مثلت تصريحات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حول مغاربة العالم منعطفا خطيرا في تاريخ السياسة المغربية بخصوص المهاجرين، فعوض أن يتم استقبالهم بصدر رحب والتفكير في إدماجهم سياسيا من خلال ممثلين عنهم في البرلمان أو أية صيغة أخرى طلب منهم بنكيران أن يندمجوا في مجتمعات الاستقبال وينسوا المغرب. التصريحات، التي أطلقها بنكيران، خلال لقاء مع أعضاء حزبه المقيمين بالخارج، اعتبرها المهتمون تصريحات ملغومة وخطيرة جدا، حيث تسعى إلى إفراغ المغرب من أبنائه، ففي الوقت الذي يسعى المغرب لأن يندمج أبناؤه في مجتمعات الاستقبال فهو يريد من جانب آخر ربطهم بوطنهم الأم، بينما دعوة بنكيران تسعى إلى قطع الحبل السري بينهم وبين بلدهم.
ولم يستغرب الكثيرون لهذه التصريحات لأنها صادرة عن رئيس حكومة لا يؤمن أصلا بشيء يسمى الوطن، ويعتبر الأمة هي الأصل بل يعتقد أن المهاجرين هم الفاتحون الجدد لديار الكفر.
وفي السياق ذاته عبر اتحاديو أوروبا عن رفضهم التام للتصريحات الصادرة عن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، التي تتعلق بمغاربة العالم، وقال مناضلو الاتحاد الاشتراكي في بيان صادر عنهم "لقد تلقى مغاربة العالم ومنهم المنتمون للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأوروبا باندهاش كبير، تصريح بنكيران، الذي هاجم فيه مغاربة العالم بشكل غير مسبوق، و دعاهم في اجتماع حزبي لأنصاره إلى التنكر لوطنهم المغرب والاندماج بشكل نهائي في بلد الإقامة، وعدم المطالبة بحقوقهم في مواطنة كاملة، ومنها المشاركة السياسية".
واعتبر البيان أن هذه التصريحات "تتناقض مع شعارات حزبه، مما يعكس السكيزوفرينيا والتعارض المقصود في الخطاب والممارسة لبنكيران وحزبه، وممارسة الغموض والعبث، كما هي عادة حزب العدالة والتنمية في ممارسة العمل السياسي في المغرب".
وأعلن الاتحاديون في أوروبا انعدام المسؤولية لدى رئيس الحكومة وجهله التام بالتشكيلة الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمغاربة العالم، الشيء الذي لا يليق برئيس حكومة لدولة عريقة كالمغرب.
وعبروا عن اندهاشهم وامتعاضهم من هذه التصريحات غير المسؤولة، واعتبروا أن المغرب في حاجة إلى رئيس الحكومة في مستوى ما راكمه المغرب في المجال السياسي والحقوقي والاقتصادي والاجتماعي، بفضل تضحيات القوى الديمقراطية الوطنية المغربية وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
واتهم اتحاديو أوروبا بنكيران بعد الالتزام بتفعيل دستور 2011 والذي خول لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة لم تتوفر لسابقيه وعلى الخصوص حكومة التناوب برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وتعطيل الدستور وعدم إخراج القوانين التنظيمية وخصوصا المواد "16-17-18-163" المتعلقة بمغاربة العالم، والتجاهل التام للتوجيهات والخطب الملكية الداعية إلى إشراك مغاربة العالم في المؤسسات الدستورية، والعمل على تقوية روابطهم بالوطن.
وأكد الاتحاديون أن ازدواجية خطاب حزب العدالة والتنمية من شأنها أن تزيد من انعدام ثقة المغاربة في هذا الحزب الذي يمارس التقية في كل القضايا الحيوية للوطن، وأعلنوا تصديهم بكل الوسائل المشروعة إلى كل من تسول له نفسه إلغاء من الوطن أكثر 5 ملايين مهاجر مغربي يساهم وبفاعلية كبيرة في الاقتصاد الوطني والدفاع عن القضايا الحيوية للمغرب وعلى رأسها القضية الوطنية.