كل ردود الفعل التي أعقبت نشر الفيديو، الذي أظهر عملية اغتصاب فتاة معاقة ذهنيا، بحافلة بالدارالبيضاء، انصبت على غياب الأمن والتسيب، وحاولت تصوير المغرب كأنه بلد السيبة، لكن هذا التصور لا يستقيم أمام الأرقام الواقعية، حيث تم توقيف أكثر من 28 ألف شخص بتهم مختلفة خلال 18 يوم الأولى من غشت الجاري، بما يعني أن المسألة تتجاوز قضية الأمن، الذي له دور كبير في سلامة الأشخاص. لماذا نحاول تحميل جهة واحدة المسؤولية رغم أنها أكدت بالملموس أنها استجابت للموضوع ودرست الفيديو ورتبت عليه النتائج وأوقفت المتورطين؟ أين دور المدرسة؟ أين دور الأسرة في التربية؟ أين دار الشباب؟ لم يتناول واحد بكلمة واحدة دور الجمعيات الثقافية والتربوية في هذا المجال وهي التي تجري وراء الدعم فقط. فالمتهمون كلهم يقطنون في حي المعاكيز بسيدي البرنوصي غير بعيد عن دار الشباب، التي كان يتخرج منها الفنانون والمسرحيون الذين يربون الذوق. فتربية الأذواق هي مناط التحضر، أما والفرصة متاحة للأغنية الساقطة وترك الأطفال للشارع فلن يتخرج منه إلا متوحشون مثلما شاهدنا. الجريمة تقوم بتخريب المجتمع وضرب قيمه النبيلة، ومحاربتها هي الحل لبناء مجتمع سليم، ولا يعتقد أحد بأن محاربة الجريمة مهمة الأمن، بل مهمته ضرب الظواهر الإجرامية، لكن خلفياتها هي مهمة مشتركة. وكانت مصالح الأمن تمكنت اليوم من توقيف ستة قاصرين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، يشتبه في تورطهم في جريمة تتعلق بهتك عرض فتاة تعاني من خلل عقلي بالعنف، وتوثيق ذلك في شريط فيديو ونشره على شبكة الانترنيت. العملية تمت بالسرعة الممكنة وبالمجهود المطلوب، حيث تم التوصل بعد ساعات من بث الفيديو إلى الفاعلين وما زال التحقيق جار. لكن أين الباقي؟ لماذا لم يقم السائق بمواجهة هؤلاء؟ إن كان عجز عن ذلك خوفا على نفسه لماذا لم يبلغ في الحين؟ وأوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح الأمن كانت قد تفاعلت، بجدية وسرعة، مع شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لواقعة هتك عرض الفتاة على متن حافلة للنقل الحضري، دون تسجيل أية شكاية أو إشعار من قبل الضحية أو من قبل سائق الحافلة، قبل أن تمكن الأبحاث والتحريات المكثفة، مدعومة بالخبرات التقنية على شريط الفيديو التي يعود تاريخ توثيقه إلى ثلاثة أشهر مضت، من تحديد هوية المشتبه فيهم ساعات قليلة بعد نشر مقطع الفيديو، ثم توقيفهم بمحل إقامتهم بمنطقة المعاكيز بالبرنوصي.