إنه من الرجال الذين يشكل مسارهم سلسلة ناجحة من المواقف والإنجازات المثيرة للإعجاب والتقدير عبر العالم. يتعلق الأمر بعبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. عبر مساره الممتد على أزيد من ربع قرن في صفوف المؤسسة الأمنية المغربية، راكم الرجل الأول في القطب الأمني بشقيه، تجربة ومعرفة أهلتاه لطلب إسهامه في تفكيك الخلايا الإرهابية النائمة في العالم من طرف بلدان كفرنسا، الولاياتالمتحدة، إسبانيا ودول الخليج، وكذلك ألمانيا محطة زيارته الأخيرة. بامتلاكه شبكة معلومات واسعة عبر العالم، يحظى عبد اللطيف حموشي بثقة عدد من الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية، خاصة أنه لا يميز بين الجنسيات في مجال محاربة الإرهاب. وبفضل كفاءته، أصبحت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ( التسمية الجديدة منذ 2003) مفخرة وطنية. فتحت إدارته وبفضل منهجيته الأمنية التي تزاوج بين محاربة المخاطر الإرهابية وكل ما يتهدد أمن البلاد من جهة واحترام حقوق الإنسان من جهة ثانية، وبالتالي تغيرت صورة المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بشكل كبير، من حيث المنهجية والتدبير، وأصبحت هذه المؤسسة الأمنية تشتغل بشكل طبيعي كمثيلاتها في كل بلدان العالم، وذلك بشهادات عدد من الفاعلين والمناضلين الجمعويين. بل أكثر من ذلك، أصبحت خدمات المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مطلوبة من طرف عدد من البلدان خلال السنوات الأخيرة، وذلك مع تزايد التهديدات الإرهابية التي طالت عددا من جهات العالم، ويعود الفضل في التماس هذه الخدمات إلى دراية عبد اللطيف حموشي وفعالية فريقه في مجال محاربة الإرهاب. هذا المسار النموذجي كان وراء تكريم عبد اللطيف حموشي أكثر من مرة. ففي سابقة منذ استقلال المغرب، وشح جلالة الملك محمد السادس في 2011 إطارين ساميين من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني خلال حفل نقل مباشرة على شاشة التلفزيون، ولم يكن أحد الموشحين الذين تم تقدير عمله علانية من طرف العاهل الكريم سوى عبد اللطيف حموشي. وحسب قصاصة رسمية، فإن توشيح حموشي والمراقب العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني جاء من أجل تثمين "إسهامهما في التحقيقات بعد الاعتداء الإرهابي على مقهى أركانة بمراكش"، وهي التحقيقات السريعة والفعالة التي مكنت من إلقاء القبض على المتورط الرئيسي للاعتداء وشركائه في أقل من ثلاثة أسابيع، علما أن التحقيقات كانت "نظيفة" ولم يتم تسجيل أدنى خرق لحقوق الإنسان. ولم تتوقف منذ ذلك الحين شهادات التقدير والعرفان على المستوى الدولي بعبد اللطيف حموشي، حيث تم توشيحه من طرف كاتب الدولة الإسباني في الأمن، ونظم حفل لتسليم الأوسمة إلى مسؤولين في المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بمدريد في 22 أكتوبر2014، للتعبير عن الامتنان للمديرية في الحفاظ على السلم والأمن في العالم. وبالمناسبة، سلم فرانسيسكو مارتينيز، كاتب الدولة الإسباني في الأمن لعبد اللطيف حموشي إحدى ارفع الأوسمة الإسبانية المخصصة لكبار الشخصيات الأجنبية (وسام الصليب الأكبر من مرتبة الاستحقاق). وفي فبراير 2015، أقبر برنار كازنوف( وزير الداخلية الفرنسي آنذاك) أوهام بعض المأجورين الذين حاولوا الإضرار بالعلاقات المغربية الفرنسية، بإعلانه قرار فرنسا تكريم المدير العام للمديرية العامة لحماية التراب الوطني بوسام ضابط جوقة الشرف. هذا التكريم الفرنسي اعتبرته الأوساط المنشغلة بالاستقرار في العالم عامة وشمال إفريقيا والساحل خاصة ، اعترافا بمهنية ونجاعة الأجهزة الأمنية المغربية . بعد نجاحه على رأس مديرية مراقبة التراب الوطني، المجال الذي برع فيه وجعله يحظى بتنويه شركاء أساسيين للمغرب كفرنسا وبلجيكا وإسبانيا، عين جلالة الملك محمد السادس، في 15 ماي 2015، عبد اللطيف حموشي على رأس المديرية العامة للأمن الوطني مع الحفاظ على مسؤولياته في الإشراف على المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وبعد مرور ستة أشهر على تعيينه، تغيرت صورة المؤسسة الأمنية، من خلال اعتماد مخطط عصرنتها وإعطائها نفسا ودينامية جديدة على صعيد اشتغالها اليومي، وكذا تجديد أسطول سياراتها ، والعمل على تخليق أداء عناصر الشرطة الوطنية من خلال مخطط "الأيادي النظيفة"، علاوة على توطيد التعاون والتنسيق مع المكتب المركزي للأبحاث القضائية. ويعتبر عبد اللطيف حموشي من الأشخاص الملمين بكل المعلومات وأكثرهم أثرا على المؤسسة الأمنية المغربية. ففي صفوف مديرية مراقبة التراب الوطني، حقق الرجل مسارا مثاليا، تدرج فيه كموظف بعد تخرجه الجامعي سنة 1993 وصولا إلى منصب مدير عام أحد أهم الأجهزة الاستخباراتية في المغرب. وظل حموشي، لما كان طالبا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بعيدا عن الصراعات الإيديولوجية التي كانت تدور رحاها بين فصيلي اليساريين والإسلاميين، مفضلا التركيز على دراسته. وفي العام 1993، حصل الطالب الشاب على دبلوم السلك الثالث في الحقوق. بعد ذلك، ولج في سن السابعة والعشرين سلك الأمن الوطني، حيث وقف الجميع على حسه الراقي وانضباطه وشيمه الأخلاقية، وكذا قدراته على تفكيك أهم الإشكاليات المرتبطة بالهاجس الأمني، وهي القدرات التي وظفها، بكل تألق، خلال الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت الدارالبيضاء في 16 ماي 2003. سنتان بعد ذلك، أي في 2005، عين مديرا عاما للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، كأول مسؤول يعين على رأس هذه المديرية في سن مبكرة. واليوم، وعلى إثر الأعمال الإرهابية الأخيرة التي استهدفت برشلونة، التقى عبد اللطيف حموشي ثلاثة مسؤولين أمنيين إسبان رفيعي المستوى، كما تم القيام بزيارات متبادلة بين مختلف القيادات الأمنية للبلدين الجارين والتي خلصت إلى نتائج مقنعة، كما تبرهن على ذلك العملية الأخيرة التي تم من خلالها تفكيك خلية إرهابية تابعة ل"داعش" كانت تخطط لهجمات واسعة وخطيرة تستهدف البلدين. ترجمة محمد المشهوري بتصرف