الارهاب الذي تجرمه كافة الشرائع و القوانين الدولية ، و تعبأت ضده جميع بلدان العالم لنتائجه في نشر الفزع و ترويع الآمنين ، هو في الواقع ليس وجه واحدا بل له وجوه متعددة . و في مقاربة شاملة لجميع اشكاله يمكن ان نصنفه الى صنفين رئيسيين : ارهاب قاتل شرس ذو اهداف عقائدية و سياسية و عسكرية .. يخلف وراءه دمارا و خرابا و دماء و اشلاء و صنف آخر اجتماعي صامت قد يغفل عنه الكثير من المحللين و المتتبعين لشان الارهاب ، و نقصد به " الارهاب الناعم " الذي لا يؤدي بالضرورة الى القتل و سفك الدماء ، و لكن الى نفس النتائج النفسية المؤذية التي قد تنشأ عن الصنف الاول الاجرامي الاشد ايذاء و خطورة . ذلك ان الصنف الثاني الذي يتخذ له وجه ناعما يمكن ان ندخل ضمنه كل اشكال الاستفزاز و الازعاج والتهديد الكلامي للمتغطرسين و البلطجية ضد المواطنين، بل و كل ايذاء مادي و اخلاقي يلحق ضررا نفسيا و معنويا بليغا يهدد الامن و يحول حياة المواطنين الى جحيم و الى حالة من التوتر النفسي و عدم الشعور بالراحة و الطمأنينة و هم مقيمون بمنازلهم . و في تطوان خاصة احدى المدن الساحلية بشمال المغرب ، فان ظاهرة الارهاب الناعم بدأت تجد لها موطن قدم هناك ، و تسعى الى ان تتحول الى اسلوب معتاد لبعض الجماعات المشاغبة التي جعلت من ترويع المواطنين و ازعاجهم مهنة لها .. أو قل طريقة لتفريغ سخطها ضد المجتمع و الحاق الاذى بالآمنين بطريقة متغطرسة فيها الكثير من الحماقة و جنون القوة و الاستهتار المريض . و يوشك ان يصبح حي الخنيوريس بتطوان نموذجا و طليعة للأحياء المنتجة لهذا الصنف من الارهاب نظرا لأعمال الشغب و الازعاج المنظم و الدائم و احيانا على طريقة الكر و الفر .. التي بات يعيش تحت وطأتها منذ شهور عدة يحتد تارة و يخف اخرى .. فالحي لهذا السبب و بسبب وجود احدى العمارات المهجورة في طور البناء و التي توفر قاعدة آمنة لتجمع المشاغبين من ابناء السكان الوافدين على الحي ، اصبح يشكل نموذجا اجتماعيا خطيرا في انتاج الارهاب الناعم ، بل و نموذجا جديرا بالدراسة السوسيولوجية من لدن المهتمين بعلم الارهاب الاجتماعي ، كما اصبح ظاهرة اخلاقية لا ينبغي السكوت عنها بالنسبة للمشتغلين بقضايا الامن و حماية القيم و السلوك المدني المسؤول . خصوصا و ان الامر يتعلق بأحد الحقوق الاكثر قدسية على المستوى التعايش الاجتماعي ألا و هو حق المواطن في الامن و السكينة .. ؟؟ لكن ما يحدث بحي الخنيوريس يمثل فعلا أحد الوجوه البشعة للإرهاب بدا يضرب بالمدينة مستهدفا الحق العام و الحاجة الى الامن و السكينة من قبل عناصر متسكعة بتواطئ من اسرهم يتجمعون تحت دهاليز البناية المهجورة الواقعة بالحي لتعاطي اشكال من الازعاج رفقة آلاتهم و اصواتهم الصاخبة .. مع ان لكل واحد من هؤلاء المتسكعين اباء و امهات !! كان من الواجب عليهم ان يتدخلوا من اجل زجرهم على سلوكهم المستفز و المؤذي. ان الذي يحدث في حي الخنيوريس هو مؤشر خطير على حالة من الافلاس و الفلتان الامني و تحول سلبي بالمدينة ينبئ بمستقبل اجتماعي مجهول ينزع نحو المزيد من التسيب و الفوضى. و بالتالي فنحن امام هذه الظاهرة الازعاجية و المشاغبة التي اضحت تشكل مقدمة لتفشي افة الارهاب الناعم بالمدينة لا يسعنا الا ان نطرح للتساؤل من هي تلك الجهة التي تقف وراء ممارسة اعمال الازعاج و الفوضى و تستغل طيبوبة سكان الحي و اخلاقهم النبيلة لتتمادى في غطرستها ؟ كما لنا ان نتساءل الى متى سيستمر حي الخيوريس تحت رحمة شبكة الارهاب الناعم و العناصر المتغطرسة التي حولت الحي الى مملكة لها و باتت توجه التهديدات الكلامية لمن يتدخل من السكان بالتنديد و الاستنكار ؟ اننا لازلنا ننتظر من الجهات المعنية تدخلها فعال من اجل حسم الموقف و معالجة الحالة الامنية المنفلتة بالحي ، و التي تحولت في الاونة الاخيرة الى وجه بشع من وجوه ارهاب المواطنين . ذ/ السعيد ريان من علماء دار الحديث الحسنية