بدأ عدد من الصحراويين يعبرون عن تدمرهم من المعاملة التي يلاقونها من طرف الإدارة والأمن والجمارك وحتى الجامعات في الجزائر. ويشتكي هؤلاء من معاملات تصل إلى حد الإهانة والازدراء من طرف بعض الأشخاص أحيانا، حد أنهم بدأوا يبحثون عن طرق أخرى غير ميناء وهران أو مطارات الجزائر للسفر إلى الخارج، ومنها موريتانيا وحتى المغرب الذي شُحنوا بالعداء ضده شحنا على مدى عقود من الدعاية الكاذبة. ويشتكي هؤلاء الصحراويون أيضا من نظرة تتوسع وسط الجزائريين تعتبرهم عبئا ثقيلا وسببا للمشاكل الداخلية، وبالأخص في إهدار ملايير الدولارات من مداخيل البترول في التسلح والممارسات الفاسدة الذي ترافقه وتقوي حكم العسكر والمخابرات، وأيضا للمشاكل القائمة مع الجوار، وبالأخص إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، بحيث ينظر للصحراويين على أنهم جزء من النظام الجزائري وخداما له ضد مصالح الشعب الجزائري وضد المصالحة المغاربية.
وقد صار التعبير عن هذه النظرة، المختلطة بالازدراء يزداد حدة، سواء في تندوف وجوارها في مناطق الجزائر الأخرى، وبالأخص بعدما بدأت الأزمة الاقتصادية تشتد بالجزائر. وهناك أحاديث تجري عن معاملة سيئة، وسيئة جدا، ووجه بها حتى بعض مسؤولي البوليساريو الكبار في المدة الأخيرة، لكنه تم التكتم عليها، ومن بينها ما حصل لدى عودة رئيس الجماعة الانفصالية إبراهيم غالي لدى عودته من جولته الإفريقية الأخيرة التي انتهت بالفشل في الحيلولة دون التحاق المغرب بالاتحاد الإفريقي في قمة أديس أبابا.
وبالفعل، ورغم التحريض الموجه من طرف المخابرات الجزائرية ضد المغرب، فإن عددا كبيرا من الجزائريين المعارضين لسياسات نظامهم مقتنعين اليوم بأن البوليساريو لعبة نظام يستخدمها أشخاص للدفاع عن مواقعهم ومصالحهم، وأن رؤساء الجماعة الانفصالية يتصرفون اليوم على أساس أنهم جزء من النظام وفي خدمته ويستقوون به على الجزائريين أنفسهم، ويرى هؤلاء المعارضون، ومنهم كثير من المثقفين وبعض القادة السياسيين، أن الانفصاليين مشكلة داخلية بما تستدعيه من تحملات مالية وسياسية وغيرها ومشكلة معرقلة للاندماج المغاربي وقد تتحول إلى كارثة إذا ما دفعت المنطقة بسببهم إلى الحرب التي يسعون بكل الوسائل لإشعالها.
وهناك من يصلون إلى حد القول أن الجزائر صارت أسيرة للكمشة الانفصالية التي تتحكم نفسيا في سلوك بعض المسوؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم وزير الخارجية الحالي رمطان العمامرة الذي صنع موقعه باستغلال مشكلة الصحراء، والذي يحاول استعمالها استعمالا شخصيا في إطار الحرب الدائرة وسط النظام لخلافة بوتفليقة.