اعترف عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري أو الواجهة المدنية للنظام العسكري، متأخرا بوجود أزمة بنيوية في الجزائر، تفوق بكثير التغيرات التي تعرفها أسعار النفط والغاز في السوق الدولية، وأوضح أن "مداخيل الجزائر من النفط حتى في حال ارتفاع أسعاره في السوق الدولية، لن تكون كافية لتغطية الحاجيات الاقتصادية للبلاد مستقبلا". فالقضية لم تعد مسألة ارتفاع أو انخفاض سعر المحروقات، ولكن الأزمة توجد في النظام الاقتصادي الجزائري، الذي تم بناؤه منذ خمسين سنة على الريع، واستغلال جزء بسيط من الموارد المالية للجزائر في إسكات الشعب، لكن دون مرافقة نظام الرعاية الاجتماعية البئيس بنظام للتنمية البشرية والاقتصادية.
وفي حوار مع مجموعة "أوكسفورد بيزنس" البريطانية، قال بوتفليقة، أو من يكتب حواراته لأن الرجل عاجز تماما عن الحراك، "اليوم أصبح واضحا أن هذه المواد الأولية لا يمكن أن تكون قاعدة لتنميتنا الاجتماعية والاقتصادية، وحتى في حال ارتفاع أسعار البترول مستقبلا، لن تكفي لتغطية كل حاجياتنا الاقتصادية، لذلك من المهم التحرك ووضع الإستراتيجيات اللازمة لضمان مستقبل أفضل".
وأشار بوتفليقة في ذات الحوار إلى أن السلطات "أطلقت نموذجا للنمو الاقتصادي، تضمن استراتيجيات ضبط للميزانية على المدييْن القريب والمتوسط، وتم إدراج إطار للميزانية يمتد بين 2016و2019، يأخذ في الحسبان المناخ الاقتصادي الحالي، وأيضا توفير دعم للفئات الهشة، من أجل هدف مركزي، هو تطوير اقتصاد سوق ناشئ، كما أن الهدف من هذه الإجراءات هو التحكم في العجز ومستوى المديونية الخارجية".
وقال "إن التدابير التي اتخذناها خلال السنوات الأخيرة، جعلتنا في وضع آمن أمام انهيار أسعار النفط منذ منتصف العام 2014، والجزائر من الدول القلائل المنتجة للمحروقات، التي تواصل خلق مناصب شغل وتحقيق نمو اقتصادي في حدود 3.9 بالمائة عام 2015".
الشيء الوحيد الذي لم يقله بوتفليقة في الحوار المذكور، هو أن انهيار الأسعار كانت له نتائج كارثية على الشعب الجزائري، وأن لغة التفاؤل وتعافي الاقتصاد الجزائري مجرد لغة استهلاكية موجهة للخارج وللشعب المحروم، لأن الحكم العسكري لم يجد أمامه من خيارات سوى أن يلجأ إلى سياسة التقشف في بلد مبني على نظام الرعاية الاجتماعية مما أضر بقوت الفئات الفقيرة، التي لم تعد قادرة على توفير أبسط الحاجيات اليومية.