قبل أن يكتمل عرس تأسيس حركة التوحيد والإصلاح وضعت مولودا غير شرعي إسمه حزب العدالة والتنمية، في زواج غير مفهوم بين إسلاميين سلفيين وحزب الدكتور عبد الكريم الخطيب، وهذا المولود خرج هجينا وكثير التشوهات، فلا هو بالحزب السياسي ولا هو بالحركة الدعوية بل ولد بأذرع كثيرة، يحضر الدعوي حيث ينبغي أن يكون السياسي ويحضر السياسي حيث مكان النقابي، ولكن المولود خرج وفيا لأسلافه من حركة الإخوان المسلمين التي تعتبر أن الإسلام دين ودولة، مصحف وسيف وغيرها من المقولات التي اعترف عبد الإله بنكيران، ضابط إيقاع هذه الجوقة، أنه متح منها حتى النخاع، وبما أن المولود سيء الخلقة والخلق فإنه لا يعير الموازين أي اعتبار وبالتالي فإنه يقول بالشيء ونقيضه. بالأمس قال عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، إن الملكية تغامر بنفسها وفي الأمس نفسه قال جاره مصطفى الخلفي، عضو المكتب التنفيذي للتوحيد والإصلاح والمجلس الوطني للعدالة والتنمية، إن النظام في المغرب لا خوف عليه والاحتجاجات لا تشكل خطرا على النظام لأن لديه رصيدا من المصداقية.
هذه قيادات تتحدث بتناقض كبير في موضوع واحد، لكن بين مواقفها بون شاسع، فمن نصدق؟ هل نصدق العدالة والتنمية الذي يقول بأن الملكية في خطر أم نصدق العدالة والتنمية الذي يقول إن الملكية بخير ولا خوف عليها؟
ومواقف من هذا النوع توحي بشيئين، إما أن العدالة والتنمية تعيش حالة غليان داخلي وتناقضات قد تنفجر في أي لحظة وتهدد مستقبل الحزب بالانشقاق وإما أن العدالة والتنمية ومن خلال أذرعه وتشوهاته يلعب على حبال متعددة ويظهر بأقنعة مختلفة.
وبما أن لعبة الأقران فرضت على الحزب الهجين والمشوه شكلا من أشكال الديمقراطية الداخلية فإن الخيار الأول يبقى مستبعدا، وبالتالي فإن العدالة والتنمية لا يعيش حالة غليان ولكن يعيش حالة من تبادل الأدوار التي يسميها المغاربة "شي يكوي وشي يبخ".
فالمتتبع لتاريخ الحركة، يرى أن مولودها الذي هو العدالة والتنمية يخضع لمنطق غريب في التعامل مع القضايا والمواقف، فعندما تكون الأمور واضحة بالنسبة لأولاد التوحيد والإصلاح فإنهم يكونون على قلب رجل واحد إذا تنفس واحد في الرباط يشم رائحته الذي في الجبل، لكن عندما تكون الأمور غير واضحة والمستقبل ضبابي والموقع مهزوز فإن الحزب يخرج آلية التناقض.
فيوم كان الأمر يتعلق بخطة سعيد السعدي، الوزير الشيوعي، حول تنمية المرأة خرجت التوحيد والإصلاح عن بكرة أبيها لتقول "لا" مدعومة بفلول إسلامية أخرى، ويوم كان الأمر يتعلق بحركة 20 فبراير أخرج الحزب رأسين، الرأس الأول بقيادة عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، يقول لا للخروج ومنع الشبيبة من ذلك، والرأس الثاني بقيادة مصطفى الرميد وحامي الدين يدعمان من مالهما الخاص حركة "باراكا" يقول نعم ويخرج مع حركة 20 فبراير.
ما السر في ذلك إذا لم يكن هناك تناقض بين قيادات الحركة؟
إذا فشلت حركة 20 فبراير يقود المرحلة بنكيران ومن معه وإذا نحجت يقود المرحلة الرميد ومن معه وفي كلتا الحالتين يكون حزب العدالة والتنمية حاضرا.
إن التناقض الذي حصل في موضوع واحد يدخل في سياق "شي يكوي وشي بخ" وليس هناك تفسير ثالث.
المشكل ليس في هذا الحزب المنغولي المشوه الخلقة وإنما في الذين قبلوا به إبنا معهم في الساحة السياسية.