و مكان مختلفين ، و هذه المرة بمدينة طنجة عروسة الشمال ، لتعيد للأذهان مدى التسيب الذي يطبع المؤسسات العمومية ، و تعمد بعض من أوكل لهم أمر المواطنين إلى تغييب روح القانون و مجانبة مضامين الدستور الجديد الذي لا زالت بنوده تخرق من لدن بعض المسؤولين في واضحة النهار عمدا و تسلطا و شططا . فبتاريخ 08 مارس 2013 ، و حسب ما تؤكده الشكاية و الوثائق التي توصلنا بها ، قادت جولة عمل اعتيادية الشاب البريدي (ط.و) إلى الملحقة الإدارية 9 بطنجة ، قصد تسليم إشعار ببعثة مسجلة لقائد الملحقة ، و بعد رفض مكتب الضبط تسلم الإشعار ، اضطر إلى الإنتظار لمدة تناهز 20 دقيقة ، و حيث أنه تعود على هذا الأسلوب ، و لم تكن المرة الأولى ، فقد اضطر إلى وضع الإشعار تحت باب مكتب القائد ، خصوصا و أن أعوان السلطة قد أخبروه بأنه مشغول و لم ينته بعد من اجتماع ما ، و هكذا انسحب الشاب البريدي راجعا لمتابعة عمله الذي اضطره الإنتظار إلى التأخر عن آدائه ، ليفاجأ بأربعة عناصر من القوات المساعدة التابعة للملحقة تهرول وراءه و تنتزع منه مفتاح دراجته النارية التي تعود ملكيتها لمركز البريد ، و تحجز هاتفه النقال ، ثم تقوم باقتياده عنوة إلى مكتب القائد الذي أشبعه سبا و شتما و تعنيفا لفظيا يندى له الجبين حسب تصريح الضحية ، بل وصل الأمر لحد صفع الموظف البريدي أثناء تأديته لعمله دونما احترام للباس العمل الذي يرتديه و لا مراعاة لدوره الإنساني الكبير في إيصال البعثات و الرسائل مهما كانت مشاق العمل و معاناته . حكاية الشاب البريدي انتهت باحتجاز القائد له في أحد مكاتب الملحقة لمدة قاربت 45 دقيقة ، ثم إطلاق سراحه بعد سيل من التهديدات و الوعيد بتلفيق تهمة عرقلة سير العمل العادي داخل الملحقة و إثارة البلبلة إن هو أراد المزايدة فيما حدث له . الكونفيدرالية الديموقراطية للشغل فرع طنجة و التي ينتمي إليها الموظف البريدي المعنف ، سارعت أمس إلى التآزر مع عضوها الذي لحقته الإهانة و الحيف ، و نشرت بيانا تضامنيا مع الضحية ( نحتفظ بنسخة منه ) ، منددة بشدة بما طاله و مسه في كرامته ، كما قامت صبيحة هذا اليوم بتعليق شارة حمراء أثناء ساعات العمل تضامنا مع الزميل و العضو (ط.و) ، الذي يمر بأزمة نفسية منذ الواقعة التي تعيد للأذهان ممارسات العهد البائد ، و تؤكد على استمرارية العقلية البصروية لدى بعض المسؤولين المرضى بحب السلطة و التسلط ، هذا المرض الذي يتحول في أحايين كثيرة إلى جبروت و شطط ، في ظل غياب المحاسبة و العقاب .