عندما سمع الملياردير الثوري كريم التازي، صاحب شركات ريشبوند، نداء يقول "لا عاصم اليوم من أداء الضرائب" قال إني سألجأ إلى جبل يحميني ولم يجد أمامه سوى جبلا منفوخا من الريش يسمى حركة 20 فبراير، وتحول من رب عامل قاهر للعمال ومستغل للطبقات الكادحة إلى ملياردير ثوري يمول قادة "الثورة"، الذين وجدوا في عطاياه ملاذا لتأمين مستلزمات المتعة الراقية، وظن صاحبنا أنه فعلا "قطع الواد ونشفت رجلاه". لا نعرف مليارديرات تحولوا إلى ثوريين باستثناء حسين عبد الرزاق، الشيوعي المصري، الذي رفض ثروة العائلة الإقطاعية واشتغل مياوما في مقر الحزب الشيوعي في أربعينات القرن الماضي وبقي طوال حياته زاهدا، اما صاحب اليخوت التي يساوي واحد منها ثمانية ملايير، التي يمكن أن تبني مساكن لحومة كاملة فإنه اكتفى بتوزيع "الياغورت" في مسيرات المشي الأحدي وأداء ثمن العشاءات الفاخرة على قادة "الثورة".
يعيش الملياردير الثوري شيزوفرينا خطيرة. يحلم بمغرب على مقاس ثورته لكنه يحمل جوازا فرنسيا، خلق لديه وهم الرجل المحمي ناسيا أن المغرب دولة مستقلة. يدافع عن حقوق الكادحين في مسيرات المشي الأحدي لعشرين فبراير ويسحقها سحقا في معامله. ووقعت فيها كوارث اجتماعية لم يأبه بها الثوار تحت تأثير الخمرة الرفيعة الذوق التي يؤدي ثمنها الملياردير الثوري.
من العقد التي يعاني منها كريم التازي هو محاولة مسح صورة الإقطاعي، الذي ورث ثروة يعرف جيدا كيف تجمعت لدى العائلة، وما زال محرجا من الصور التي نشر دون أن يدري بهبوب رياح 20 فبراير، حيث نشر على مواقع التواصل الاجتماعي صور رحلته عبر المحيط الأطلسي عبر يخت رفيع المستوى.
الملياردير الثوري صاحب المعامل الكبرى زاحم فقراء البلد على أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فتقدم الملياردير ووالدته بطلب للحصول على غلاف مالي من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تشييد مشروع اجتماعي اقتصادي فوق أرض في ملكية العائلة.
وفعلا، تم قبول الطلب وضخت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مبلغا قدره 500 مليون سنتيم لكريم التازي ووالدته. بعدها زارت عائلة التازي مكتب عامل المنطقة بالدار البيضاء من أجل الحصول على ترخيص بفتح المركب الاقتصادي الاجتماعي الذي تم الانتهاء من تشييده. العمالة رفضت منح الرخصة للعائلة، والسبب هو أن المجمع الاقتصادي الاجتماعي، الذي أنفقت من أجله المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 500 مليون سنتيم، لم يكن، في حقيقة الأمر، سوى "قيسارية".
وقبل أن تكون ثوريا لابد أن تكون مواطنا، ومن شروط المواطنة أداء الضرائب لأنها حق الشعب أولا، وبواسطتها تشيد المشاريع، لكن الملياردير الثوري يعتبر من أكبر المتهربين ضريبيا.