في سياق النمو القوي الذي تشهده الصناعة المغربية، استطاع قطاع صناعة الطيران، الذي كان شبه منعدم في السابق، أن يفرض نفسه كأحد المجالات الصناعية الواعدة بالمغرب. ويعزى التطور المتنامي لصناعة الطيران بالمغرب، التي تتركز أساسا بمنطقة الدارالبيضاء، (من بين 97 هكتار من الوعاء المخصص للمنظومات الصناعية لقطاع الطيران هناك 63 في المئة تتواجد بالنواصر) إلى استقطاب المملكة للعديد من كبريات الشركات العالمية الرائدة في القطاع (من قبيل بومبارديي وإيدز، وبوينغ، وسافران وليسي وايروسباس، ولو بيستون الفرنسي، وداهير ، وصوريو وراتيي وفيجياك، وإياتون ، واوكا وأيروليا).
وشهد قطاع الطيران طيلة 10 سنوات نموا ملحوظا، وهو ما يؤكده عدد الفاعلين في القطاع الذي وصل إلى 121 شركة عالمية، الشيء الذي جعل المملكة تحتل المرتبة ال15 عالميا في مجال استثمارات قطاع الطيران.
وساهم تطور الفروع المتنوعة لصناعة الطيران (أسلاك، مكونات الميكانيك، توصيلات كهربائية، تغليف داخلي) في تموقع المغرب كوجهة مفضلة لقطاع المناولة في المجال إلى جانب قدرته على استقطاب مزيد من كبريات الشركات العالمية العاملة في القطاع.
وبفضل هذه المكتسبات فإن صناعة الطيران توفر حاليا أزيد من 11 ألف منصب شغل وتحقق مليار دولار كرقم معاملات وهو ما يؤشر على أن المغرب اصبح ضمن دائرة الدول الصاعدة في مجال صناعة الطيران.
ويعزى النمو الذي يعرفه القطاع بالمغرب، لمخطط التسريع الصناعي (2014-2020) الذي تم إطلاقه سنة 2014، وتم تدعيمه في يوليوز 2015 من خلال التوقيع على عقود استثمار ما بين وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي والشركات المعنية من اجل مواكبة أربع منظومات صناعية مهيكلة في فروع التوصيلات الكهربائية والميكانيك وتصنيع المعادن والتركيب أو التجميع الميكانيكي.
وستمكن المنظومات الصناعية الأربع المغرب في افق سنة 2020، من خلق 23 الف منصب شغل جديد، وهو ما يساوي ثلث المناصب الموجوة حاليا، ومن مضاعفة رقم معاملات التصدير الذي سيرتفع إلى 16 مليار درهم ، وتحقيق نمو إدماج محلي بنسبة 35 في المئة، واستقطاب 100 فاعل جديد.
كما ستساهم هذه المنظومات الصناعية في احتلال القطاع موقعا متميزا في مسلسل التنمية وولوج الاقتصاد الوطني مرحلة جديدة ستشهد انبثاق مهن جديدة ذات قيمة مضافة عالية ومحتوى تكنولوجي قوي.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق برنامج مواكبة مندمج ومبتكر وكذا تقديم دعم مالي ملائم، لتحفيز مقاولات منظومات صناعة الطيران بما يتيح لها إمكانية ولوج أسواق جديدة في هذا المجال، خاصة بالدول الصاعدة، ويعزز تنافسيتها ويستجيب لمتطلبات السلامة ويوفر منتوجا ذا جودة عالية.
ويتمثل الدعم المقدم أيضا للمقاولات المتخصصة في هذا المجال الصناعي، في تقديم عرض تكويني مخصص لتأهيل مهنيي القطاع من خلال منح مساعدات مباشرة يمكن ان تتجاوز 6000 اورو لكل شخص ، وكذا عرض في ما يتعلق باستئجار العقار بأثمنة تنافسية.
لذلك فإن صناعة الطيران الصناعة الواعدة بامتياز، والتي تشهد توسعا غير مسبوق في المغرب، تعتبر من بين القطاعات التي تحظى بالأولوية في مخطط التسريع الصناعي.
وبفضل الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لهذا القطاع الواعد، بات هذا الأخير يتوفر على مؤهلات مهمة مكنته من تعزيز مكانة المملكة في مجتمع المعرفة واستشرافها لمستقبل صناعي أفضل من خلال إطلاق مهن جديدة ذات حمولة تكنولوجية قوية.
وهكذا، يواصل المغرب، تكريسا لمكانته كوجهة مفضلة لدى الفاعلين الدوليين في مجال صناعة الطيران، خطواته الكبيرة على درب تطوير هذه الصناعة ذات المؤهلات الكبرى والتي يراهن عليها كقطاع واعد، باعتبارها واحدة من المهن ذات البعد العالمي.
كما أن المبادرات الملكية العديدة في هذا المجال، ومن ضمنها ترؤس جلالة الملك الثلاثاء بالقصر الملكي بطنجة، حفل التوقيع على بروتوكول اتفاق يهم إحداث منظومة صناعية لمجموعة "بوينغ" بالمغرب، ستمكن قطاع صناعة الطيران بالمغرب من تحسين تموقعه بشكل أفضل على الصعيد العالمي. وسيهم هذا المشروع الوازن، الذي يعد ثمرة شراكة بين المملكة المغربية، وبين مجموعة "بوينغ" المصنفة رقم واحد عالميا في مجال صناعة الطائرات ، هيكلة منظومة تتألف من الممونين وإعداد أرضية للتموين مقرها المغرب.
وكان وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، قد اكد في تصريحات صحفية، على اهمية الفرص الواعدة التي يتوفر عليها المغرب في مجال صناعة الطيران.
وأضاف أن رائد صناعة الطيران العالمية “بوينغ” يمكن أن تمثل نموذجا للشراكة بين القطاعين العام والخاص في المغرب من خلال تطوير منظومة صناعية شاملة على أساس المنفعة المشتركة، مشيرا إلى أن المملكة ماضية قدما في تطوير صناعة الطيران، من خلال التموقع كفاعل لا محيد عنه في هذا القطاع على الصعيد الدولي.