أصدر جلالة الملك محمد السادس تعليماته بالتكفل بنفقات مراسيم دفن عبد الجبار السحيمي عميد الصحافة المغربية والأديب الكبير مدير نشر جريدة العلم ورئيس تحريرها منذ خمسينيات القرن الماضي الذي توفي صباح اليوم الثلاثاء، كما قرر جلالة الملك التكفل بمراسيم العزاء لمدة ثلاثة أيام كاملة.
وشكلت وفاة السحيمي أحد مؤسسي الصحافة المغربية في النصف الثاني من القرن العشرين، خسارة كبيرة للحقل الصحافي المغربي، خصوصا أنه كان أحد أبرز الكتاب الصحافيين طيلة أربعة عقود.
بدأ الراحل العمل في جريدة العلم كمحرر أيام كانت تضم جهابدة الصحافة الوطنية، وتدرج في مختلف أقسام التحرير قبل أن يصل إلى منصب رئيس تحرير على عهد الكاتب والأديب عبد الكريم غلاب، ثم مديرا لها بعد تقاعد غلاب.
وبالنظر إلى وضعيته كصحافي متمرس فقد كرس جزء من حياته في تكوين العشرات من الصحافيين الذين حملوا مشعل الكلمة من بعده، حيث كان أستاذا ومربيا وأبا لعدد من الصحافيين، كما تميزت كتاباته الصحفية والأدبية بالجرأة، فكان مدافعا عن حرية الرأي ومناضلا من أجل إثبات الذات ومقاومة كل أشكال الوصاية على القلم الصحافي، مما جر عليه كثيرا من المتاعب التي كان يعتبرها جزء من المهنة التي كان يمارسها.
وقد منحت كتاباته إكسير الحياة لعدد من الصحافيين، خصوصا أنه كان يستشعر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه كمسؤول عن التحرير يقاوم كل المضايقات التي كانت تتعرض لها الصحافة التي أرادها مستقلة وغير تابعة لأي جهة من الجهات، فكان صبورا قنوعا راضيا، لكنه أيضا كان يرفض أي تبعية أو إذلال للصحافي، كما كان مجددا ومنبعا للكلمة الصادقة النابعة من مواقف الوطنية التي تشبع بها وأخذ مبادئها عن كبار المقاومين الوطنيين في مقدمتهم علال الفاسي.
لقد كان رحمه الله مؤثرا وفاعلا في القارئ المغربي، حرا يعي أهمية الكلمة في شحذ الهمم، مشاركا في بناء مغرب ما بعد الإستقلال، ثائرا في وجه التقاليد، مدافعا عن الصحافة المسؤولة والملتزمة والمدافعة عن القيم والتقاليد.
ساهم السحيمي في إبراز عدد من الأقلام الصحفية المغربية، حيث تتلمذ على يديه جيل من الصحفيين في جريدة العلم أصبح كثير منهم كبار اليوم.
رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون